بين تحديات اليوم وتأثيرات الغد.. الأزمات العالمية تغتال المجتمعات النامية في صمت
بين تحديات اليوم وتأثيرات الغد.. الأزمات العالمية تغتال المجتمعات النامية في صمت
الأمم المتحدة: الأزمات العالمية تفاقم الفجوات الاقتصادية والاجتماعية في البلدان النامية
من التغير المناخي إلى الفقر.. تحديات مستدامة تهدد التنمية في البلدان النامية
تقرير للأمم المتحدة: البنية التحتية متدهورة والتحديات الاقتصادية في الدول النامية تتفاقم
حقوقي ليبي: الكوارث والأزمات الدولية لها تأثيرات عميقة على الاقتصادات الوطنية وزيادة الفقر والاضطرابات الاجتماعية
حقوقي تونسي: الفساد يؤثر على النمو الاقتصادي ويعزز التفاوت في التوزيع العادل للثروة وتقويض الثقة العامة
بينما يجتمع العالم في مواجهة تحديات عديدة، تكمن إحدى أكبر الأزمات في قدرة البلدان النامية على تحمل وطأة هذه التحديات العالمية، وتأثير ذلك على الأجيال القادمة.
سلط تقرير حديث من الأمم المتحدة في دورته الـ56، التي عقدت في جنيف، الضوء على هذا الأمر، مع تقديم بيانات وتحليلات مدعومة بالتقارير الحقوقية للكشف عن حقيقة الوضع الحالي والتحديات المتنوعة التي تواجهها هذه البلدان.
من بين الاستنتاجات التي خلص إليها تقرير المفوض السامي، أن البلدان النامية تتحمل وطأة الأزمات العالمية المتعددة التي تجتاح الكوكب اليوم، وما يتصل بذلك من تفاوتات عميقة داخل البلدان وفي ما بينها، محذرا من أن الشباب والأجيال المقبلة سوف تتحمل عواقب إجراءات اليوم، وتبعات التقاعس عن العمل لمجابهة التحديات العالمية.
ومن خلال التقرير، نتعرف على أن العديد من هذه البلدان تعاني من أزمات مالية حادة ناجمة عن التغيرات الاقتصادية العالمية، مما يجعل من الصعب عليها تلبية الاحتياجات الأساسية لسكانها بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية.
من ناحية أخرى، يتناول التقرير تأثيرات التغير المناخي التي تفاقمت في السنوات الأخيرة، حيث تجد البلدان النامية نفسها عرضة للكوارث الطبيعية المتزايدة مثل الفيضانات والجفاف والأعاصير.
ووفقاً للتقارير الحقوقية، فإن هذه الظواهر الطبيعية تسبب خسائر فادحة في الموارد الطبيعية وتؤثر على قدرة البلدان على تحقيق التنمية المستدامة، ولا يمكن تجاهل النقص البنيوي الذي يعاني منه العديد من هذه البلدان، حيث تفتقر إلى البنية التحتية الأساسية المطلوبة لتحقيق التنمية المستدامة، فمنظومات الصرف الصحي والطاقة والنقل في كثير من الأحيان غير مكتملة أو غير كافية، مما يضعف من إمكانية تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي.
وفي ما يتعلق بالأجيال القادمة، فإن التقرير يحذر من أن هذه الأزمات العالمية ستنتقل بالتأكيد إلى الأجيال الشابة والمستقبلية، بمعنى آخر، فإن عدم اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة هذه التحديات قد يؤدي إلى تفاقم الفجوات الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز الانعدام والفقر في المناطق الأكثر تأثراً.
ويرى خبراء أن حل هذه الأزمات يتطلب إجراءات عاجلة وتعاوناً دولياً فعالاً، ويتعين على المجتمع الدولي أن يعزز الشراكات الإقليمية والدولية لتقديم الدعم الفني والمالي للبلدان النامية، بما في ذلك تحسين البنية التحتية، وتعزيز القدرات المؤسسية، وتعزيز الاستدامة البيئية.
التقرير الذي قدمته الأمم المتحدة يوضح أن تحمل البلدان النامية عبء الأزمات العالمية ليس مسألة تتعلق فقط بالحاضر بل تتعلق بمستقبل الأجيال القادمة، ومن هنا، فإن التصدي لهذه التحديات يتطلب التعاون والتضامن الدوليين من أجل بناء عالم يسود فيه العدل والاستدامة للجميع.
المجتمعات النامية في خطر
وعلق الحقوقي الليبي البارز، عبدالمنعم الحر بقوله، التقرير يرى أن المجتمعات النامية في خطر حاليًا ومستقبلًا، حيث يسلط الضوء على تحديات جوهرية تواجه المجتمعات خلال العقود المقبلة، وعدم اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة هذه التحديات تنتج عنه تداعيات خطيرة بالطبع، ولذا نحذر من احتمال تفاقم الفجوات الاقتصادية والاجتماعية، ما يعزز من انعدام الفرص والفقر في المناطق الأكثر تأثراً.
وتابع “الحر”، في تصريحات لـ"جسور بوست"، ينبغي التأكيد أن الأزمات العالمية، مثل التغير المناخي والنزاعات الدولية والأوبئة العالمية، لها تأثيرات عميقة على الاقتصادات الوطنية والشعوب حول العالم، وتزداد هذه التأثيرات سوءاً في الدول النامية التي تفتقر إلى البنية التحتية القوية والقدرات المؤسسية لمواجهة تحديات مثل التغير المناخي، الذي يمكن أن يؤدي إلى تدهور المحاصيل والإضرار بالبيئة والصحة العامة.
وأضاف “الحر”، يعزز انعدام الفرص والفقر من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، ما يزيد من التوترات داخل الدول ويعرض الاستقرار الإقليمي والدولي للخطر، فعدم القدرة على تلبية احتياجات الشباب، الذي يشكل نسبة كبيرة من سكان الدول النامية، قد يؤدي إلى تشجيع التطرف والعنف، وبالتالي ينبغي للمجتمع الدولي أن يتحرك بسرعة لتقديم الدعم والمساعدة لتحسين الفرص الاقتصادية والاجتماعية لهذه الشرائح الضعيفة.
عبد المنعم الحر
واسترسل، يتطلب التصدي لهذه التحديات استراتيجيات شاملة ومتكاملة، تتضمن السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تعزز الشمولية والعدالة الاجتماعية، فيجب أن تركز هذه السياسات على تعزيز البنى التحتية، وتحفيز الاستثمارات في التعليم والتدريب المهني، وتعزيز الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر ضعفاً، بمن في ذلك الشباب والنساء.
وشدد على أن الحكومات الوطنية والمجتمع الدولي يجب أن يتعاونوا بشكل أكبر لتعزيز التعاون الدولي والتضامن العالمي، من خلال دعم الجهود المشتركة لمكافحة التغير المناخي، وتحسين إدارة الموارد، وتعزيز التكنولوجيا النظيفة. كما ينبغي تعزيز القدرات المؤسسية والقانونية لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، ما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.
وأتم، بشكل عام، يعكس تقرير الأمم المتحدة تحذيراً جدياً للمجتمع الدولي، يستدعي منا استجابة فورية ومتكاملة لمواجهة التحديات العالمية وتخفيف تأثيراتها المدمرة على الأجيال الحالية والمستقبلية.
الفقر تحدٍ أساسي
وعلق رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبدالكبير، بقوله، إن الدول النامية رغم أنها تُعد متنوعة جغرافياً واقتصادياً، فإنها تواجه مجموعة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المشتركة تعكس تحدياتها الفريدة في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية، يتمثل أحد هذه التحديات الأساسية في الفقر، الذي يشكل عائقاً رئيسياً أمام تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للسكان، فالفقر يعكس حالة اقتصادية واسعة الانتشار في الدول النامية، حيث يعيش العديد من الأفراد تحت خط الفقر المدقع الذي يحدده الدخل اليومي الذي لا يتجاوز دولارين أمريكيين.
وتابع عبدالكبير، في تصريحات لـ"جسور بوست"، بالطبع الدول النامية ستكون الأكثر تأثرًا بالأزمات العالمية، ووفقاً لتقارير منظمة الأمم المتحدة والبنك الدولي، فإن أكثر من نصف سكان الدول النامية يعيشون في فقر مدقع، ما يعني أنهم يفتقرون إلى الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المياه النظيفة والصرف الصحي والتعليم والرعاية الصحية، بالإضافة إلى ذلك، تعاني الدول النامية من نقص واضح في البنية التحتية، ما يؤثر سلباً على قدرتها على دعم نمو اقتصادي مستدام وجذب الاستثمارات الخارجية.
وأشار عبدالكبير، إلى أن البنية التحتية المتدهورة تشمل الطرق والمواصلات والاتصالات وأنظمة الطاقة، ما يعرقل تطوير القطاعات الاقتصادية الأخرى ويقيد إمكانية الوصول إلى السوق والتجارة الدولية، تأتي ضعف الإدارة الحكومية والفساد كمشاكل أخرى تواجه الدول النامية، حيث تعاني العديد من الحكومات من عدم الكفاءة في إدارة الموارد وتقديم الخدمات العامة بفعالية.
مصطفى عبد الكبير
واسترسل، الفساد يؤثر على النمو الاقتصادي ويعزز التفاوت في التوزيع العادل للثروة، ما يؤدي إلى تقويض الثقة العامة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، ولا يمكن تجاهل تأثير التغيرات المناخية على الدول النامية، حيث تواجه هذه الدول زيادة في الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والجفاف والأعاصير، ما يسهم في تدمير المحاصيل الزراعية وإلحاق الضرر بالبنية التحتية الحيوية والاقتصادية. يعزز التغير المناخي الفقر ويؤدي إلى تفاقم التفاوتات الاجتماعية، ما يجعل التكيف مع هذه التحديات أمراً ضرورياً للحد من تأثيرها المدمر.
وشدد على أن الشباب يواجه في الدول النامية تحديات خاصة، حيث يواجهون نقصاً في الفرص التعليمية والتدريبية، ما يقيد إمكانياتهم في الحصول على فرص عمل مستدامة وربحية، البطالة الشبابية تعد تحدياً كبيراً يجب مواجهته بأسرع وقت ممكن لتعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي في هذه الدول.
وأتم، تعد المشاكل التي تواجه الدول النامية مترابطة ومتشابكة، وتتطلب استجابات شاملة وفعالة من المجتمع الدولي لتعزيز التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة لملايين الأشخاص في هذه البلدان.