سلاح "الاغتيالات".. وسيلة إسرائيلية لضرب المناوئين ورفع الروح المعنوية لمواطنيها
سلاح "الاغتيالات".. وسيلة إسرائيلية لضرب المناوئين ورفع الروح المعنوية لمواطنيها
اتخذت إسرائيل من سلاح الاغتيالات أداة من أدواتها لتحقيق أهداف عسكرية وسياسية منذ وجودها في عام 1948، والذي نفذت من خلاله أكثر من 2700 عملية اغتيال حتى عام 2018، استهدفت بها مناوئين لوجودها على الأرض العربية المحتلة.
ما قبل هجوم حركة حماس والفصائل الفلسطينية في السابع من أكتوبر الماضي كان سلاح الاغتيالات وسيلة للإسرائيليين لتنفيذ أهدافهم، لكنه منذ ذلك الوقت تحول ليكون هدفا في حد ذاته.
وبحسب ما قالت زميلة معهد أمريكان إنتربرايز دانييل بليتكا، لـ"فورين بوليسي"، فقد شكل استهداف كبار القادة المهمين للأعداء منطقا استراتيجيا من منظور إسرائيل، حتى عام 2022.
ولكن سلاح "الاغتيال" نادرا ما يحل تحديات السياسة الخارجية، ولكن من منظور إسرائيل، فشلت الدبلوماسية أيضا في حل مشاكلها الشائكة مع الأعداء، بحسب رؤيتها.
ويرى الإسرائيليون بحسب بليتكا، أنها وسيلة أخلاقية، لأنها بعيدا عن عمليات القتل الانتقامية التي يراها البعض، تمنع المزيد من الوفيات، لا سيما أنه لا يوجد بديل واقعي لتسليم زعماء حزب الله أو حماس.
ومن ناحية أخرى، يرى مجتمع العاملين السابقين في جهاز الموساد نفسه أنها ليست أكثر من تكتيك لـ3 أهداف، وهي إحباط خطط الفصائل، وتعطيل قيادة الفصائل المختلفة، وإثبات قدرة الموساد على الوصول إلى أعداء إسرائيل في أي مكان.
وبحسب ما قال المحلل الإسرائيلي، يوسي ميلمان، لمجلة "تايم"، فإن هذه العمليات هي مكمل للقوة العسكرية القوية التي تتمتع بها إسرائيل.
الاغتيال من وسيلة لهدف
حين قتل 11 رياضيا إسرائيليا في أولمبياد ميونيخ في سبعينيات القرن العشرين فكرت إسرائيل في الرد عبر سلسلة من الاغتيالات في إيطاليا وفرنسا ولبنان وأماكن أخرى.
وكان المدبر الرئيسي مدير الموساد السابق، زفي زامير -توفي مطلع 2024- الذي قال لصحفيي "تايم"، "لقد كان القرار دائما محسوبا وعقلانيا ومدروسا جيدا"، "لم أفكر في الانتقام"، لأن الهدف كان تعطيل شبكات منظمة التحرير الفلسطينية في أوروبا.
ودلل على ذلك بخروج بعض من تورطوا في هذه العملية في صفقة تبادل لاحقة.
وفي الحالة الحالية، وبعد السابع من أكتوبر فقد أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى أنه أعطى أوامره للموساد بملاحقة قادة حماس أيا كان مكانهم، ولحق ذلك تصريحات أخرى من مسؤولين آخرين تدلل على نفس المعنى.
وبحسب ميلمان، في مقاله على تايم في يناير 2024، يعني ذلك "الانتقام" لمعالجة صدمتها وتعزيز الروح المعنوية بعد الفشل الأمني الكارثي في السابع من أكتوبر.
ورغم أن اغتيال كل من إسماعيل هنية وفؤاد شكر لا يشكل تغييرا في قواعد اللعبة لأنها نفذت عمليات مشابهة قبلا في إيران، فإنها كانت لخدمة أهداف دبلوماسية، لكن هذه المرة فـ"القتل المستهدف" أصبح غاية في حد ذاته، بحسب ما قال يوسي ميلمان لصحيفة "هآرتس".
اغتيال قادة حماس
يفند الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، رايلي مكابي، في تصريحات لفورين بوليسي، في فبراير 2024، مكاسب ومخاطر الإعلان عن حملة اغتيالات ضد قادة حماس.
وقال إن المكاسب تتمثل في تعطيل الأداء اليومي لقادة الجماعة مع تجنب الاتصالات، والبقاء في حالة تنقل، وتدهور المعرفة والخبرة والقيادة التي تشكل أهمية بالغة لعمل حماس، والتقليل المؤقت من خطر الهجمات المستقبلية، ورفع الروح المعنوية العامة الإسرائيلية، وكذلك رفع احتمالات قبول وقف إطلاق النار لدى الجمهور الإسرائيلي.
أما مخاطر تلك الاغتيالات فتتمثل في أن اغتيال قادة حماس يهدد بتعطيل مفاوضات تبادل الرهائن، كما أنه يجلب المزيد من الهجمات الانتقامية من جانب حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، كما أن له نتائج عكسية من خلال حدوث سيناريوهات أكثر خطورة.
ورغم هذه المخاطر يبدو جليا أن إسرائيل لديها قناعة تامة بمكاسب الاغتيالات بحق الأعداء، دون الاهتمام كثيرا بما قد ينتج عنها من مخاطر.