إسرائيل: الحرب في غزة مأساوية مثل كل الحروب لكنها ليست إبادة جماعية

أمام محكمة العدل الدولية..

إسرائيل: الحرب في غزة مأساوية مثل كل الحروب لكنها ليست إبادة جماعية

قال نائب المدعي العام الإسرائيلي للقانون الدولي، جلعاد نعوم، إن الصورة التي رسمتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية للوضع في غزة "منفصلة تماما عن الحقائق"، مضيفا أن الحرب في القطاع "مثل كل الحروب، مأساوية وفظيعة بالنسبة للإسرائيليين والفلسطينيين، وقد فرضت ثمنا إنسانيا باهظا، لكنها ليست إبادة جماعية".

وفي عرض رد إسرائيل على طلب جنوب إفريقيا من المحكمة باتخاذ تدابير مؤقتة إضافية في سياق قضيتها ضد إسرائيل بشأن تطبيق اتفاقية منع الإبادة الجماعية في غزة، قال نعوم: "إن وصف شيء ما بأنه إبادة جماعية مرارا وتكرارا، لا يجعله إبادة جماعية. تكرار الكذبة لا يجعلها حقيقة. هنا في قصر السلام (مقر المحكمة)، لا يمكن أن يكون الأمر خلافا لذلك" وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.

وبحسب المسؤول الإسرائيلي، فإن جنوب إفريقيا "تسخر من تهمة الإبادة الجماعية الشنيعة" في قضيتها ضد بلاده، وتستمر في تجاهل أن إسرائيل لم تكن تريدها ولم تبدأ بها. وقال إن إسرائيل تدافع عن نفسها في أعقاب هجمات 7 أكتوبر، التي "تعرض فيها آلاف المواطنين الإسرائيليين للذبح والتشويه والاغتصاب والإصابة بوحشية". 

وأضاف أن حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى تواصل إطلاق الصواريخ العشوائية على المدن والبلدات الإسرائيلية مما تسبب في أضرار على نطاق غير مسبوق، "وتدمير مجتمعات بأكملها"، وتشريد ما يقرب من 60 ألف شخص. وأضاف: "قد تمر سنوات قبل أن يتمكنوا من العودة إلى منازلهم وإعادة بناء مجتمعاتهم".

الطريق إلى السلام

وقال نعوم إن رفح هي معقل عسكري لحركة حماس وتشكل تهديدا كبيرا لإسرائيل، مضيفا أن الجماعة تحتجز رهائن إسرائيليين في المدينة. وأضاف: "فقط من خلال هدم معقل حماس العسكري في رفح، سيتم تحرير الفلسطينيين من قبضة النظام الإرهابي القاتل، ويمكن تمهيد الطريق إلى السلام والازدهار أخيرا".

وقال: "إن إسرائيل منخرطة في صراع مسلح مكثف مع منظمة إرهابية. وهي لا تستهدف المدنيين الإسرائيليين فحسب، بل تستخدم أيضا المدنيين الفلسطينيين لحماية نفسها في تجاهل تام لحياتهم أو للقانون. ومن خلال استغلال اتفاقية الإبادة الجماعية، تقترح جنوب إفريقيا قراءة ملتفة للقانون الدولي يمكن بموجبها تقديم أي نزاع مسلح إلى المحكمة".

الدفاع عن النفس

وقال نعوم إن إسرائيل لديها حق أصيل في الدفاع عن نفسها، وأضاف أن حرمانها من هذا الحق سيكون "نتيجة لا يمكن تصورها من شأنها أن تقول للمواطنين الإسرائيليين والرهائن إنهم لا يستحقون الحماية، أو الحياة نفسها، وتخبر الدولة الإسرائيلية بأنها ستعامل بشكل غير متساو وبطريقة تتعارض مع أبسط المبادئ القانونية".

وقال إن جنوب إفريقيا تطلب من المحكمة "الانخراط في الإدارة التفصيلية للجوانب العملياتية للنزاع المسلح"، وتريدها أن تأمر إسرائيل بالانسحاب من غزة للحصول على "ميزة عسكرية لحليفتها حماس التي لا ترغب في رؤيتها مهزومة".

لا أحد معصوم من الخطأ

وقال نعوم إنه لا توجد دولة "معصومة من الخطأ" وقد تقع حوادث تنطوي على انتهاكات مزعومة لقواعد الحرب. إلا أنه شدد على أن نظام إسرائيل القانوني "المستقل والقوي يعالج جميع ادعاءات سوء السلوك، بما في ذلك الأعمال العدائية الحالية"، وأن المدعي العام العسكري قد فتح 55 تحقيقا جنائيا حتى الآن.

وقال: "تذكر جنوب إفريقيا بعض الحوادث الفردية التي نشرتها وسائل الإعلام وتحاول تقديمها كدليل على سياسات غير قانونية. ومع ذلك، فإن الحوادث الاستثنائية هي مجرد أحداث استثنائية. إنها لا تثبت وجود سياسة سلوك غير قانوني، ناهيك عن سياسة الإبادة الجماعية، كما لا يمكن الاستشهاد بها كحقيقة حتى يتم إجراء الفحص المناسب".

وقال إن "النزاع المسلح ليس مرادفا للإبادة الجماعية"، مضيفا أن إسرائيل كانت ولا تزال ملتزمة "بالتصرف وفقا لالتزاماتها القانونية الدولية، بما في ذلك تلك المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني واتفاقية الإبادة الجماعية".

