الرهائن بين المفاوضات وجحيم الصراع.. أزمة إنسانية تحت وطأة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي
الرهائن بين المفاوضات وجحيم الصراع.. أزمة إنسانية تحت وطأة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي
الرهائن كأداة ضغط.. تحليل حقوقي لمأساة المحتجزين الفلسطينيين والإسرائيليين
حقوقي يحذّر من تصعيد الصراع وتفاقم انتهاكات حقوق الإنسان بحق الرهائن والأسرى أثناء النزاع
خبير نفسي يكشف التأثيرات المدمرة للاحتجاز والتعذيب على الصحة النفسية للرهائن والأسرى
في السابع من أكتوبر 2023، شهدت منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا غير مسبوق في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بعدما نفذت حركة حماس هجومًا على إسرائيل، هذا الحدث دفع بالعالم إلى دوامة جديدة من العنف والصراع، لكن الأثر الإنساني الأكثر حدة كان مصير هؤلاء الرهائن، سواء أولئك الذين احتجزتهم حماس أو المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
ووفقًا للمصادر الإسرائيلية، فإن الهجوم الذي شنه مقاتلو حماس في ذلك اليوم أدى إلى احتجاز 251 شخصًا، بينهم مدنيون وأطفال وعسكريون، ومنذ ذلك الحين، دخلت المفاوضات في مراحل معقدة بوساطة دولية، شملت الولايات المتحدة ومصر وقطر، بهدف الوصول إلى وقف إطلاق نار شامل يتضمن الإفراج عن هؤلاء الرهائن.
وفي المقابل، تطالب حماس بإطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل، وهي خطوة تعدها إسرائيل محفوفة بالمخاطر الأمنية والسياسية.
حتى الآن، أُفرج عن 116 رهينة من غزة، معظمهم كانوا من النساء والأطفال، خلال هدنة مؤقتة في نوفمبر الماضي، حيث تمت مبادلتهم بسجناء فلسطينيين، ومعظمهم من النساء والقاصرين.
ولكن، لا يزال أكثر من 70 رهينة تحتجزهم حماس، بينهم طفلان، أحدهما يدعى كفير بيباس، الذي كان عمره 9 أشهر عند اختطافه، وشقيقه أرييل البالغ من العمر 4 سنوات، وتواجه إسرائيل ضغوطًا كبيرة من أسر الرهائن ومن المجتمع الدولي للإفراج عنهم، ولكن المفاوضات تعقدت بسبب تعنت الطرفين.
وفي الوقت الذي تعمل فيه إسرائيل على استعادة مواطنيها، تنفذ عمليات عسكرية في غزة أدت إلى استعادة جثث 30 رهينة منذ بداية النزاع، وفقًا لتقارير صحفية، لكن هذه العمليات زادت من حدة التوتر، خاصة بعد استعادة جثث 6 رهائن من نفق في خان يونس وسط قطاع غزة مؤخرا، ما أثار غضبًا شعبيًا داخل إسرائيل على فشل الحكومة في إنقاذهم أحياء.
على الجانب الآخر، يعيش الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية تحت ظروف قاسية وصفتها منظمات حقوق الإنسان بأنها تصل إلى حد التعذيب.
وفقًا لتقارير صادرة عن منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية، يعيش المعتقلون في زنازين مكتظة وقذرة، يتعرضون فيها للعنف اليومي والإذلال والحرمان من النوم والغذاء، وهذه الظروف زادت سوءًا منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، ما دفع المنظمات الدولية والمحلية إلى توجيه انتقادات حادة لإسرائيل.
ومن بين الأسرى الفلسطينيين، يتجاوز عدد المعتقلين الجدد 10,000، منهم من تم اعتقالهم في أعقاب هجوم حماس مباشرة، بينما اعتُقل آخرون خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة في غزة والضفة الغربية.
ويتشارك هؤلاء المعتقلون في معاناتهم من التعذيب وسوء المعاملة، والتي طالت حتى الأطفال والنساء، كما تشير تقارير حقوقية إلى وفاة 35 معتقلًا خلال فترة احتجازهم.
وبينما تستمر هذه المعاناة الإنسانية، تظل المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس قائمة، بوساطة دولية، لكن دون تحقيق تقدم ملموس حتى الآن، يعود ذلك جزئيًا إلى رفض حماس للحضور إلى طاولة المفاوضات طالما استمرت إسرائيل في التمسك بمواقفها العسكرية والسياسية، مثل بقاء القوات الإسرائيلية في محاور معينة داخل غزة.
من جهتها، تعتبر إسرائيل أن إطلاق سراح الرهائن هو الأولوية القصوى، لكن مطالبها الأمنية والتحديات السياسية الداخلية تعقد الأمور.
فقد أثارت تصريحات والدة أحد الرهائن التي نسبت إلى رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي بأن "الصفقة لن تتم"، جدلاً واسعًا داخل إسرائيل، كما أن الضغط الشعبي على الحكومة يتزايد مع استمرار الاحتجاجات والمطالبات بإبرام صفقة عاجلة للإفراج عن الرهائن، خاصة بعد اكتشاف جثث الرهائن الستة في نفق غزة.
لكن المفاوضات، كما هو الحال في معظم النزاعات الطويلة والمعقدة، تسير ببطء شديد، ففي الوقت الذي تحاول فيه الأطراف الدولية سد الفجوات بين إسرائيل وحماس، يبدو أن الأوضاع الإنسانية للرهائن والمعتقلين تزداد سوءًا.
ففي الداخل الفلسطيني، يعاني السجناء من ظروف الاعتقال القاسية التي تفرضها السلطات الإسرائيلية في سجونها المكتظة، بينما يعيش الرهائن الإسرائيليون في غزة تحت ظروف مجهولة، مع قليل من الأمل في الإفراج عنهم في المستقبل القريب.
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يزداد الضغط والغضب الشعبيان على الحكومة الإسرائيلية، خاصة بعد العثور على جثث 6 رهائن كان من الممكن إنقاذهم أحياء، بحسب دعوات المطالبين بضرورة إبرام صفقة فورية للإفراج عن الرهائن المحتجزين.
وذكرت الصحيفة، نقلاً عن مصادر غير معلنة، أن العقبة الرئيسية أمام إبرام الصفقة هي رفض حماس المشاركة في المفاوضات حيث يعود هذا الرفض إلى إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على إبقاء القوات الإسرائيلية في محوري فيلادلفيا ونتساريم، وهي المناطق التي تعتبرها حماس حيوية.
وتجري المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس استنادًا إلى "مقترح إسرائيلي" قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن في 31 مايو الماضي، والذي يتضمن 3 مراحل: وقف إطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية مقابل الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة.
ورغم أن المحادثات التي استضافتها قطر الأسبوع الماضي لم تؤدِ إلى تقدم ملموس، فإنه من المتوقع استئناف المفاوضات مرة أخرى في القاهرة، بناءً على مقترح أمريكي يهدف إلى تضييق الفجوات بين حماس وإسرائيل.
ويثير هذا الوضع تساؤلات ملحة حول دور المجتمع الدولي في التوسط وحل هذا الصراع. كيف يمكن للعالم أن يضغط على الأطراف المعنية للوصول إلى حل سلمي يضمن إطلاق سراح جميع الرهائن والمعتقلين؟ وكيف يمكن للمنظمات الحقوقية الدولية أن تؤدي دورًا أكثر فاعلية في فضح الانتهاكات والعمل على تحسين ظروف الاحتجاز لكلا الجانبين؟
ويرى خبراء أن تحقيق العدالة والحرية لهؤلاء الرهائن والمعتقلين لن يتحقق إلا عبر جهود مكثفة وصادقة من المجتمع الدولي لإحلال السلام ووقف هذا الصراع المرير، ولعل هذه الجهود تتكلل بإعادة البسمة إلى وجوه أولئك الذين فقدوا كل أمل في عودة أحبائهم، في ظل هذه الأزمة الإنسانية التي تطحن المنطقة بلا رحمة.
واندلعت الحرب في غزة بعد هجوم شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، وفقًا للسلطات الإسرائيلية.
وردًا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس، وأطلقت حملة قصف واسعة النطاق على قطاع غزة تلتها عمليات برية بدأت في 27 أكتوبر، ما أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لما أعلنته وزارة الصحة في غزة.
الرهائن أداة تفاوضية ومفصل تاريخي
لطالما كانت قضية الرهائن جزءًا مركزيًا ومعقدًا من الصراع المستمر بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
هذا الصراع الذي يمتد لعقود شهد العديد من الأحداث التي استخدمت فيها الرهائن كأداة للضغط السياسي والعسكري، وكوسيلة للتفاوض وإجراء صفقات تبادل الأسرى، تأثير هذه القضايا كان دائمًا حاسمًا في تحديد مجرى الحرب والهدنة، بل حتى في تشكيل العلاقات بين الأطراف المتنازعة.
بدأت مسألة الرهائن تأخذ بعدًا مؤثرًا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ عقود، وتحديدًا مع بداية تصاعد النزاع المسلح بين الطرفين بعد نكبة عام 1948 وإنشاء دولة إسرائيل، خلال هذا الوقت، كان الفدائيون الفلسطينيون والجماعات المسلحة يستخدمون احتجاز الجنود والمدنيين الإسرائيليين كوسيلة للمساومة من أجل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، واحدة من أوائل هذه العمليات كانت عملية "أريحا" في عام 1974، حيث احتجز مسلحون فلسطينيون مجموعة من الرهائن الإسرائيليين في إحدى مدارس مدينة معالوت، مطالبين بإطلاق سراح عدد من المعتقلين الفلسطينيين، وانتهت العملية بمجزرة بعد تدخل الجيش الإسرائيلي، ما أثار موجة من الغضب وتعمق الجراح بين الجانبين.
وفي السياق، كانت عملية "عنتيبي" في عام 1976 واحدة من أشهر قضايا الرهائن في تاريخ الصراع، حينما قامت مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين وأعضاء من الجيش الأحمر الياباني باختطاف طائرة فرنسية كانت متوجهة من تل أبيب إلى باريس، واحتجزوا ركابها رهائن في مطار عنتيبي بأوغندا.
وطالب الخاطفون بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين وآخرين محتجزين في إسرائيل ودول أخرى، وانتهت العملية بتدخل عسكري إسرائيلي جريء، حيث تمكنت وحدة كوماندوز إسرائيلية من تحرير الرهائن وقتل الخاطفين، لكن الحادثة أكدت استخدام الرهائن كأداة للضغط في النزاع المتصاعد.
في العقود التي تلت، استمرت مسألة الرهائن في التأثير على مسار النزاع. خلال الانتفاضة الأولى (1987-1993) والانتفاضة الثانية (2000-2005)، كانت عمليات احتجاز الجنود الإسرائيليين تتكرر، وغالبًا ما كانت تهدف إلى تبادلهم بأسرى فلسطينيين.
من أبرز هذه العمليات كانت عملية "جلعاد شاليط" في عام 2006، عندما اختطفت كتائب عز الدين القسام الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط من داخل الحدود الإسرائيلية ونقلته إلى قطاع غزة.
استمرت المفاوضات لأكثر من 5 سنوات، وانتهت بصفقة تبادل غير مسبوقة في عام 2011، أُطلق بموجبها سراح شاليط مقابل أكثر من ألف أسير فلسطيني. هذه الصفقة أثبتت مدى تأثير الرهائن على القرارات السياسية والعسكرية في النزاع.
في السنوات الأخيرة، وخصوصًا في أعقاب هجمات السابع من أكتوبر 2023، عادت مسألة الرهائن لتتصدر المشهد في الصراع، احتجاز عدد كبير من الإسرائيليين من قبل حركة حماس في قطاع غزة أضاف تعقيدًا جديدًا إلى الصراع، حيث أصبح مصير هؤلاء الرهائن محورًا رئيسيًا للمفاوضات والجهود الدبلوماسية الدولية.
كانت حماس تدرك جيدًا قيمة هؤلاء الرهائن كأداة تفاوضية، واستخدمت هذه الورقة للضغط من أجل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية.
تأثير هذه القضية على مجرى الحرب كان واضحًا، فقد شكلت قضية الرهائن عامل ضغط هائل على الحكومة الإسرائيلية، وأثرت على القرارات العسكرية والسياسية.
من جهة أخرى، أظهرت هذه القضية للعالم حجم التوترات والتعقيدات الإنسانية المرتبطة بالنزاع، ما أدى إلى تدخلات دولية وإقليمية لمحاولة حل الأزمة.
ويمكن القول إن استخدام الرهائن في هذا النزاع يعكس الطبيعة المعقدة والمأساوية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. فالرهائن ليسوا مجرد أوراق تفاوضية، بل هم بشر يحملون معاناة الطرفين وصراعهم الطويل من أجل الكرامة والحرية.
التأثير العميق لهذه القضايا على مسار الحرب يعكس كيف يمكن أن تتحول هذه الأحداث إلى مفصل تاريخي يحدد مسار النزاع ويؤثر على مستقبل المنطقة بأسرها.
وتعكس مسألة الرهائن حالة من اليأس والتحدي بين الطرفين، حيث يستخدم كل جانب كل ما في وسعه لتحقيق مكاسب استراتيجية أو الضغط على الطرف الآخر، لكن في الوقت نفسه، فإن هذه القضايا تؤكد الحاجة الملحة لإيجاد حل سلمي للنزاع، إذ إن استمرار هذه الديناميكية من الصراع والانتقام سيؤدي فقط إلى مزيد من المعاناة والتوتر في المنطقة.
احتجاز الرهائن بين القسوة الإنسانية والالتزام بالمعايير الدولية
وقالت الحقوقية الكويتية البارزة، مها برجس، إنه وفي خضم النزاع المتواصل بين إسرائيل وفلسطين، يُعد احتجاز الرهائن أحد أكثر الجوانب حساسية وتعقيدًا، وعلى الرغم من الفظائع التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، والتي تصل إلى حد الإبادة، فإن تقارير حقوقية تشير إلى أن الفلسطينيين يعاملون الرهائن الإسرائيليين بآدمية، رغم أن هؤلاء الرهائن ليسوا كلهم من المدنيين، بل منهم جنود أو أفراد شاركوا في العمليات العسكرية.
وتابعت برجس، في تصريحاتها لـ"جسور بوست"، إن الرهائن المحتجزين يواجهون ظروفًا صعبة، حيث يعيشون في ظل تهديد دائم لحياتهم، ما يفرض عليهم ضغوطًا نفسية وجسدية شديدة، بجانب العزلة، وعدم اليقين حول المصير، والقلق المستمر يؤدي إلى آثار نفسية قد تكون طويلة الأمد، ومن ناحية أخرى، عائلات هؤلاء الرهائن تعيش في حالة من القلق والتوتر المستمر، حيث تظل تنتظر أخبارًا عن مصير أحبائها، ما يفاقم من معاناتهم النفسية ويؤثر على حياتهم اليومية.
ومن الناحية القانونية، أوضحت خبيرة حقوق الإنسان: يعتبر احتجاز الرهائن، حتى إن كانوا جنودًا أو أفرادًا عسكريين، انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني إذا تم استخدامهم كورقة ضغط، فاتفاقيات جنيف وغيرها من المعاهدات الدولية تفرض على الأطراف المتحاربة معاملة الأسرى والرهائن بكرامة واحترام حقوقهم الأساسية، والفلسطينيون، رغم الظروف القاسية التي يواجهونها، يُظهرون التزامًا نسبيًا بهذه المعايير، وهو ما يبرز في التقارير التي تفيد بمعاملة الرهائن الإسرائيليين بآدمية، حتى إن كانوا منخرطين في أعمال عسكرية ضد الفلسطينيين.
مها برجس
واستطردت، أما من ناحية الانتهاكات المحتملة، فإن كلا الجانبين يتعرض لانتقادات دولية، إسرائيل تُتهم بشكل مستمر بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك ممارسة التعذيب وسوء المعاملة ضد الأسرى الفلسطينيين، وهو ما يتنافى مع المعايير الدولية. في المقابل، ورغم التزام الفصائل الفلسطينية بمعاملة الرهائن بآدمية، فإن احتجازهم واستخدامهم كورقة ضغط سياسية يظل نقطة سوداء قد تؤثر على سمعة الفلسطينيين في المجتمع الدولي.
وأتمت، يجب أن يكون الالتزام بالمعايير الإنسانية والقانون الدولي هو المبدأ الذي يحكم سلوك جميع الأطراف في النزاع، إن الانتهاكات المتبادلة لحقوق الإنسان لا تساهم إلا في زيادة معاناة الضحايا وتعميق الأزمة وفي هذا السياق، فإن المعاملة الآدمية للرهائن، رغم الظروف القاسية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، تظل علامة فارقة تظهر احترام الفلسطينيين للقيم الإنسانية العالمية، ولكنها أيضًا تذكير بضرورة إنهاء استخدام الرهائن كأداة ضغط في أي صراع.
معاناة الرهائن وانتهاكات حقوق الإنسان
وبدوره، قال الأكاديمي وخبير علم النفس، علاء الغندور، إن الرهائن أياً كانت ظروف احتجازهم، يواجهون تحديات نفسية عميقة تؤثر على حياتهم بطرق عديدة. الاحتجاز القسري، خاصة في ظل ظروف غير إنسانية، يمكن أن يكون له تأثيرات مدمرة على الصحة النفسية للرهائن، ويتمثل أول هذه التأثيرات في مشاعر العزلة والقلق المستمر، حيث يعيش الرهائن في حالة من عدم اليقين بشأن مصيرهم، هذا القلق مصحوب بألم جسدي، ويمكن أن يؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة، والاكتئاب الحاد، والقلق المزمن، وعند تعرض الرهائن للتعذيب أو سوء المعاملة، تتفاقم معاناتهم بشكل كبير، التعذيب الجسدي لا يسبب الألم البدني فقط، بل يترك أيضاً آثاراً نفسية عميقة.
وأكد الغندور، في تصريحاته لـ"جسور بوست"، أن الصدمات التي يتعرض لها الأفراد خلال التعذيب يمكن أن تؤدي إلى مشكلات طويلة الأمد مثل الاضطرابات النفسية والعاطفية، وفقدان الثقة في الآخرين، والشعور العميق بالعجز واليأس، والتعذيب أيضاً يمكن أن يخلق صدمات نفسية تجعل من الصعب على الأفراد بناء علاقة صحية مع الذات والآخرين في المستقبل.
وأضاف، الجانب الإسرائيلي، وفقاً للتقارير، يتعامل بوحشية مع الأسرى الفلسطينيين، ما يزيد من تعقيد الوضع النفسي لهؤلاء الأسرى. المعاملة الوحشية، بما في ذلك التعذيب البدني والنفسي، تخلق بيئة قاسية تدمر الشعور بالأمان وتزيد من الصدمات النفسية، وهؤلاء الأسرى قد يعانون من أعراض تشبه تلك التي يعاني منها ضحايا التعذيب من قبل النظام التعذيبي، مثل اضطرابات النوم، والهلوسات، وسلوكيات انتحارية.
علاء الغندور
وعن إعادة تأهيل الرهائن والأسرى، أكد الغندور أنها تحتاج إلى جهود كبيرة ومركزة. أولاً، من الضروري توفير الرعاية النفسية المتخصصة التي تشمل العلاج النفسي الفردي والجماعي، العلاج النفسي يمكن أن يساعد الرهائن على معالجة الصدمات والتأقلم مع حياتهم بعد الاحتجاز، كما يشمل العلاج عادةً تقنيات مثل العلاج السلوكي المعرفي، الذي يساعد الأفراد على إعادة صياغة أفكارهم السلبية وتطوير استراتيجيات مواجهة فعالة. ثانياً، يحتاج الرهائن إلى دعم اجتماعي قوي لمساعدتهم في إعادة بناء علاقاتهم مع الأسرة والمجتمع، والدعم الاجتماعي يلعب دوراً حاسماً في عملية الشفاء، حيث يوفر للرهائن شعوراً بالانتماء والتواصل مع الآخرين. كذلك، برامج التأهيل الاجتماعي يمكن أن تساعدهم على إعادة دمجهم في المجتمع بشكل تدريجي وسلس.
وأتم خبير علم النفس، قائلا، إن التعافي من الصدمات النفسية والبدنية يتطلب وقتاً وصبراً، ويجب أن يكون مصحوباً بدعم طويل الأمد، فالرهائن الذين يعانون من آثار التعذيب يحتاجون إلى بيئة داعمة ومستقرة لضمان نجاح عملية إعادة التأهيل والعودة إلى حياة طبيعية، ومن الأهمية بمكان أن تتحمل الأطراف المسؤولة عن الانتهاكات مسؤولياتها، وأن تسعى لتحقيق العدالة للضحايا، حتى يتمكنوا من الشفاء وإعادة بناء حياتهم بكرامة.