صرخات الصمت.. جرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية على تيك توك تهزّ لبنان

صرخات الصمت.. جرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية على تيك توك تهزّ لبنان

كابوس الأطفال.. قصة العصابة المشهورة على تيك توك تخيم على لبنان

صدمة لبنان.. قصة الأطفال الضحايا وأبطال العصابة المشهورة على تيك توك

يعيش لبنان حالة من الذعر والخوف بعدما انتشرت قصة صادمة تفاقمت فيها المخاوف من أمن الأفراد وسلامة أطفالهم، تتعلق بعصابة منظمة تضم بعض المشاهير على تطبيق تيك توك، حيث يقوم أفراد هذه العصابة باستدراج العديد من الأطفال إلى صالون حلاقة وشاليهات، ليجدوا أنفسهم ضحايا لجرائم الاغتصاب والاعتداء الجنسي وعمليات التخدير المروعة.

استطاع مكتب الجرائم المعلوماتية في لبنان تتبع بعض أعضاء هذه العصابة، وتم توقيف 6 أشخاص من بين حوالي 30 فرداً، وكان ثلاثة من الموقوفين هم من مؤثري تيك توك، ومن بينهم صاحب محل للحلاقة يمتلك صفحة على التطبيق الشهير، ويتابعه عشرات الآلاف من المتابعين. 

ويقوم هذا المؤثر عادةً، حسب ما أفاد عدد من الضحايا، بتصوير ضحاياه الأطفال الصغار والمراهقين أثناء تصفيف شعرهم في الصالون، وينشر تلك اللقطات في فيديوهات ساخرة ومع تصفيفات شعر غير مألوفة، بهدف جذب المزيد من الشباب إلى محله، ويتمتع هذا الشخص بقدرة عالية على خداعهم. 

وقد تمت استضافته سابقًا في إحدى المحطات التلفزيونية المحلية، حيث تم تقديمه كمؤثر ينشر "البهجة" في صفوف متابعيه، وفي إحدى الحلقات، وضع عددا من قطع الفلفل الحار على رأس أحد الشبان، كـ"ستايل" جديد لتصفيف شعره، وقد اشتهر بعبارته المعروفة "حبيبي بتشرب شي؟". 

وقدمت قوى الأمن الداخلي في لبنان بيانًا يؤكد وجود معلومات حول جرائم اعتداء جنسي وتصوير تعرض لها قاصرون على يد عصابة منظمة، وتشير الشهادات إلى أن هؤلاء الأشخاص تم تعريضهم للاعتداء والتصوير، بالإضافة إلى إجبارهم على تعاطي المخدرات في عدة فنادق، تم توقيف 6 أشخاص حتى الآن، بما في ذلك 3 مشهورين على تطبيق تيك توك، وهم من جنسيات لبنانية وسورية وتركية. 

وتصنف أعمال هذه العصابة قضائيًا كجرائم اعتداء على القاصرين والاتجار بالبشر، ويتم استكمال التحقيقات والملاحقات للقبض على جميع أفراد العصابة في لبنان، وتفيد المعلومات أيضًا بأن العديد من الأطفال والمراهقين وقعوا ضحية لهذه العصابة. 

وقد تم إبلاغ السلطات بواسطة أحد المراهقين بعد تعرضه للاعتداء الجنسي وتعرضه لنزيف حاد، تسبب ذلك في توالي الشهادات في النيابة العامة. 

وتشير الشهادات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن مصفف الشعر يتواصل مع الأطفال ويدعوهم لزيارة محله لتصوير فيديوهات تنشر على تيك توك، ثم يدعوهم إلى الفنادق والشاليهات في منطقة بيروت وجبل لبنان، حيث يتم ارتكاب الاعتداءات الجنسية عليهم وتسجيلها بالفيديو، بالإضافة إلى إجبارهم على تعاطي المخدرات. 

ويرى حقوقيون أن تلك القصة تظهر لنا مدى خطورة التلاعب بالثقة وسلامة الأطفال، فالتأثير السلبي المتعمد على الشباب والأطفال لأغراض شخصية مشينة يجب أن يواجه بكل قوة وعزم، وأنه على الجهات المعنية في لبنان أن تتخذ إجراءات صارمة لحماية الأطفال والشباب وضمان أن سيتم تقديم العدالة لكل من أوذي وتعرض للاستغلال، مع وجود توعية شاملة حول خطر التلاعب الرقمي والاحتيال على وسائل التواصل الاجتماعي وضرورة حماية الأطفال والمراهقين من الأفراد الذين يستغلونهم لأغراض ضارة. 

بينهم

صدمة وألم للمجتمع اللبناني

وقال هاني نصار مدير مؤسسة بربارا الصحية بلبنان، لدينا في لبنان بيئة غير صحية وغير آمنة على الكبار قبل الصغار، لقد شكّل الوضع الاقتصادي حياة صعبة يحياها اللبنانيون، انعكس تباعية على الوضع الصحي والتعليمي والمعيشي وزادت نسبة الجريمة والانفلات الأمني وكذلك الأخلاقي، ولذا كانت نتيجة طبيعية ما نشر بخصوص اغتصاب الأطفال، خاصة في السنوات الأخيرة، على الجميع أن يعملوا معًا لتوفير بيئة آمنة ومحمية للأطفال والشباب، حيث يمكنهم التعلم والنمو دون خوف أو تهديد، فقصة الأطفال الضحايا وأبطال العصابة المشهورة على تيك توك تجلب لنا الألم والصدمة، ولكنها تدفعنا أيضًا للعمل المشترك لمنع مثل هذه الجرائم البشعة من الحدوث مرة أخرى. إنها تذكرنا بأننا بحاجة إلى النهوض بالوعي والتوعية والعمل الجماعي لحماية أبريائنا وضمان مستقبل آمن للأجيال القادمة.

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست"، لحماية الأطفال والمراهقين من العصابات المتورطة في الاعتداءات الجنسية والابتزاز الإلكتروني، يتطلب الأمر اتخاذ سلسلة من الخطوات الهامة والتدابير الوقائية التي يمكن أن تساهم في تحصينهم من هذه التهديدات.

وأضاف: أين الدور المجتمعي والحكومي من التوعية والتثقيف لدى الأطفال والمراهقين وأولياء الأمور حول المخاطر المرتبطة بالاعتداءات الجنسية والتصوير غير المشروع والابتزاز الإلكتروني؟ ينبغي تقديم معلومات تثقيفية واضحة حول الأساليب التي يستخدمها المجرمون لاستدراج الضحايا وكيفية التعرف على علامات الاحتيال والخداع، هذا الأمر أفعله مع أولادي، ويجب أن يشجع الأهل والمعلمون على إقامة حوار صريح ومفتوح مع الأطفال والمراهقين حول السلامة الشخصية وحقوقهم. 

وتابع، في تربيتي لأبنائي، أشعرهم بالراحة في التعامل والصراحة في كل شيء، ويجب أن يشعر الأطفال بالراحة في الحديث عن أي تجربة سيئة قد يمرون بها، وأن يتم توفير بيئة داعمة تشجعهم على البحث عن المساعدة دون خوف أو تردد، تعتبر الحماية الرقمية ضرورة قصوى في عصرنا الحالي، من المهم تعزيز الوعي بأمان الإنترنت والوسائط الاجتماعية وتعليم الأطفال والمراهقين كيفية الحفاظ على خصوصيتهم عبر الإنترنت، ويجب إرشادهم لتجنب مشاركة المعلومات الشخصية أو تحميل الصور الحساسة، وذلك للحد من خطر الاستغلال.

