التظاهرات العنيفة في بنغلاديش تحدٍ كبير لنظام "الشيخة حسينة"

التظاهرات العنيفة في بنغلاديش تحدٍ كبير لنظام "الشيخة حسينة"

أدت التظاهرات الطلابية في بنغلاديش إلى أسوأ أعمال عنف تشهدها البلاد، وطرحت تحديا كبيرا أمام حكم رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد، وفق ما يقول خبراء.

في البداية، كان المطلب الوحيد للتظاهرات التي تنظّم بصورة شبه يومية منذ مطلع يوليو، إنهاء نظام الحصص في التوظيف في القطاع العام الذي يخصص أكثر من نصف الوظائف لمجموعات محددة.

لكن الصرامة التي تبديها الشرطة تجاه المتظاهرين، خصوصا مع إطلاق الذخيرة الحية السبت عليهم في العاصمة دكا، دفعت بآلاف البنغلادشيين إلى المطالبة برحيل الشيخة حسينة.

تمسك الزعيمة البنغلاديشية بزمام السلطة منذ 20 عاما، من بينها 15 عاما على التوالي بعد فوزها بولاية جديدة في يناير.

وهتف المتظاهرون هذا الأسبوع خلال مسيرات عدة في دكا، المدينة التي تعدّ 20 مليون نسمة وحيث أشعلت حشود غاضبة النار في العديد من المباني الحكومية الخميس، "لتسقط الدكتاتورة".

وأسفرت التظاهرات عن مقتل 115 شخصا على الأقل هذا الأسبوع، وفقا لحصيلة أعلنتها السبت مصادر شرطية وطبية.

وقال مدير مكتب آسيا في مجموعة الأزمات الدولية بيار براكاش، "التظاهرات مهمة جدا، وقد تكون التحدي الأكبر لنظام رابطة عوامي (حزب الشيخة حسينة) منذ وصوله إلى السلطة.. الوضع خطير" في البلاد، بحسب وكالة فرانس برس.

لكن الخبير اعتبر أن الحكومة هي التي تسببت في الأزمة. وقال "بدلا من محاولة الاستجابة لمطالب المتظاهرين، أدت تصرفات الحكومة إلى تفاقم الوضع".

وكان إطلاق النار من جانب الشرطة وراء أكثر من نصف عدد الوفيات، وفق مصادر طبية.

 "إهانة لكرامتهم"

بدأ الطلاب يطالبون بإنهاء نظام الحصص الذي يخصص أكثر من نصف وظائف القطاع العام لمجموعات محددة مقربة من السلطات.

وقلص هذا النظام المطبّق منذ عام 1992 بعد الاحتجاجات الطلابية في 2018. لكن المحكمة العليا ألغت قرار تقليصه في يونيو الماضي، وأمرت بإعادة تخصيص 30% من الوظائف العامة لأبناء المحاربين في حرب التحرير ضد باكستان عام 1971.

ويندد المتظاهرون باستخدام هذه الحصص كوسيلة لمكافأة الموالين لرابطة عوامي.

ومع عجز بنغلاديش عن توفير العمل لسكانها البالغ عددهم 170 مليون نسمة، صار هذا البرنامج مصدر استياء بين الخريجين الشباب الذين يواجهون أزمة توظيف.

والأسبوع الماضي، أثارت الشيخة حسينة، ابنة أول رئيس لبنغلاديش ومؤسس نظام الحصص، الغضب عندما شبهت المتظاهرين بالبنغلادشيين الذين تعاونوا مع باكستان، وهي إهانة كبيرة رغم مرور أكثر من نصف قرن على الحرب.

وأكّد أستاذ العلوم السياسية في جامعة إلينوي الأمريكية علي رياض، "الاستهزاء بهم كان إهانة لكرامتهم". وهذا يعني أيضا أن المتظاهرين "لا أهمية لهم لدى نظام غير خاضع للمساءلة".

 "التعبير عن الاستياء"

منذ بداية ولايتها الثانية في عام 2009، اتهمت جماعات حقوقية الشيخة حسينة بمحاولة تقييد الديمقراطية بشكل كبير في بنغلاديش.

وتُتّهم حكومة الشيخة حسينة بإساءة استخدام مؤسسات الدولة لتعزيز قبضتها على السلطة، بما في ذلك القتل خارج نطاق القضاء الذي يستهدف ناشطين في المعارضة.

وفي غياب انتخابات تنافسية حقيقية منذ أكثر من 15 عاما "لا خيار للبنغلادشيين المستائين إلا الاحتجاج في الشوارع لإسماع أصواتهم".

ونجت الشيخة حسينة من العديد من الأزمات، بما فيها تمرد للجيش وتدفق أكثر من 700 ألف لاجئ من الروهينغا من بورما المجاورة وسلسلة من الهجمات الإسلامية.

لكن هذه التظاهرات العنيفة "غير مسبوقة"، وفق ما قال المراسل السابق لمجلة "ذي إيكونومست" في بنغلاديش توم فيليكس يونك.

وقال يونك "لطالما كان إلغاء المنافسة السياسية في بنغلاديش فكرة سيئة. هذه أزمة سياسية سببها الغطرسة وعدم الكفاءة الاقتصادية".

وأضاف "حوالي 18 مليون شاب بنغلاديشي عاطلون عن العمل. ومع غياب الديمقراطية منذ أكثر من عقد، بدؤوا بالتعبير عن استيائهم" من خلال المغادرة أو النزول إلى الشوارع.

وقال بابو رام بانت من منظمة العفو الدولية في بيان إن "ارتفاع عدد القتلى دليل صادم على عدم تسامح السلطات البنغلادشية على الإطلاق مع الاحتجاجات والمعارضة".

وتحجب السلطات منذ الخميس خدمات الإنترنت على مستوى البلاد، ما يعيق بشدة الاتصالات داخل بنغلاديش وخارجها.

وما زال الوصول إلى المواقع الحكومية غير متاح، كما لم تتمكن مواقع الصحف الكبرى وبينها "دكا تريبيون" و"ديلي ستار" من تحديث حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي منذ الخميس.

وما زال تلفزيون بنغلاديش الرسمي أيضا، غير متصل بالإنترنت بعدما أحرق متظاهرون مقره في دكا الخميس الماضي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية