"الإيكونوميست": الديمقراطيون والجمهوريون لا يملكون أي خطط لمعالجة الدين العام
بعد أن وصل إلى 98% من الناتج المحلي الأمريكي
بغض النظر عمن سيفوز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر، فمن المرجح أن تؤدي السنوات الأربع المقبلة إلى تفاقم الوضع المالي السيئ: فقد تضخم صافي الدين الحكومي إلى 98% من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كان 40% في عام 1990، ولا يملك الديمقراطيون ولا الجمهوريون أي خطط ذات معنى لمعالجتها.
ووفقا لمجلة "الإيكونوميست"، تظهر البيانات الصادرة عن صندوق النقد الدولي في أبريل أن أمريكا لديها ثامن أعلى نسبة صافي الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم.
وتحتل بعض الاقتصادات المتقدمة الأخرى مكانة أعلى من أمريكا: فاليابان، على سبيل المثال، تأتي في المرتبة الثانية بحصة تبلغ 158%، وتأتي إيطاليا في المركز الثالث بنسبة 129%، ولكن ما يجعل الأرقام الأمريكية أكثر إثارة للقلق هو وتيرة تراكم ديونها، فضلاً عن مركزيتها في الاقتصاد العالمي.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل عجزه في عام 2024 إلى 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي، ومن بين الاقتصادات المتقدمة فقط إسرائيل، التي هي في حالة حرب، تقترض أكثر.
وكما هو الحال مع معظم الاقتصادات المتقدمة، بدأت مشاكل الديون الأخيرة في أمريكا خلال الأزمة المالية في الفترة 2007-2008، ثم ارتفعت مرة أخرى في أعقاب الوباء في عام 2020، ولكن بصرف النظر عن هذه الأزمات، استقرت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بما يتماشى مع بقية مجموعة السبع، وهي مجموعة من الدول الغنية، لكن هذه المرة، يتوقع صندوق النقد الدولي أن تستمر ديون أمريكا في الارتفاع.
ويعد أحد العوامل التي تؤثر على القدرة على تحمل الديون هو ما إذا كان معدل النمو الاسمي للاقتصاد (أي القاعدة الضريبية للحكومة) أكبر من سعر الفائدة (أي خدمة ديونها).
بين عامي 2008 و2019، عندما انخفضت أسعار الفائدة إلى ما يقرب من الصفر، كان معدل نمو الاقتصاد أعلى من سعر الفائدة، واتجهت تكاليف خدمة الديون كحصة من الإيرادات الحكومية إلى الانخفاض إلى نحو نصف ما كانت عليه في عام 1990، بمعنى: حتى مع اقتراض الحكومة المزيد، ظل الدين كحصة من الناتج المحلي الإجمالي مستقرا.
وكان ارتفاع التضخم في الفترة 2021-2023 يعني أن الأسعار والدخول نمت بسرعة، مما أدى إلى ارتفاع الناتج الاقتصادي الاسمي لأمريكا، وفي الوقت نفسه، ارتفع حجم الديون المستحقة عليها بشكل أبطأ من حيث القيمة الدولارية، وبالتالي تقلص الدين نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، ولكن مع عودة التضخم الآن تحت السيطرة، لم يعد بإمكان الساسة الاعتماد على الأسعار المرتفعة لتقليص النسبة.
وسيكون لأسعار الفائدة المرتفعة المستخدمة لإدارة التضخم أثرها.. ستنفق الحكومة 728 مليار دولار لخدمة ديونها في عام 2024، أو 16% من الإيرادات، لكن ديونها يبلغ متوسط استحقاقها 6 سنوات، مما يعني أن بعض ديونها لا تزال تتحمل أسعار فائدة منخفضة منذ ما قبل الوباء.
ومع تجديد المزيد من الفواتير الحكومية بمعدلات أعلى، فإن تكلفة خدمتها سترتفع بشكل كبير، وما لم يتحسن معدل نمو الاقتصاد، أو تنخفض أسعار الفائدة بشكل كبير، فإن الفائدة على الدين العام سوف ترتفع حتى بدون اقتراض إضافي.
وسيكون تخفيض الإنفاق لخفض الديون مؤلما، يتقاعد جيل طفرة المواليد (ولكن ليس هؤلاء الذين يعملون في الكونجرس)، وسوف يعتمد السكان كبار السن بشكل أكبر على الخدمات الحكومية، مثل الرعاية الطبية وغيرها من المزايا الاجتماعية. كما أن الإنفاق الدفاعي الأمريكي، والانتقال إلى الطاقة المتجددة، والسياسة الصناعية، من شأنه أن يزيد من المشكلة تعقيداً، ولكن إذا أدى هذا العجز الضخم إلى جعل الدائنين متوترين، فمن الممكن أن يطالبوا بمعدل فائدة أعلى، وكان الكونجرس بطيئاً في التعامل مع العجز الأمريكي، ولكن في النهاية قد تجبره السوق على ذلك.