سليم الحق.. رمز عالمي كرَّمته الإمارات لإسهاماته في العمل المناخي

سليم الحق.. رمز عالمي كرَّمته الإمارات لإسهاماته في العمل المناخي
البروفيسور الراحل سليم الحق

كرّم رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الدكتور سليم الحق، بمنحه "وسام زايد الثاني" من الطبقة الأولى تقديراً لإسهاماته في العمل المناخي العالمي، بعد أن غيب الموت الدكتور سليم، فيما حضرت أسرته لتلقي الوسام.

الدكتور سليم الحق كان رمزاً عالمياً للعمل المناخي، حيث بذل جهوداً استثنائية على مدار عقود لدعم الدول والمجتمعات محدودة الدخل الأكثر تضرراً من تداعيات تغير المناخ.

شارك الدكتور سليم في 27 مؤتمراً للأطراف، كما كان عضواً فعالاً في اللجنة الاستشارية لرئاسة "كوب 28" حتى وافته المنية عن 71 عاماً في 28 أكتوبر الماضي، قبل انطلاق المؤتمر الذي استضافته الإمارات العام الماضي بنحو شهر. 

نبأ وفاة سليم الحق كان صدى عالميا من الحزن والمواساة، وأقر كثير من الشخصيات البارزة في مجال العمل المناخي بإنجازاته وبصمته المهمة على الساحة العالمية.

الدكتور سليم الحق كان عالماً بريطانياً من أصول بنغلاديشية، وأستاذاً في الجامعة المستقلة بدولة بنغلاديش، واختير ضمن أهم 10 علماء في تصنيف مجلة "نيتشر" لعام 2022، كما حصل في العام نفسه على وسام الإمبراطورية البريطانية لإسهاماته في مجال مواجهة تغير المناخ.

أسس البروفيسور الراحل المركز الدولي لتغير المناخ والتنمية في بنغلاديش عام 2019، ومن خلال منصبه كمدير مؤسس للمركز، أصبح صوتاً رائداً يمثل الدول النامية في مختلف الفعاليات والمناسبات والمفاوضات المناخية.

وأسهمت جهوده في توافق العالم بعد وفاته على تفعيل وبدء تمويل الصندوق العالمي المختص بالمناخ ومعالجة تداعياته في اليوم الأول لـ«كوب 28»، ما أثبت جدية دولة الإمارات في مواجهة هذا التحدي العالمي البارز، وكفاءة رئاسة المؤتمر.

كان سليم الحق من أكثر علماء المناخ احتراماً على المستوى العالمي، ونادى بمسؤولية الدول المتقدمة عن انبعاثات غازات الدفيئة الرئيسية، وأهمية قيامها بتوفير التمويل اللازم للشعوب الأكثر تعرضاً لتداعيات تغير المناخ في الجنوب العالمي.

كرسَّ سليم الحق حياته للدفاع عن حقوق المجتمعات الأكثر عرضة لتغير المناخ، ولاقى صعوبات بالغة، منها ضعف التمويل والوعي في الدول النامية.

وبفضل جهوده استطاعت بنغلاديش خفض عدد ضحايا الفيضانات من خلال نهج ساهم فيه المجتمع كله، وركّز على تحسين نظم الإنذار المبكر، وبناء الملاجئ، والتتبع والرصد باستخدام الأقمار الاصطناعية، لتصبح بنغلاديش نموذجاً عالمياً في مواجهة تداعيات تغير المناخ.

ومن أقواله "يصل كل يوم أكثر من ألفي نازح بسبب المناخ إلى دكا، سيراً على الأقدام وبالدراجات والقوارب والحافلات، ويختفون في أحياء المدينة، حيث لا يعتني أحد بهم، رغم أنهم أجبروا على النزوح بسبب تغير المناخ الناتج عن الممارسات البشرية".

ونجح الدكتور سليم الحق في وضع نهج سمّاه «التكيف التحويلي»، وتطبيقه بمدينة مونغلا في بنغلاديش، التي تبنت توصيات المركز الدولي لتغير المناخ والتنمية، وأصبحت نموذجاً لإدارة الكوارث والتكيف والمرونة مع أزمة تغير المناخ.

وُصف سليم الحق بأنه صديق الصحفيين، إذ كان أول خبير يقصده الكُتّاب في مجال تغير المناخ للاستفادة من خبراته وسهولة التواصل معه.

 وفي حديث لبلومبرغ عقب وفاته، قالت راشيل كايت، مبعوثة الأمم المتحدة السابقة للمناخ، وعميدة مدرسة فليتشر في جامعة تافتس الأمريكية، إنه تميز بأسلوبه الرائع في تبسيط الحقائق العلمية وسردها بطريقة يفهمها الجميع.

فيما قال فرحان يامن، وهو محامٍ وخبير قانوني في المجال المناخي، إنه أحد أهم رواد العمل المناخي المهتمين بخدمة البشر وتلبية احتياجاتهم.

وفي رسالة مفتوحة وجهها إلى رئيس "كوب 28" قبل وفاته، قال سليم الحق إن له هدفاً واحداً، وهو إنشاء وتفعيل صندوق جديد مختص بالمناخ ومعالجة تداعياته خلال المؤتمر، ورغم رحيله قبل تحقق رؤيته، فإن جهوده ساعدت على تحقيق النتيجة الباهرة التي تم التوصل إليها في اليوم الأول من المؤتمر بتفعيل الصندوق وترتيبات تمويله الذي بلغ مبدئياً 792 مليون دولار من التعهدات الدولية، ضمنها 100 مليون دولار من دولة الإمارات.

وفي رسالته الأخيرة للدكتور سلطان الجابر، رئيس "كوب 28"، أعرب سليم الحق عن ثقته بأن قمة المناخ في الإمارات تدشن عهداً جديداً للعمل المناخي، بصفته أول مؤتمر للأطراف ينجح في معالجة موضوع "الخسائر والأضرار".

وبالفعل نجحت خطة رئاسة المؤتمر في تخليد جهود سليم الحق، لتمهِّد الطريق أمام تغيير إيجابي جذري في العمل المناخي يدوم أثره ومنافعه في حياة البشرية جميعا.

 


 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية