"أبارتاهيد سموتريتش".. إسرائيل تمرر أخطر قوانينها لمنع إقامة الدولة الفلسطينية
"أبارتاهيد سموتريتش".. إسرائيل تمرر أخطر قوانينها لمنع إقامة الدولة الفلسطينية
في خطوة جديدة من إسرائيل لمنع إقامة الدولة الفلسطينية، شرعنت الحكومة الإسرائيلية 5 بؤر استيطانية استراتيجية في الضفة الغربية، بما يعزز منع وحدة الأراضي الفلسطينية، وتفتتها إلى المزيد من القطع الصغيرة المفتتة.
ومن أبرز تلك البؤر الاستيطانية الجديدة، جاءت أفيتار التي لطالما حذر خبراء من أنها قد تشعل تصعيداً وعنفا كبيرين، حيث إنها ستعمل على تفتيت مدينة نابلس، المركز التجاري والثقافي للفلسطينيين في الضفة، واختراقها من الداخل بمجموعة متصلة من المستوطنات.
قرار الحكومة الإسرائيلية أثار موجة جديدة من الإدانات والانتقادات الدولية والمطالبات لإسرائيل بإيقاف "التوسع الاستيطاني غير الشرعي" في الأراضي الفلسطينية.
في مايو الماضي، حدث تطور أخطر من ذلك بأضعاف في صمت وسرية، تمثل في نقل الجيش الإسرائيلي بعض الصلاحيات الموسعة وغير المسبوقة في الضفة لأكثر وزراء حكومة نتنياهو تطرفاً وخطورة، وهو وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش.
ذلك التطور بقي طي الكتمان حتى يوليو الجاري، عندما تسربت محادثة للوزير الإسرائيلي سموتريتش، يتفاخر أمام المستوطنين بأن حكومة نتنياهو منخرطة في "جهد سري" لتغيير شامل في طريقة الحكم في الضفة الغربية، بما يسهم في قتل أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة.
وفي السياق، قالت منظمات إسرائيلية حقوقية، إن نقل مثل هذه الصلاحيات من الجيش لسموتريتش، يعني الضم الرسمي للضفة، وهو ما يرسخ نظام الفصل العنصري "أبارتاهيد" بشكل صريح وقانوني.
في هذا التقرير، نناقش مدى خطورة تلك التحركات الإسرائيلية، وتداعياتها على الساحة الدولية.
في حرب 1967، عندما سيطرت إسرائيل على الضفة الغربية والقدس الشرقية، أعلنت احتلالهما عسكريا بصورة مؤقتة لحين التوصل لاتفاق سلام مع الفلسطينيين، بينما على أرض الواقع تسعى إسرائيل لاستدامة ذلك الاحتلال وتبديد أي أمل في إقامة الدولة الفلسطينية، عبر بناء وتوسعة المستوطنات وتهجير الفلسطينيين وهدم بيوتهم وحصرهم في مدن مفتتة ومجزأة لأجزاء صغيرة.
بمجرد إعلان إسرائيل إنشاء الاحتلال العسكري، وضع الجنرال يغال يعالون خطة لضم أجزاء كبيرة منهما، وأنشأت أول مستوطنة عام 1967 باسم "كفار عصيون"، وبعدها عكف الجيش الإسرائيلي على مصادرة أراضٍ فلسطينية تحت ذريعة الحاجة لاستخدامها لأغراض عسكرية، قبل بناء مستوطنات عليها.
وفي عام 1977، أعلنت حكومة مناحيم بيغن من حزب الليكود أن جميع أراضي فلسطين التاريخية، بما في ذلك الضفة والقدس وغزة، إسرائيلية، يجب عدم التفريط فيها لأي جهة، لتبدأ منذ ذلك الحين في توسعة البناء الاستيطاني.
في عام 1980، ضمت إسرائيل القدس الشرقية رسمياً، وأنهت حكم الجيش فيها، ووضعتها تحت إدارة الحكومة باعتبارها جزءاً من إسرائيل، وفي العام التالي ومع تزايد المستوطنات، أنشأ الجيش الإسرائيلي ما يعرف بـ"الإدارة المدنية" لتقوم بدور بيروقراطي في ظل حرص إسرائيل على الإبقاء على الضفة في يدها دون ضمها رسمياً، لكيلا تضطر لمنح جنسيتها لنحو مليوني فلسطيني.