الوكالة الوطنية للإعلام - هاني نصار: إرحموا مرضى السرطان وأبعدوهم عن  التجاذبات السياسية

ضوابط تكنولوجية وتشريعات قانونية 

في ظل التحديات المتزايدة التي تفرضها الجرائم الإلكترونية والاعتداءات الجنسية على الأطفال عبر الإنترنت، تتنامى الحاجة إلى ضوابط تكنولوجية وتشريعات قانونية صارمة لضمان حماية الفئات الأكثر عرضة للخطر.

وفي ذلك تقول ليلى حداد، المحامية والبرلمانية التونسية السابقة: مع تزايد استخدام المنصات الرقمية مثل TikTok، يصبح من الضروري اتخاذ خطوات جدية للحد من المحتوى الضار والممارسات غير القانونية، من بين التدابير الهامة التي يمكن تطبيقها، تأتي التنظيمات التكنولوجية في مقدمة الجهود الرامية لحماية المستخدمين، يمكن للحكومات والهيئات التنظيمية فرض قيود تقنية تحد من وصول المحتوى الضار إلى الجمهور، مثل تحديد أعمار المستخدمين وتطبيق الرقابة الصارمة على المحتوى إضافة إلى ذلك، يمكن استخدام تقنيات متقدمة للكشف عن الصور والفيديوهات غير القانونية، ما يسهم في منع انتشار المواد الإباحية المتعلقة بالأطفال، على صعيد آخر، تلعب التشريعات القانونية دوراً محورياً في مكافحة هذه الجرائم، وتعتمد العديد من الدول قوانين صارمة تنظم استخدام المنصات الرقمية وتفرض عقوبات رادعة على مرتكبي الجرائم الجنسية، تشمل هذه القوانين مواد قانونية تعاقب بشدة على الاعتداءات الجنسية على الأطفال، وتفرض عقوبات على الأفراد الذين يروجون للمحتوى الضار أو يشاركون فيه. 

وأضافت في تصريحات لـ"جسور بوست"، يشكل الاعتداء الجنسي على الأطفال جريمة جنائية خطيرة في القانون اللبناني، الذي ينص على حماية الأطفال ويعاقب المعتدين بعقوبات صارمة، ومنذ عام 2014، شهد القانون الجنائي اللبناني تعديلات مهمة تهدف إلى توسيع نطاق تعريف الاعتداء الجنسي وتشديد العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم، تشمل هذه التعديلات أحكاماً تتعلق بالسجن وإجراءات قانونية تهدف إلى حماية ودعم الضحايا، مما يعكس التزام السلطات اللبنانية بمكافحة هذه الجرائم وضمان تحقيق العدالة للأطفال الضحايا.

واستطردت، التعاون بين الجهات المعنية يشكل ركيزة أساسية في هذه الجهود، ويحتاج الأمر إلى تنسيق مستمر بين الحكومات، والمنصات التكنولوجية، والمؤسسات الأمنية والقضائية لضمان تطبيق القوانين بفعالية وملاحقة المجرمين، ويعد التبادل الفعال للمعلومات والتعاون في التحقيقات أمراً ضرورياً لتقديم الجناة إلى العدالة وتقييد نشاطاتهم. 

ليلى الحداد:

وأتمت، من الواضح أن التصدي للجرائم الإلكترونية والاعتداءات الجنسية على الأطفال يتطلب تكامل جهود تكنولوجية وقانونية فعالة، ويتعين على الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني العمل جنباً إلى جنب لمواجهة هذه التحديات، وضمان بيئة آمنة للجميع.

 قنوات آمنة وسرية

بدورها، قالت الحقوقية عزة سليمان: كل زمن وله أدواته، ومن أدوات هذا العصر التكنولوجيا الرقمية والمنصات الاجتماعية، والتي يكثر عليها الجرائم وانتهاك حقوق الإنسان والأطفال لضعف الرقابة، ومن المهم تشجيع الأطفال والمراهقين على الإبلاغ عن أي اعتداء جنسي أو انتهاك يتعرضون له، يجب أن تتوفر قنوات آمنة وسرية للإبلاغ، مثل خطوط المساعدة أو الجهات الرسمية المختصة، لضمان حماية الضحايا وتشجيعهم على اتخاذ الخطوة الأولى نحو العدالة.

وأضافت سليمان في تصريحات لـ"جسور بوست"، بالإضافة إلى ذلك، يجب توفير الدعم النفسي والطبي للضحايا لضمان تعافيهم ومساعدتهم على تجاوز الصدمة، أيضًا تنقيح القوانين المتعلقة بحماية الأطفال ومكافحة الجرائم الجنسية والاتجار بالبشر، وضمان تطبيقها بصرامة، ومن الضروري معاقبة المرتكبين وتوفير العدالة للضحايا، لضمان أن تكون القوانين رادعة وفعالة في الحد من هذه الجرائم.

تبني هذه الإجراءات والتدابير الوقائية سيشكل درعاً واقياً يحمي الأطفال والمراهقين من العصابات الإجرامية، ويعزز بيئة آمنة ومحصنة ضد التهديدات المتنوعة التي قد تواجههم في حياتهم اليومية وعبر الإنترنت.

وأتمت، من المهم دائمًا التعاون مع محامٍ متخصص في قانون حماية الأطفال والتكنولوجيا للحصول على معلومات قانونية محدثة ودقيقة، يساعد المحامون المتخصصون في فهم عميق للتشريعات الحالية، وحقوق المستخدمين، والمسؤوليات المتعلقة بتنظيم المحتوى الرقمي، ويمكن للمحامي أن يقدم المشورة حول أفضل الممارسات لضمان الامتثال للقوانين وحماية الحقوق الأساسية للمستخدمين. 

قوانين حماية الأطفال وتنظيم التكنولوجيا في لبنان

وقال محمد شكري الخولي خبير الإلكترونيات، من المعروف أن التشريعات والتنظيمات في هذا المجال تتطور بسرعة لمواكبة التحديات المستمرة المتعلقة بالخصوصية والأمان على الإنترنت، يهدف هذا التطور إلى حماية المستخدمين من المحتوى الضار وضمان سلامة البيئة الرقمية، وتستخدم الحكومات حول العالم مجموعة من الأدوات لمراقبة المحتوى الضار على المنصات الرقمية، في هذا السياق، تتبنى العديد من الدول استراتيجيات تشمل فلاتر المحتوى والتي تعتمد على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد ومنع المحتوى الضار أو غير القانوني من الوصول إلى المستخدمين. تعمل الفلاتر على الكشف عن المواد الإباحية المتعلقة بالأطفال وغيرها من المحتويات غير المناسبة.

وعن آلية الإبلاغ أضاف في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، تتيح هذه الآليات للمستخدمين الإبلاغ عن المحتوى الضار أو المخالف للقوانين، وعند تلقي البلاغات، تقوم الجهات المختصة بدراسة المحتوى واتخاذ الإجراءات المناسبة، مثل حذفه أو اتخاذ خطوات قانونية ضد المسؤولين عن نشره، وتعمل الحكومات بشكل وثيق مع شركات التواصل الاجتماعي ومنصات الفيديو لمراقبة المحتوى الضار، ويتم تبادل المعلومات وتطوير تقنيات للكشف السريع عن المحتوى المسيء، مما يساعد في اتخاذ إجراءات فورية وفعالة.

وتابع، تفرض بعض الدول قوانين تلزم مزودي الخدمات الرقمية باتباع إجراءات محددة لمراقبة ومنع المحتوى الضار، تشمل هذه القوانين متطلبات تقديم تقارير دورية عن جهود المنصات في هذا المجال.

وأتم، يتطلب التصدي للجرائم الإلكترونية والاعتداءات الجنسية على الأطفال في لبنان تضافر الجهود القانونية والتكنولوجية. من خلال تطبيق القوانين الصارمة، وتعزيز التعاون بين الجهات المعنية، وتبني أحدث التقنيات، يمكن خلق بيئة آمنة للأطفال والمستخدمين على المنصات الرقمية.

 

 


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية