الهجرة واللجوء وغضب اليمين المتطرف
الهجرة واللجوء وغضب اليمين المتطرف
حالة الاحتقان التي صدّرتها السوشيال ميديا والزعم بأن اللاجئين هم السبب في ارتفاع أسعار الوحدات السكنية، وتهريب الدواء المدعم، وغيرهما من المزاعم، كلها خطابات تحريض على الكراهية لا تختلف عن دعوات اليمين المتطرف في أوروبا، والذي يدعو إلى ترحيل اللاجئين والأجانب إلى بلادهم.
وقد شهدت إنجلترا مؤخرًا أحداث عنف من اليمين المتطرف ضد المسلمين والأجانب، وبالطبع خلقت هذه الاحتجاجات حالة غضب داخل المجتمع البريطاني، والذي لم يشهد مثل هذه الأعمال الإجرامية منذ فترة طويلة، وتخريب المؤسسات، وربما لها أسباب عدة يصعب اختصارها حاليًا، وتراكمات عديدة وأخطاء من قبل المهاجرين، وخاصة المجتمع الباكستاني، ضد الأطفال الإنجليز والتحرش بهم، إلى جانب تراخي الشرطة البريطانية عن تطبيق القانون في بعض الحالات، مما دفع الإنجليز أنفسهم للثأر بعيدًا عن القانون، لكنها موجة غضب ملحوظة ضد الأجانب والمسلمين.
وما حدث في بريطانيا ليس بمعزل عما يحدث في الولايات المتحدة، والدليل هو الحوار الذي أجراه إيلون ماسك مع المرشح الأمريكي للرئاسة، دونالد ترامب، مؤخرا، وإثارة قضية الهجرة، وخاصة عبر الحدود مع المكسيك، ودفاع ترامب عن أفكاره في طرد الأجانب الذين يدعون للعنف، ورغبته في أن تكون للولايات المتحدة القدرة على غلق الحدود، وعدم السماح بالهجرة غير الشرعية، وإثارة الكثير من الجدل حول صدام الحضارات، حتى إن إيلون ماسك، مالك شركة منصة (X) (تويتر سابقا)، ختم حواره مع ترامب بقوله «يبدو أننا في مفترق طرق للحضارات، وأنت تمثل الحضارة التي نريدها».
ومن أمريكا إلى أوروبا، وتحديدًا في ألمانيا، حيث يتصاعد نفوذ اليمين المتطرف، ودعوات ترحيل الأجانب، ورغم أن ألمانيا دولة هجرة، فإنها شهدت مؤخرًا حالات جدل حول اللاجئين، وخاصة السوريين والأفغان، مما دفع الحكومة الألمانية للنظر في الأمر، والتأكيد على أنه ستتم زيادة عدد المرحلين المجرمين من اللاجئين، في ظل تزايد عدد الجرائم التي يقومون بها، وخاصة الاعتداء الجنسي على الأطفال، والدعوة لرفض الدستور الألماني، وغيرها من الأمور التي ساهمت في زيادة التصويت لليمين المتطرف، ليس في البرلمان الألماني فحسب، وإنما في البرلمان الأوروبي أيضًا.
هذا يعني أن أصوات اليمين تتزايد من القاهرة إلى لندن، وهي نفس الأصوات في واشنطن وبرلين، وطالما هناك محاولة عن عمد لتشويه المهاجرين والأجانب وعدم فهم المواثيق الدولية لحقوق الإنسان واتفاقية جنيف للاجئين، سنظل في نفس الدائرة، ولن نخرج منها.
فقد زادت حالات الهجوم على الإسلام والمسلمين بعد تفجيرات 11 سبتمبر، وجرت مبادرات من هنا وهناك للتأكيد على ضرورة حوار الثقافات والحضارات، وشاركت بشكل شخصي في العديد من المنتديات الدولية والإقليمية حول هذه القضية، وقطعنا أشواطا كبيرة نحو تعزيز الحوار بين الشرق والغرب، ومع ذلك تجددت الدعوات التي تود الصدام أكثر من الحوار.
وبعد اختياري مستشارة الممثل السامي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات، السيد ميجيل أنخيل موراتينوس، توقعت أننا سنعمل على استكمال الفعاليات المختلفة والأفكار الداعمة للحوار بين الشرق والغرب، الشمال والجنوب، لكن ظهور أفكار اليمين المتطرف تجعل الأمر صعبًا، خاصة أن هذا الصدام يخلق حالة من عدم الثقة، ويجعل كل الأطراف في حالة تربص، وبالتالي يزيد من تعقيد المشهد، وصعوبة استكمال ما بدأناه من قبل.
وأعتقد أن الحل يكون عبر تطبيق القانون، فمن يتواجد على الأراضي المصرية عليه الالتزام بالقانون، ومن يخالف يعاقب، ومن يرفض العقاب يجري ترحيله، فالأمر بسيط ولا يحتمل اللبس، خاصة أن عددًا كبيرًا من اللاجئين لا يقومون بتسجيل أنفسهم في مفوضية شؤون اللاجئين بالقاهرة، وبالتالي لا تستطيع الحكومة المصرية التفرقة بين من يأتي سياحة ومن يأتي هربًا من ويلات الحروب والصراعات، وبالتالي إرغام جميع الجنسيات الموجودة على الالتزام بالقانون، وإما قبول شروط الإقامة السياحية أو تسجيل أنفسهم كلاجئين ومن ثم فرض عراقيل على زيارة بلادهم. مصر دولة كبيرة، وكانت وجهة السيد المسيح هربًا من هيرودس، كما كانت الأمان للفارين من حروب وصراعات أوروبا، وعاش فيها الأرمن واليهود والطليان وغيرهم من الجنسيات، ولا نقبل مطلقًا أن يأتي يوم نسمع فيه من يطلب ترحيل الأشقاء السوريين أو السودانيين من مصر.
نقلاً عن صحيفة المصري اليوم