أدلة غير كافية 

وقال نائب المدعي العام الإسرائيلي إن جنوب إفريقيا تعتمد بشكل كبير في حجتها على وثائق أعدتها أطراف أخرى ولا يمكن أن تشكل دليلا كافيا وموثوقا في سياق واقع قتالي معقد. منوها بأن إجمالي عدد القتلى خلال الحرب ليس في حد ذاته دليلا على السلوك غير القانوني بموجب القانون الدولي، مضيفا أن حماس تخفي في هذه البيانات عدد المسلحين الفلسطينيين الذين قضوا من بين مغالطات أخرى، "وبهذه الطريقة، يمكن بسهولة تصوير النزاع المسلح على أنه إبادة جماعية".

وقال إن إسرائيل أوضحت أنه إذا تم إطلاق سراح الرهائن وألقت حماس أسلحتها، فإن الأعمال العدائية ستتوقف، وقد شاركت بشكل مكثف في المفاوضات لتحقيق هذا الغرض.

جهود إنسانية واسعة النطاق

من جانبها، قالت المستشارة القانونية لوزارة الخارجية الإسرائيلية، تمار كابلان ترجمان، إن ما لا يقل عن 132 طفلا وامرأة ورجلا ما زالوا محتجزين كرهائن "في ظروف لا يمكن تصورها"، حيث تواصل حركة حماس رفض إطلاق سراحهم والتخفيف من المعاناة الإنسانية التي جلبتها الحرب لجميع الأطراف المعنية من الجانبين".

وقالت إن بيان جنوب إفريقيا أمس كان "بغيضا للغاية، وبعيدا جدا عن الواقع، لدرجة أنه كان من الصعب تصديق أننا أمام محكمة قانونية"، مضيفة أن ادعاءاتها بأن إسرائيل قطعت المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية عن غزة "غير صحيحة على الإطلاق".

وقالت كابلان ترجمان إن إسرائيل تسمح وتسهل "المزيد والمزيد من المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين في جميع أنحاء قطاع غزة، من خلال عدد من المعابر بشكل يومي".

وأشارت إلى عمليات الإنزال الجوي التي شاركت فيها عدة دول، وقالت إن الرصيف العائم المؤقت الذي شيدته الولايات المتحدة بدأ العمل الجمعة ومن المتوقع أن يتيح توصيل ما يقرب من 2.2 مليون حصة غذائية يوميا "بواسطة برنامج الأغذية العالمي" حسب قولها.

وقالت: "ليس من الصعب رؤية أن إسرائيل تبذل جهودا مكثفة خلال الأشهر الأخيرة مع شركاء دوليين مختلفين لزيادة تقديم المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء قطاع غزة. لقد كانت هناك إنجازات ملحوظة، وتجاهل جنوب إفريقيا الكامل لهذا الواقع وهذه الحقيقة معبر بقدر ما هو مثير للقلق".

الخدمات الطبية 

وقالت المستشارة القانونية إن إسرائيل تواصل باستمرار تسهيل تعزيز الخدمات الطبية في جميع أنحاء قطاع غزة بأكمله، مضيفة أن جنوب إفريقيا "ستفعل خيرا إن أخبرت حليفتها حماس بالتوقف عن استغلال المستشفيات وغيرها من المواقع المحمية كمراكز قيادة عسكرية".

وفي ما يتعلق بمستشفى الشفاء، قالت إنه بعد أن "أعادته حماس كمركز عسكري"، اتخذ الجيش الإسرائيلي "خطوات استباقية تهدف إلى ضمان الرعاية الطبية المستمرة للمرضى الذين يعالجون في المستشفى هناك". وأضافت: "على الرغم من النشاط العسكري المكثف في المبنى، لم يصب أي مريض أو طاقم طبي بأذى خلال العملية التي قام بها الجيش الإسرائيلي".

لا مبرر لاتخاذ تدابير إضافية

وقالت كابلان ترجمان إن جنوب إفريقيا لم تثبت أي تغيير في الوضع يبرر "الإجراءات الصارمة" التي تطالب بها الآن. وأضافت أن موافقة المحكمة على طلب جنوب إفريقيا من شأنها أن تمكن حماس من إعادة تشكيل قواتها من أجل ارتكاب "فظائع السابع من أكتوبر مرارا وتكرارا كما تعهدت، وهو الحكم على الرهائن بالموت المحقق تقريبا". 

وأكدت أن الموافقة على طلب جنوب إفريقيا ستكون بمثابة "الوقوف إلى جانب منظمة إرهابية"، والتي ستحتفل بلا شك بأي قرار من هذا القبيل، على حد قولها.

يذكر أن هذه هي المرة الرابعة التي تطلب فيها جنوب إفريقيا من محكمة العدل الدولية اتخاذ إجراءات طارئة منذ أن بدأت الدولة في اتخاذ إجراءات ضد العمل العسكري الإسرائيلي في غزة باعتباره يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، بحسب وكالة أنباء أسوشيتد برس.

وقالت جنوب إفريقيا في طلبها الأخير إن الأوامر الأولية السابقة الصادرة عن المحكمة التي يوجد مقرها في لاهاي لم تكن كافية للتصدي "لهجوم عسكري وحشي على الملجأ الوحيد المتبقي لسكان غزة".

وطلبت جنوب إفريقيا من المحكمة أن تأمر إسرائيل بالانسحاب من رفح واتخاذ التدابير اللازمة لضمان الوصول دون عوائق لمسؤولي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والصحفيين إلى قطاع غزة، وتقديم تقرير خلال أسبوع واحد حول كيفية تلبية هذه المطالب.

وردا على القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا في 29 ديسمبر الماضي ضد إسرائيل، أمرت محكمة العدل الدولية في 26 يناير الماضي، تل أبيب باتخاذ "تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة".

وخلال جلسات الاستماع التي عقدتها محكمة العدل الدولية في وقت سابق من هذا العام، نفت إسرائيل بشدة ارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة وزعمت أنها تفعل كل ما في وسعها لتجنيب المدنيين وتستهدف فقط مقاتلي حركة حماس.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية