من الملاكمة للصحافة.. صمود إيمان خليف ونها رضوان في وجه التنمر والأحكام المسبقة

من الملاكمة للصحافة.. صمود إيمان خليف ونها رضوان في وجه التنمر والأحكام المسبقة

ملاكمة بالكلمات.. كيف انتصرت إيمان خليف ونها رضوان على حملات التنمر؟

من التنمر إلى التتويج.. كيف حولت إيمان خليف ونها رضوان الألم إلى نصر؟

حين يجتمع النضال والشجاعة.. انتصار إيمان خليف حقق انتصاراً لنها رضوان

الكرامة في وجه التنمر.. من قفازات الملاكمة إلى قلم الصحافة قصص إيمان خليف ونها رضوان

 

في قلب هذا العالم، حيث تختلط أصوات النجاح مع أصداء التحديات، تبرز قصتان من النضال والصمود، قصة إيمان خليف، البطلة الأولمبية الجزائرية، والتي وقفت بشجاعة في وجه التنمر والتمييز في أولمبياد باريس 2024، وقصة نها رضوان، الصحفية المصرية التي وُلدت في قرية صغيرة بمحافظة الشرقية، وواجهت صعوبات الحياة بصلابة وتحد.

ارتدت إيمان قفازات الملاكمة كوسيلة للدفاع عن كرامتها وعن أحلامها، لم تكن تقاتل فقط على الحلبة، بل ضد كل من حاول إقصاءها عن حلمها، كانت إيمان في معركة غير عادلة، حيث لم يكن خصمها الوحيد هو منافساتها، بل كل من شكك في أنوثتها وهويتها. هذا الصراع كان أشبه برياح عاتية تحاول اقتلاع شجرة راسخة في الأرض، ولكن إيمان كانت أقوى من تلك الرياح.

وكأن قدرًا خفيًا جمع بين إيمان ونها، فعلى الرغم من أن المسافة بينهما لم تسمح بلقاء، فإن قلوب النساء تتآلف بطرق لا يمكن للعالم أن يدركها.. فنها رضوان، التي اختارت القلم سلاحًا لها في معركة الحياة، وجدت في قصة إيمان انعكاسًا لما عايشته من تحديات فقد تعلمت نها من تجاربها أن الصمود ليس خيارًا، بل ضرورة.

نها رضوان، التي عانت من التنمر بسبب مظهرها الخارجي، تعرفت على الألم الذي عاشته إيمان، فتحت باب قلبها وكتبت عن إيمان وكأنها تكتب عن نفسها، عن تلك الأوقات التي شعرت فيها بأن العالم يحكم على المظاهر فقط، دون النظر إلى الجوهر ولكنها تعلمت كيف تحول الألم إلى قوة، وكيف تجعل من كلماتها درعًا يحميها من الأذى.

عندما سمعت نها عن التحديات التي واجهتها إيمان، لم تكن مجرد متعاطفة، بل كانت ترى في إيمان جزءًا من نفسها.. تساءلت لماذا يختار البعض الهجوم بدلاً من الدعم؟ لماذا نسمح للسطحية بأن تحجب عنّا إنجازاتنا الحقيقية؟ 

في تدوينة لها على "فيسبوك"، انتشرت وأصبحت محل حديث الجميع، عبّرت نها عن شعورها بالغضب والحزن من التكاتف الغريب ضد إيمان، كانت تعلم أن إيمان تعاني من نفس الآلام التي عايشتها هي، لكنها كانت تقاتل على نطاق أكبر.

وفي تدويناتها والتي حملت عنوان: "أنا مثلك يا إيمان قتلوني ملايين المرات".. كتبت نها ما نصه: "ميعرفش إحساس إيمان خليف إلا شخص عانى من التنمر بسبب خلقته التي ليس له فيها يد (مثلي أنا «نها رضوان»).. مين قال إنه كان بأيدينا أن نكون على هذا الخلقة والجسد والصوت، لو كان لنا اختيار صورتنا لطالبنا الله القدير بأن يُجملنا في أحسن صورة، على الرغم من أننا في أحسن صورة «تبارك الله أحسن الخالقين»".

وتابعت “نعم عانيت كثيرًا من التنمر حتى فقدت الثقة في أنوثتي، لا أرى نفسي أنثى، لكني أرى نفسي نها رضوان التي خلقها الله مكافحة، خلقت أنثى بدرجة محارب.. لا أخفيكم سرًا، قتلت بداخلي الأنثى ولم يعد لها وجود، فأنا على مشارف الأربعين لم أكن يومًا أنثى إلا في البطاقة الشخصية.. ودائمًا ما كانت وما زالت تقتلني الكلمات التي توجه لي لكسر خاطري، أفتح القوس لخناجر البشر المسمومة التي طعنت بها ملايين المرات من القريب قبل الغريب: بعبارات منها (صوتك رجالي- إيه ده مشيتك ماشية ولد- في ست مقاس رجليها 45- وشك غريب- تخينة- كتافك عريضة ده خشب رجل- شعرك خشن يا ستار سلك موعين- أنت متأكدة إنك بنت- أنت مسترجلة علشان أنت مش حلوة أصلًا ولا فيك حلاوة الستات- اللي هيتجوزك هيتجوز رجل بنفس صفاته الجسمانية.. إلخ).

تلك العبارات كلها كلمات كفيلة بوأد الروح داخل الجسد، عندما نظرت إلى إيمان خليف كأنني أنظر إلى نفسي، عندما بكت بكى قلبي، فلا يعرف هذا الشعور إلا من عانى مثله، إيمان خليف نحن لم نخلق ضعفاء بل خلقنا لنسطر الأساطير بأيدينا وقوتنا وعزمنا، قد نكون أقوى من البشر لكن مشاعرنا أرهف من عصفور تتخبطه الرياح العاتية.

عزيزتي إيمان خليف.. انتصري من أجل كل سيدة عانت من التنمر كأن البشر خلقوا أنفسهم بأنفسهم".

وفي حديثها لـ"جسور بوست" قالت نها في لحظة تتويج إيمان، لم يكن الأمر مجرد فوز رياضي، بل كان انتصارًا للكرامة الإنسانية، هذا النصر كان رسالة للعالم بأسره بأن المرأة العربية قادرة على تحقيق المستحيل، حتى في وجه أقسى التحديات.

نها التي شاهدت هذا التتويج بعيون مليئة بالدموع، شعرت بأنها انتصرت هي الأخرى، كانت تردد كلمات النشيد الوطني الجزائري من قلبها، وكأنها تنشد للحرية والكرامة.

القدرة على الوقوف في وجه العالم

في عالم مليء بالتحامل والأحكام المسبقة، تبرز قصص مثل قصتي إيمان ونها كأمثلة على الصمود والإرادة، إنهما ليستا مجرد نساء عاديات، بل رموز للمرأة العربية التي ترفض الاستسلام أمام الظلم. إيمان خليف، التي واجهت التنمر بشجاعة الملاكم على الحلبة، ونها رضوان، التي واجهت التنمر بشجاعة الكاتبة التي تملك الكلمة كسلاح.

وفي حديثها لـ"جسور بوست"، رأينا أن القوة ليست في العضلات فقط، ولا في الانتصارات المادية، بل في القدرة على الوقوف في وجه العالم بثبات، حتى عندما ينهار كل شيء من حولك. 

تقول نها بصوت محب وأداء منتصر، وُلدت في عام 1986 في إحدى قرى محافظة الشرقية، وتحديدًا في مدينة فاقوس نشأت في عائلة تضم والديّ وأختي الكبرى وأنا، وبعدنا جاء شقيقي الأصغر. 

تخرجت في كلية البنات بجامعة عين شمس، حيث درست الأدب، وبدأت رحلتي في مجال الصحافة منذ عام 2003 ما زلت أمارس هذه المهنة حتى يومنا هذا، أنا صحفية غير نقابية، وأنتظر بفارغ الصبر نتائج لجنة القيد في النقابة، حيث أعافر منذ سنوات لتحقيق حلمي في الانضمام إليها، وذلك يعكس قصة كفاحي الطويلة مع هذا الموضوع.

لم يسبق لي الزواج، وكان حلمي منذ البداية أن أكون صحفية، وما زال هذا الحلم يشغل حيزًا كبيرًا من حياتي، وأعتبر نفسي امرأة مصرية قوية، رغم ما مررت به من تجارب صعبة جعلتني أقوى، إلا أنني من داخلي هشّة مثل أي امرأة أخرى قد تكون في وضعي أو مثل حالتي.

وتابعت في هدوء، ما دفعني لكتابة هذه التدوينة هو مشاعري تجاه ما حدث لها في البداية، سمعت عن الهجوم الذي تعرضت له إيمان، وكيف حاول البعض التكاتف ضدها ونشر شائعات مفادها أنها ليست امرأة، بل رجل، لقد تعرضت لحصار إعلامي ونفسي شديد.

وأضافت، أضع نفسي في مكانها الآن، خاصة وأنني كنت أتمنى أن يتمكن الناس من التفريق بين الأمور، صدمت عندما وجدت أن وسائل التواصل الاجتماعي قد بدأت في تحويل بعض العرب، وحتى الأجانب، إلى مهاجمين، هذا الأمر أثار استيائي، خصوصًا أن العرب لم يقفوا إلى جانب ابنتهم وبدؤوا في الهجوم عليها دون أدلة واضحة.

وأردفت: تذكرت معاناتي النفسية التي مررت بها في فترات مختلفة من حياتي بطبيعة الحال، شكلي وجسدي لم يتناسبا مع المعايير المثالية للجمال. ومع أنني قد لا أملك تلك المواصفات "المثالية"، فأنا فخورة بجمالي البسيط. ومع ذلك، تعرضت للتنمر الشديد بسبب مظهري، خاصة عندما كنت أزداد وزنًا قليلًا، حيث كان يتغير شكل وجهي وأكتافي.

وتابعت، عندما نظرت إلى إيمان، رأيت فتاة تعرضت للظلم، تمامًا كما كنت أنا في بعض الأوقات. إيمان تعاني فقط لأنها تمارس رياضة عنيفة تتطلب منها جهدًا كبيرًا، مما أثر على مظهرها الجسدي وجعل بعض المعالم الأنثوية تختفي، شعرت بمدى الظلم الذي تعرضت له، وكيف أن الناس من حولها لم ينصفوها.

وتقول نها كانت هذه التجربة بالنسبة لي تجسيدًا لحالتي النفسية عندما كنت أتعرض للتنمر بسبب شكلي، لقد شعرت بعمق أن إيمان هي بالفعل ضحية للظلم، وأنها تعاني من حملة شعواء تهدف إلى تحطيمها، خاصة وأنها معروفة كبطلة عربية مرموقة ومؤهلة للحصول على الميدالية الذهبية، لقد أرادوا تحطيمها لأنهم لم يتحملوا أن تكون لدينا بطلة عربية تحقق هذا الإنجاز. ومع ذلك، استخدمت إيمان هذه الحملة كدافع وقوة لها، وقد صرحت في أحد اللقاءات بأن هذا كان دفاعًا عن الشرف، وهو ما يعتبره العرب قضية بالغة الأهمية.

وتستطرد: أنا أراها بطلة حقيقية، أسطورة في عالم الملاكمة، أتمنى أن نجد الكثير من أمثالها في الوطن العربي وعندما عُزف النشيد الوطني الجزائري أثناء تتويجها، كنت أردد الكلمات من قلبي، وأنا أحفظ النشيد الجزائري وأحبه جدًا، حتى إن بعض الناس الذين شاهدوا البث المباشر اعتقدوا أنني جزائرية ولكني في الواقع مصرية، أنا فخورة بجميع الدول العربية وإنجازاتها، وأحاول دائمًا حفظ الأناشيد الوطنية للدول العربية.

انتصار مشترك كما المعاناة

إيمان ليست فقط بطلة رياضية، بل هي بطلة في الحياة ونها ليست فقط صحفية، بل هي صوت لكل من يعاني في صمت، وكما تشابهتا في المعاناة كذلك اقتسمتا النصر.

تعبر نها عن فرحتها قائلة: “لقد كان الشعور لا يوصف، لدرجة أنني شعرت وكأنني أنا من انتصرت، وكأنني أنا من خاضت المعركة، شعرت بفخر شديد وكأن المرأة العربية بأسرها قد فازت. تمنيت لو كانت إيمان أمامي، لاحتضنتها بشدة، وأعطيتها من الحماس والدعم ما تستحقه. لقد بكيت حقًا، لا تتصور كم مرة شاهدت فيديو تتويجها، وأعدت مشاهدته مرارًا وتكرارًا، وفي كل مرة كنت أبكي وأرسل لها القبلات عبر الشاشة..لقد صليت ودعوت الله لها قبل المباراة، وقرأت القرآن متضرعة أن ينصرها الله في ذلك اليوم، والحمد لله، لقد تحقق النصر، كان انتصارًا عظيمًا، وانتصارًا لقلبي قبل كل شيء، شعرت وكأننا كنا في فترة استعمار، واليوم استردينا أرضنا وشرفنا، وهذا ليس بمبالغة”.

وتتابع: “فوز إيمان اليوم كان كأنه يوم استعادة الكرامة هذا الشعور لا يمكن وصفه بالكلمات. لقد كان انتصارًا للمرأة التي تعرضت للتنمر، كما تعرضت أنا في فترات من حياتي. لقد عانيت من التنمر أيضًا، وفي بعض الأحيان كنت أتغلب عليه، وفي أوقات أخرى كنت أسقط في دوامة من الحزن والاكتئاب، كنت أشعر أحيانًا بأنني غير مرغوبة في الحياة، وأني خلقت بجسد لا يتوافق مع معايير الجمال التي يعيرني الناس بها”.

معاناة نها

حينما كانت تعاني إيمان الجزائرية، كانت هناك امرأة مصرية أخرى، تشعر بكل لحظة تمر بها إيمان، وكأنها تعيشها بنفسها، هذه المرأة ليست رياضية، وليست بطلة أولمبية، لكنها بطلة في مجالها، صحفية مكافحة تواجه تحدياتها اليومية بقوة وعزيمة إنها نها رضوان، التي استطاعت أن ترى في قصة إيمان خليف تجسيدًا لمعاناتها الشخصية مع التنمر والنضال من أجل الاعتراف.

وعن حياتها تقول: "لقد واجهت صعوبات عديدة في حياتي، وكانت الأمور تسير بصعوبة، وكان التنمر يؤثر عليّ بشدة، الشيء الوحيد الذي كنت أتمسك به هو عملي وكتاباتي، كنت أكتب خواطر، ورغم كل شيء، كانوا دائمًا يختارونني لعملي، لكن في داخلي كنت أشعر بألم وحزن عميق.

لكن تخيلي، أن تجد امرأة تتعرض لتنمر عالمي وهجمة شرسة من الغرب، تتكاتف عليها كل الأيدي الخبيثة والشياطين ومع ذلك، في النهاية، ترى الناس يعودون لدعمها، ويعتذرون عن أخطائهم. لقد كانت معركة بين الحق والباطل، والحمد لله، انتصر الحق. كان هذا النصر بمثابة إثبات أن الحق يعلو دائمًا، وأن الله ناصر المظلومين".

وتتابع في حديثها لـ"جسور بوست"، أود أن أخبرك بأنني شعرت بالدهشة والصدمة، لم أكن أصدق ما يحدث، فقد كنت أكتب عادةً تدوينات لا تحظى بالكثير من القراءة أو التفاعل، فقط بعض الردود من الأشخاص الذين أحبهم ويتفاعلون معي بانتظام، فجأة، بدأت أتلقى رسائل على الخاص والعام، والناس تشاركني تدوينتي في مجموعات خاصة لم أكن على علم بها، لم أكن أتوقع كل هذا الرد والتفاعل، ولم أتوقع أن يزيد عدد متابعيّ بألفين شخص. 

لقد تفاجأت بكم النساء الفضليات والصحفيات الزميلات اللاتي أضفنني كصديقة، رغم أننا لا نعرف بعضنا شخصيًا، شعرت بأنني وصلت إلى قلوب الناس قبل عقولهم، وهذا أسعدني كثيرًا ومع ذلك، كانت هناك بعض الناس الذين ظنوا أنني ما زلت أتأثر بالتنمر الذي تعرضت له في الماضي، حاولوا أن يطمئنوني ويخبروني أنني جميلة، لكنني كنت أتحدث عن تجربة ماضية، وعن دعمي لهذه البطلة، وأنها يجب أن تنتصر في النهاية.

وتضيف: “كان رد فعل الناس الذين تحدثوا معي على الخاص مشجعًا للغاية، فقد أخبروني بأنهم تعرضوا لأنواع مختلفة من التنمر لكنهم لم يتحدثوا عنها. بعضهم طلب مني حذف التدوينة، لأنهم شعروا بأنها تقلل من قيمتي كصحفية كبيرة في نظرهم، وقالوا كيف يمكن أن أقول إنني تعرضت للتنمر؟ فأوضحت لهم أنني أتحدث عن التنمر كآفة مجتمعية، وأنه لا يتعلق بالطبقات الاجتماعية، بل هو مشكلة نحتاج لمواجهتها في مجتمعنا المصري والعربي نحن بحاجة إلى أن نعيش في سلام وأمان مجتمعي، وأن نتقبل بعضنا البعض بمحبة ومودة، دون البحث عن عيوب الآخرين لمجرد الانتقاد أو التنمر”.

نها رضوان

مفهوم الجمال لدى نها

الجمال ليس مجرد مظهر خارجي، بل هو تجسيد للروح والتجارب الإنسانية التي تضيء القلوب إنه مجموعة من التفاصيل الصغيرة التي تنبض بالحياة، وتلهمنا لتقدير كل لحظة، وكل ابتسامة، وكل تحدٍ يتم التغلب عليه، هكذا كان مفهوم الجمال لدى نها.

تقول: "الزمن الذي نعيش فيه الآن مختلف تمامًا عن الماضي فالمرأة التي تشعر بأنها ليست جميلة بالقدر الكافي، يجب أن تدرك أنه لا يمكننا القول بأن أي امرأة "قبيحة"، فالله تعالى قال عن نفسه: "تبارك الله أحسن الخالقين" وبالتالي، لا يمكننا أن نحكم على أي امرأة بأنها غير جميلة، فكلنا نملك جمالًا، والحمد لله رب العالمين، نحن خلق الله".

وتستكمل، في هذا الزمن، حتى المرأة التي تشعر بأن جمالها معتدل أو تشعر بأي نقص يمكنها بسهولة أن تكون جميلة وتصبح كملكة جمال، الأدوات والتقنيات أصبحت متاحة وبأسعار معقولة لذا، أنصح كل امرأة بأن تبحث عن الحلول إذا شعرت بأي مشكلة تؤثر على ثقتها بنفسها.

وتؤكد أنه يجب أن تتحلى المرأة العربية بالوعي والفطنة التي تميزها، وأن تفهم دوافع الأشخاص من حولها، هل يحبونها حقًا أم لديهم أهداف أخرى؟ ويجب أن تكون قادرة على التمييز بين الأصدقاء الحقيقيين والأعداء الذين يرتدون قناع الصداقة.

وتتابع، من المهم أن نبحث دائمًا عن الطرق التي تساعدنا في تطوير أنفسنا وتحسين جوانبنا النفسية والجمالية، الجمال ليس فقط في المظهر الخارجي، بل يكمن أيضًا في الداخل، في "البلورة السحرية" التي تحمل طاقة الجمال الداخلي لكل امرأة. عليها أن تبحث عن هذا الجمال الداخلي وتستفيد منه، بالإضافة إلى ذلك، لا بد من مواجهة المجتمع بكل قوته وإيجابياته وسلبياته. رغم أن بعض المجتمعات العربية لا تزال تعتبر زيارة الطبيب النفسي أو الاستشارة النفسية أمرًا غير مألوف، إلا أن الوعي بهذا الأمر يتحسن تدريجيًا، من المهم أن تكون المرأة صريحة مع نفسها، وأن تسأل نفسها بصدق: هل أنا راضية عن نفسي؟ وما هي العيوب والمميزات التي أراها في نفسي؟

وتجدد تأكيدها بأن الأهم من ذلك، يجب على المرأة أن تركز على مميزاتها وتبتعد عن التفكير في عيوبها. أن تكون شاكرة لله على ما تملكه من نعم هذا هو الأسلوب الأفضل لمواجهة التنمر، خاصة في مجتمعاتنا التي قد لا تكون مجهزة بالكامل لمعالجة هذه الظاهرة بشكل فعال. بالرغم من أن هناك بعض الجهود السطحية لمواجهة التنمر، إلا أننا لا نزال بحاجة إلى وعي أعمق وبرامج أكثر تأثيرًا كما هو موجود في بعض الدول الأخرى.

من نها المصرية إلى إيمان الجزائرية

نها لم تكن ترى إيمان فقط كبطلة رياضية، بل كانت تراها كصديقة روحية، كأخت لم تلتقِ بها يومًا، ولكنها تشعر بأنها تعرفها من خلال قصتها.

كانت تراها كمثال يُحتذى به لكل امرأة عربية تطمح إلى تحقيق أحلامها، رغم كل الصعوبات التي قد تواجهها، كانت تراها كأمل جديد، كدليل على أن الحق يمكن أن ينتصر، حتى في أكثر الظروف قسوة.

تقول نها في رسالة وجهتها إلى إيمان من خلال "جسور بوست"، كان يوم تتويج إيمان لحظة فخر لكل العرب، ولم تكن نها استثناءً، شعرت بأن فوز إيمان هو فوز لكل امرأة عربية تعرضت للتنمر، لكل من حاربت من أجل حقوقها. كان يوم تتويج إيمان هو يوم استعادة الكرامة، يوم الانتصار على الظلم، لقد كانت كلمات نها مليئة بالحب والفخر، وكانت تشعر بأنها جزء من هذا الانتصار. 

وتتابع: “أود أن أوجه كلمة لإيمان أقول لكِ يا إيمان، أنتِ حقًا كنتِ آية من آيات الله في هذا الزمان. لقد جمعتِ العرب حولكِ مرة أخرى، ليس فقط لدعمكِ كشخص، ولكن لتمثيل القوة والإرادة العربية، نحن فخورون بكِ للغاية، فقد وحّدتِ قلوبنا، ليس فقط في الجزائر، بل رأينا دعمًا من المغاربة، التوانسة، القطريين، السعوديين، وكل العرب..لقد أثبتتِ بأننا كعرب قادرون على الاتحاد لدعم أختنا وابنتنا، وما قدمتهِ من قوة وشجاعة جعلنا نرى فيكِ تجسيدًا للنشيد الوطني الجزائري، وذكرتنا بتلك النساء الجزائريات العظيمات اللاتي سطرن تاريخًا مجيدًا بأيديهن، وكن رموزًا للبطولة والإرادة، عندما نستمع للنشيد الوطني، ونتذكر دماء الشهداء الزكية والجبال الشامخة، فإننا نرى فيكِ تجسيدًا لتلك الروح العظيمة التي رفعت علم الجزائر عاليًا”.

وتقول في حديثها، “إيمان، لقد رفعتِ رأسكِ عالياً وأعدتِ كرامتكِ وكرامة الجزائر، وجعلتنا شهودًا على انتصاركِ الباهر، لقد حققتِ فخرًا عظيمًا لبلادكِ وللعرب جميعًا، وقدمتِ مثالًا يحتذى به للأجيال القادمة. نحن نفتخر بكِ طوال العمر، إن روح المثابرة والاجتهاد التي تمتعتِ بها، والتي جعلت الله يمنحكِ هذا النصر المستحق، هي نموذج يحتذى به، ونحن ننتظر منكِ المزيد من الميداليات والانتصارات لترفعي اسم الجزائر عاليًا”.

وتسترسل: “لقد كانت لحظة رفع علم الجزائر لحظة فخر وسعادة لنا جميعًا، وقد أكدتِ مجددًا، كما قال النشيد الوطني، على أن فرنسا المستعمرة ستجد في أبناء الجزائر مقاومة وإصرارًا، لقد قدمتِ لهم الجواب الشافي بأن المرأة العربية لا تقهر أبدًا، وأنها قادرة على مواجهة التحديات بالعمل والإصرار”.

وتتابع "أود أن أقول لكل من وقف ضدها: هناك من يستخدم الرصاص الحي ليقضي على أعدائه، وهناك من يستخدم الكلمة لتحقيق الهدف نفسه، إيمان استطاعت أن تستعمل "الرصاص الناعم"، ذلك السلاح الذي يتمثل في الثبات على المبدأ، والمضي قدماً رغم كل الصعاب. لقد كانت كلمات منتقديها بمثابة حجارة بنيت بها أساسًا قويًا صعدت من خلاله إلى ما تصبو إليه".

وتختتم قائلة، “إيمان، بنت الجزائر الشجاعة، نجحت في فضح المجتمع الغربي وكشف اتحاد الملاكمة الدولي على حقيقته، أظهرت كيف يمكن أن يكونوا مجردين من الأخلاق والمبادئ، وأنهم يفتقدون حتى للإنسانية، كانت ضربة إيمان بمثابة قنبلة نووية عابرة للقارات لكل المتنمرين”.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية