من أعاد داعش إلى الخليج؟

من أعاد داعش إلى الخليج؟
محمد الحمادي

الجريمة الإرهابية التي شهدتها مسقط ليلة 15 يوليو الجاري كانت صادمة، ليس للأشقاء في عُمان فقط، وإنما لكل شعوب ودول المنطقة، فقد كان الهجوم الإرهابي الذي تبناه تنظيم داعش غريباً في ظروفه وفي مكانه وزمانه، فعمان هي أرض التسامح وأرض التعايش منذ قرون، والشعب العماني معروف بالسماحة والأخلاق الطيبة وتقبل الآخر مهما كان أصله أو دينه أو مذهبه أو طائفته أو لونه، فكيف حدث ذلك؟! وعمان لم يسبق أن شهدت مظاهر عنف ناتجة عن أسباب طائفية أو مذهبية رغم التنوع الكبير الذي يتميز به المجتمع، لذا فإن حادثة يوليو تعتبر حالة شاذة في المجتمع العماني، حتى وإن كان منفذوها عمانيين.


وهذه الجريمة الإرهابية تنبهنا من جديد إلى ضرورة الاستمرار في مواجهة الجماعات الإسلامية الإرهابية التي تتبنى خطاب العنف والكراهية والقتل والتدمير في مواجهة الآخر، فلسنوات قليلة مضت توقعنا أن داعش وشره قد أصبح من الماضي، لكن ظهور هذا التنظيم في دولة خليجية بعد عشرة أعوام تقريباً من عملياته في الكويت والسعودية يدعو إلى القلق ويتطلب الحذر والعمل الجاد.


لقد اختار تنظيم داعش عمان لأنه يعرف مدى التسامح والتعايش والانسجام الذي يعيشه كل أطياف المجتمع، وهذا ما يزعج المتطرفين والإرهابيين، فيختارون البلد الآمن والمستقر لزعزعة الأمن والاستقرار فيه، وإثارة الفتنة بين طوائفه، كما فعلوا في دول عربية أخرى وقعت في فخ الفتنة والطائفية وبقيت لسنوات تدفع ثمنها وتحاول إطفاء نارها، لكن عمان عصية على كل متربص، وعمان قيادة وشعباً يمتلكون من الوعي ما يجعل كل مخططات الإرهابيين تذهب أدراج الرياح، وتجعلهم يجرّون أذيال الخيبة والفشل، فجميع دول الخليج تقف مع عمان في هذه الظروف لمواجهة هذا الشر، ونحن واثقون أن المجتمع العماني بعد هذه الجريمة سيصبح أكثر تماسكاً وتسامحاً وتعايشاً.

والحقيقة أن ما حدث في منطقة الوادي الكبير في مسقط، لا يمكن اختزاله في عمان، واعتباره جريمة موجهة لعمان فقط، فهذا العمل الجبان الذي ظهر في طابع طائفي له أبعاد خطيرة على المنطقة كلها، وفي الوقت نفسه هو جزء مما كنا والكثيرون نحذّر منه بسبب الحرب على غزة، فليس أفضل من أجواء الحروب والتوترات للإرهابيين كي ينشروا خطابهم المريض ويستقطبوا أعضاء جدداً، فالمسؤولية تقع على إسرائيل وعلى الدول الداعمة لها لوضع حد للحرب وإيقاف القتل في غزة، فالعنف لا يولّد إلا العنف، واستمرار العنف في منطقة واحدة لفترة طويلة يسمح للعنف أن يتنقل وينتشر حولها، كما يوفر أرضاً خصبة للإرهابيين كي يستقطبوا المزيد من المغفلين.


فهذا الحادث يقرع الجرس بصوت عالٍ لنكتشف أن داعش لم ينتهِ، وأنه لا يزال قادراً على تجنيد عناصر جديدة ودخول مناطق جديدة لم يكن له موطئ قدم فيها سابقاً، ومن ثم القيام بعمليات إرهابية وإسقاط الضحايا الأبرياء بالعشرات.


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية