الاتجار بالبشر في ليبيا.. قضية تؤرق المجتمع وتستدعي تحركات محلية ودولية

الاتجار بالبشر في ليبيا.. قضية تؤرق المجتمع وتستدعي تحركات محلية ودولية

 

مسؤول أممي: الاضطرابات تؤدي إلى تفاقم أزمة حقوق الإنسان

ناشط حقوقي: انتشار ظاهرة الخطف في ظل النزاع المسلح والفوضى الأمنية وعدم الاستقرار السياسي

خبيرة حقوق الطفل: هناك جهود فردية لبعض المنظمات الحقوقية غير الحكومية لكنها لا ترقى للمستوى المطلوب

خبيرة قانونية: ليبيا صادقت على العديد من الاتفاقيات والتشريعات الحقوقية ولكن يوجد قصور في آلية تنفيذ بعض نصوص 

مسؤولة بالمجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان: نسعى إلى نشر التوعية والتثقيف بحقوق الإنسان.. والدول الأوروبية تتحمل المسؤولية

 

إيمان بن عامر 

تواجه ليبيا أزمة إنسانية خطيرة وظاهرة تضرب استقرار المجتمع كله، وتمثل انتهاكاً صارخا لحقوق الإنسان، وتتطلب تدخلا عاجلا لمكافحة الاتجار بالبشر وعمليات الخطف، خاصة بين الأطفال.

وتعكس تصريحات المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، حجم هذه المشكلة والتواطؤ المستمر الذي يسهم في استمرارها، حيث تأتي هذه التصريحات في وقت تعاني فيه ليبيا من اضطرابات سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية عميقة، ما يؤدي إلى تفاقم أزمة حقوق الإنسان في البلاد وتزايد هذه الجرائم.

في عام 2011 دخلت ليبيا في دوامة من الفوضى والنزاعات المسلحة، ما أدى إلى تدهور المؤسسات الحكومية، وخلق بيئة خصبة للجماعات المسلحة والخارجين عن القانون، لاستغلال الوضع لممارسة الأنشطة غير القانونية، منها الاتجار بالبشر، واختطاف الأطفال وممارسة أبشع التصرفات تجاههم.

وأدت هذه الأزمة إلى نزوح آلاف الأشخاص وزيادة عدد المهاجرين واللاجئين الذين يسعون للوصول إلى أوروبا عبر ليبيا، ما جعلهم فريسة سهلة للمهربين والمتاجرين بالبشر.

تفاقم الظاهرة

وفي هذا السياق، قال الناشط الحقوقي، طارق لملوم، إن قضية الاختطاف والانتهاكات التي تطال الأطفال في ليبيا هي قضية قديمة وحتى اليوم لا توجد أي إجراءات حقيقية قامت بها السلطات في ليبيا وحتى المجموعات والمنظمات والوكالات المعنية بحماية الأطفال والقاصرين الليبيين أو المهاجرين بطريقة نظامية أو غير نظامية، حيث بدأت الظاهرة تزداد بعد عام 2014، وهي ليست حالات فردية بل كثرت في عديد المناطق الليبية، باختطاف الأطفال والقاصرين خصوصا المنحدرين من عائلات ذات حال مادي جيد ورجال أعمال وشخصيات معروفة، أو بعض الخصوم السياسيين في ما بينهم، وهناك أكثر من حادثة وقعت وكان الغرض ليس المال وإنما نكاية وردة فعل بين الخصوم، وكان هناك الكثير من هؤلاء الناس تعرض أبناؤهم للاختطاف مقابل فدية وبأرقام كبير جداً وصلت حتى مليون دينار، طلبت من بعض العائلات لإطلاق سراحهم، مبديا أسفه أنه حتى بعد دفع الفدية يجدون أبناءهم مقتولين، وهناك شواهد وقفنا عليها على أرض الواقع، وتعد هذه أبرز الأسباب بالنسبة لليبيين.

وأضاف "لملوم"، في تصريحاته لـ"جسور بوست" هذه الظاهرة لم تكن موجودة في ليبيا من قبل 2011، ولكن نظرا لوجود النزاع المسلح وانتشار الفوضى الأمنية وعدم الاستقرار السياسي، هذا الوضع أدى إلى انهيار القانون والنظام ما خلق بيئة مثالية للجماعات الإجرامية لممارسة أنشطتها دون خوف من المحاسبة، إضافة إلى التدهور الكبير الذي تعانيه البلاد اقتصاديا ما يدفع الكثيرين إلى البحث عن وسائل للبقاء على قيد الحياة، وأيضا الفقر والبطالة يدفعان البعض إلى الانخراط في أنشطة غير قانونية منها الاتجار بالبشر كوسيلة للحصول على دخل.

طارق لملوم

وتابع لملوم: في ما يخص المهاجرين وطالبي اللجوء كثرت هذه الحوادث وفي بعض الأحيان كان هناك اختطاف بالجملة، ويتم احتجاز أعداد كثيرة من القاصرين دون سن 18 السنة، في مخزن أو مكان معين والضغط على عائلاتهم لأجل أن يدفعوا الأموال، قضايا الخطف هذه تورط فيها أيضا مهاجرون من نفس الجنسيات، وأغلب من تعرض أبناؤهم للخطف هم تجار ممن يعيشون داخل ليبيا قادرين على دفع مبالغ مالية، وبالطبع لا يفعل مثل هذه الأشياء إلا من يكون مقربا من تلك العائلات وعلى دراية بأحوالهم.   

وأشار الناشط الحقوقي إلى اختطاف قاصرين بالجملة ممن يتم إرجاعهم من البحر بعد أن يكونوا دخلوا ليبيا وهم غير مصحوبين بذويهم، وخاضوا تجربة ركوب البحر حيث أخرجوا من قبل المهربين وتم وضعهم في أماكن احتجاز ومن ثم ابتزاز أهاليهم، ويتم حرمان بعضهم من التواصل مع عائلاتهم لمدة 3 إلى 4 أشهر، حتى يتم دفع الفدية المطلوبة، معتقدا أن هذه الظاهرة ستستمر ما لم تكن هناك خطوات أمنية رادعة.

وشدد الناشط الحقوقي على ضرورة مضاعفة العقوبة في التشريع على الأشخاص مختطفي الأطفال، والمشرع الليبي عليه أن ينتبه لهذه الأمور، منوها بأن ليبيا صادقت على اتفاقية حقوق الطفل وملزمة أيضا بنصوص القانون الليبي الذي يتكلم عن حماية الطفولة، وهناك مواثيق أيضا صادقت عليها، وبالتالي من واجب السلطات والجهات التشريعية الاهتمام بهذه المسألة ولا يكون ردود الفعل فقط عندما تقع الكارثة ويتم اختطاف طفل، وتغييبه ساعات عن أهله هو في حد ذاته يسبب مشكلات كثيرة له، ولن يعود كما في السابق من الناحية النفسية أو الجسدية.

وقال "لملوم"، هناك جزئية أخرى يجب توضيحها بخصوص القصر ممن يتم إرجاعهم، وهي أن الغالبية منهم يوضعون في مراكز الاحتجاز مع البالغين، سواء في طرابلس أو المنطقة الشرقية أو في الجنوب بمراكز مدينة الكفرة، وفي طرابلس تم تخصيص مركز لاحتجاز النساء وأيضا للقاصرين، رغم أنه أصلا غير مؤهل لاستقبال القاصرين، أما باقي المراكز فلا يتم فصل القاصرين عن البالغين، وبنفس الحال والكيفية يكون نفس الوضع داخل الإصلاحيات التابعة لوزارة العدل الليبية، باستثناء بعض الإصلاحيات التي هي أساسا موجودة داخل سجن البالغين، وفي كثير من الأحيان يختلطون معهم في فترات الخروج والاستراحة وغيرها،  وحتى تاريخ اليوم يوجد مشاكل كثيرة بخصوص مقرات دور الأحداث التي تم السيطرة عليها من جهات منذ 2011 وحتى الآن، حيث يتم احتجازهم في إصلاحيات تتبع وزارة العدل وفي الغالب هم موجودون مع البالغين. 