هذا يعني نظرياً أنه لا يمكن لأي مواطن إسرائيلي أن يدخل من تلقاء نفسه الضفة ويختار بقعة أرض مناسبة ويبني بيتا فوقها، وأن من يفعل ذلك يمكن للإدارة المدنية هدم منزله.
أما عملياً، فيبني المستوطنون ما يعرف "ببؤر استيطانية" عبر التسلل لبقعة أرض استراتيجية ووضع خيام وأبنية من الخشب، أو الجبس أو بناء مزارع أو مناطق رعي أغنام وإعلانها مستوطنة جديدة.
تلك البؤر الاستيطانية من وجهة نظر القانون الإسرائيلي غير شرعية ويجب إزالتها، لكن بعضها يُبنى بالتواطؤ مع الجيش والسلطات، والقليل منها قد يعمل الجيش على إزالتها لإرضاء المجتمع الدولي إذا تعرضت تل أبيب لضغوط كبيرة.
توجد في الضفة حالياً 191 بؤرة استيطانية و144 مستوطنة رسمية، وبين الحين والآخر، تعلن الحكومة الإسرائيلية "شرعنة" بعض تلك البؤر وإعلانها مستوطنات رسمية.
بعد توقيع اتفاق أوسلو، وعد رئيس الوزراء يتسحاق رابين، بإيقاف بناء المزيد من المستوطنات بشكل مؤقت، بينما أطلق يده لبناء البؤر الاستيطانية.
وكان يجب على إسرائيل الانسحاب من المنطقة ج خلال 18 شهراً من توقيع الاتفاقية، لكنها خالفت ذلك، وعملت على تطهيرها من الوجود الفلسطيني وتوسعة المستوطنات فيها بشكل كبير، وأصبحت بذلك الإدارة المدنية للجيش المسؤولة عن تراخيص البناء والهدم في 60% من الضفة.
وقال سموتريتش "لقد أنشأنا نظاماً مدنياً منفصلاً"، لكن أوضح أن من أجل تشتيت الانتباه الدولي، سمح لوزارة الدفاع بالبقاء كمشارك في الإدارة المدنية بشكل صوري، إذ قال "سيكون من الأسهل استيعابها بهذا الشكل في السياق الدولي والقانوني، حتى لا يقولوا إننا نضم هنا".
سموتريتش تفاخر أيضاً بالدعم غير المحدود من نتنياهو، قائلا إنه "يقف معنا بالكامل"، وأن التغييرات التي فعلوها مؤخراً دائمة، ولا يمكن إنهاؤها حتى إذا انهارت الحكومة.
صلاحيات سموتريتش الجديدة
الخبراء القانونيون ما زالوا يبحثون تداعيات ومعنى نقل أكثر من 68 صلاحية أو لائحة داخلية من الجيش والإدارة المدنية لسموتريتش، فكل من تلك الصلاحيات له أبعاد خطيرة في حد ذاته.
على سبيل المثال، عيّن سموتريتش مستوطناً مدنياً يدعى هيليل روث، نائبا لرئيس الإدارة المدنية للجيش، في مخالفة للأعراف التي تقضي بتنصيب ضباط فقط لهذا المنصب، وهو من مستوطنة يتسحار التي تعتبر الأكثر إرهاباً وعنفاً وتطرفاً في الضفة.
روث يعد جزءاً من مدرسة يشيفا أود يوسف شاي التوراتية التي اعتبرها الجيش الإسرائيلي نفسه بؤرة للتحريض الإرهابي، وسيطر عليها، وطالب الحكومة بقطع الدعم عنها.
روث الآن يستطيع إعطاء قرارات بهدم مئات البيوت الفلسطينية في المنطقة ج، أو منع الجيش من هدم أي بؤر استيطانية جديدة يبنيها المستوطنون على أراضٍ فلسطينية خاصة.
تقرير سري
في مايو الماضي، كشفت وثيقة داخلية إسرائيلية مسربة، أعدها رئيس القيادة المركزية للجيش في الضفة، اللواء يهودا فوكس، عن قيام سموتريتش بالفعل "بتقويض جهود إنفاذ القانون الإسرائيلية بشكل كامل، لقمع إسرائيليين من البناء غير القانوني في الضفة الغربية".
وقال فوكس، إن تطبيق القانون على البناء غير القانوني تضاءل "إلى حد اختفائه"، مسلطاً الضوء على دور وزير المالية المتطرف.
وقال أيضاً إن سموتريتش وحلفاءه يعرقلون الإجراءات التي وعدت الحكومة المحاكم الإسرائيلية بتنفيذها، للقضاء على البناء غير القانوني في الضفة الغربية.