شهادات من الواقع

يروي الناشط الحقوقي طارق لملوم، أغرب القصص التي تم رصدها في عام 2020، حيث تم اختطاف 4 أشقاء من دولة (إريتريا) كانوا متواجدين في السودان من قبلة عصابة إجرامية ثم تم نقلهم إلى ليبيا ووضعهم في أحد المخازن لدى أحد المهربين بالمنطقة الجنوبية، بعدها تم التفاوض مع عائلتهم، حيث إن عم العائلة وبعض أقاربهم موجودون في أوروبا بالسويد، وهذه ضمن المغريات التي تجعل تجار البشر يرفعون الأسعار واللجوء لاختطاف بعض الأطفال، وفعلياً تم الاختطاف والاحتفاظ بهم عدة أشهر وكان هناك تفاوض مع العائلة حيث طُلب منهم مبلغ كبير قرابة (30) ألف دولار، وقامت العائلة بدفع المبلغ بسرعة، وعندما حدث ذلك ازدادت أطماع الخاطفين بطلب مبلغ آخر بعد أن لمسوا استعداد أهالي الضحايا للدفع بسرعة مقابل إطلاق سراح أبنائهم، وفعلا هذا ما حدث في هذه القضية أنهم طلبوا مبلغ (15) ألف دولار أخرى، وفعلاً تم الدفع، المستغرب في الأمر أنه يتم التنقل بهؤلاء الأطفال ووضعهم كل مرة في مكان مختلف، وبعدها تم تسليمهم بمنطقة بين مدينة بني وليد وطرابلس، حيث وصلت والدتهم إلى ليبيا وقامت باستلامهم، بعد أن حولت الأموال عبر بنوك، وإحدى الحوالات تم تحويلها إلى أمريكا، ولم نستطع الحصول على معلومات أكثر عن الأبناء، نظرا لتخوف والدتهم على سلامتهم، وأوصيناها بالتواصل مع المفوضية العليا للاجئين.

التوعية والدعم النفسي 

ومن جانبها، أوضحت خبيرة حقوق الطفل الدكتورة أمال الهنقاري، أن ليبيا ضمن الدول التي صادقت على العديد من الاتفاقيات الدولية، ومنها اتفاقية حقوق الطفل، إلا أن مجريات الأحداث وتعثر الاستقرار على جميع الأصعدة والظروف التي مرت بها البلاد خلال السنوات الأخيرة، جعلت تفعيل الاتفاقيات وتطبيق القانون يفشل، كما فشلت في تعديل وتطوير القوانين الخاصة بحق الطفل والتعامل بمرونة مع نصوصه، ما أدى إلى التراجع في ممارسات حقوق الطفل في ليبيا، خاصة بعد تعثر العملية  السياسية، وانعكس ذلك على حقوق الأطفال وسهل تعرضهم للاستغلال، وخصوصاً مع انتشار السلاح والنزاعات المسلحة.

وقالت "الهنقاري"، في تصريحاتها لـ"جسور بوست"، إن البلاد تشهد الكثير من الاعتداءات التي لا يتم التبليغ عنها لظروف أسرية أو للخوف أو لعدم الثقة في نتيجة التبليغ وحتى التي يتم التبليغ عنها ينتهي الأمر فقط في الغالب بفتح محاضر لدى مراكز الشرطة، فقد رصدت بعض المنظمات المحلية والدولية انتهاكات يكون الضحية فيها من أطفال العمال والمهاجرين بليبيا، ولقد نشرت عشرات الشكاوى بخصوص وقوع تحرش واعتداء جنسي على هؤلاء الأطفال من قبل أجانب وليبيين في تقارير لتلك المنظمات، ولقد زاد الأمر تعقيداً بعد الانقسام الذي حدث في ليبيا بوجود حكومتين في الشرق والغرب، ما أدى إلى ارتباك في الأداء وخصوصاً في مجال رعاية الأطفال وحمايتهم.

 الدكتورة أمال الهنقاري

وأوضحت أنه رغم بعض الجهود التي تعتبر إلى حد ما فردية وقاصرة على بعض المنظمات غير حكومية العاملة في مجال حقوق الطفل، فإنها لا ترقى للمستوى المطلوب في مجال حماية الأطفال والمراهقين وخصوصاً لتعرضهم المباشر وغير المباشر للخطر والاختطاف والاعتداء والاستغلال الجنسي والتشغيل وغيرها.

وأشارت إلى احتياج الأطفال للكثير من الجهد والتنسيق بين الجهات الرسمية والأهلية للعمل وفق برامج الدعم النفسي والاجتماعي لهم جميعاً، وعلى وجه الخصوص من يتعرضون للخطر والاستغلال سواء من الأطفال الليبيين أو المهاجرين، الذين يتم استغلالهم في التسول والتشغيل، ناصحة بضرورة أن تضع المدارس والنوادي ضمن خططها تقديم التوعية  والتثقيف للأطفال عن أساليب حماية أنفسهم والتبليغ عن المستغلين وعدم السكوت عن الأذى وطلب المساعدة كلما أمكن، مؤكدة أنه لحملات التوعية أهمية كبرى لزيادة الوعي بمخاطر الاتجار بالبشر وحقوق الضحايا، كذلك تدريب العاملين في المجال الإنساني والأمني على التعرف على الضحايا وتقديم الدعم اللازم لهم.  

  

تحديات وعوائق

وفي السياق، قالت القانونية، جميلة بن عتيق، إن المفهوم العام لحقوق الطفل هو منع الإساءة والإهمال ومنع الاستغلال والعنف والتصدي له، ولكن الانقسام السياسي في ليبيا والظروف الاقتصادية الصعبة أدت إلى وجود أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين، وهؤلاء المهاجرون قد يكون معهم أطفال، البعض منهم غير مصحوبين بذويهم، وجميعنا يعلم أن الأطفال يصنفون من الفئات الضعيفة والهشة وهذا قد يجعل منهم عرضة لعديد الانتهاكات قد تمارس عليهم وتمس كرامتهم وإنسانيتهم، مشيرة إلى أن هذه الأخبار قد يصل العلم بها للجهات القضائية المختصة بوجود أطفال بأماكن احتجاز غير قانونية، تعرضوا للخطف ويتعرضون في هذه الأماكن لكافة ضروب المعاملة غير الإنسانية والاستغلال الجنسي والتعذيب من أجل الحصول على الأموال مقابل إخلاء سبيلهم.

وبينت "بن عتيق" في تصريحاتها لـ"جسور بوست"، أن ليبيا صادقت على العديد من الاتفاقيات الدولية من ضمنها اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1993، كما صادقت على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال بالنزاعات المسلحة، كما صادقت على البروتوكول الاختياري بشأن بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء والأمور الإباحية، وأيضا على الاتفاقية الدولية لحماية جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم بالإضافة للقانون رقم (5) لسنة 1997 لحماية الطفولة، والقانون رقم (10) لسنة 2013 بشأن تجريم التعذيب والإخفاء القسري والتمييز، هذه النصوص والتشريعات والاتفاقيات قد جاءت من أجل حماية حقوق الطفل وإن كان هناك قصور في آلية تنفيذ بعض نصوص هذه القوانين نتيجة المعطيات سالفة الذكر، موصية بضرورة مراجعة وتطوير التشريعات في البلاد والإجراءات الخاصة بالأطفال بما يتوافق مع التزامات الدولة الليبية والعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، مؤكدة ضرورة اتباع وسائل الإعلام والمنظمات الإنسانية والحقوقية والجهات والمؤسسات الحكومية طرق المحافظة على هوية الطفل وحماية خصوصيته وعدم عرض صورته دون تغطية أو تمويه عند نشرها في وسائل الإعلام عملاً بمبدأ المصلحة الفضلى للطفل. 

السلطات الأمنية ودورها في التصدي للظاهرة 

نشر مكتب النائب العام عبر صفحته الرسمية المدللة بالعلامة الزرقاء، معلناً أن السلطات الليبية المتمثلة في مكتب النائب العام قامت في (27) أبريل الماضي من العام الجاري بتحرير الطفل "محمد" البالغ من العمر 3 سنوات، بعد تعرضه لعملية اختطاف من قبل أشخاص أرغموا أهله على دفع فدية تقدر بـ(20) ألف دولار لإطلاق سراحه، وقال بيان النيابة العامة في ليبيا، لقد تمكن أعضاء قسم الإدارة العامة للبحث الجنائي ببنغازي وركن الشؤون الأمنية برئاسة أركان الوحدات الأمنية، من إلقاء القبض على عناصر الشبكة وتخليصها، وقد أثارت الحادثة جدلاً كبيراً في البلاد خاصة بعد ما نشر الخاطفون فيديو للطفل الضحية وهو يخضع لتعذيب جسدي وترهيب بواسطة السلاح. 

وفي مارس 2024 أعلن مكتب النائب العام القبض على متهم بخطف طفل يبلغ من العمر (4) سنوات بمدينة زليتن مع تحرير الطفل، وأوضحت الجهات القضائية أن ضبط المتهم جاء إثر تلقي سلطة التحقيق نبأ خطف الطفل، بهدف إجبار أهله على دفع فدية مالية قدرها (100) ألف دولار.

وأمرت سلطة التحقيق بمكتب النائب العام بحبس فرد من تشكيل عصابي تعمد أفراده حجز مهاجرين غير نظاميين لإرغام ذويهما على دفع مبلغ مالي نظير إطلاق سراحهما، وقد توصل مأمورو مكتب قوة دعم المديريات بمدينة زوارة غرب العاصمة طرابلس بالقبض على متهم متلبس بجرم حجز مهاجرين سوريين أثناء نقلهما عبر الطريق العامة، ومن خلال اطلاع نائب النيابة بمكتب النائب العام على الظروف الملابسة لإجراء القبض، استدل على أن المقبوض عليه انخرط في تشكيل عصابي يمتهن تنظيم عمليات تهريب المهاجرين عبر البر والبحر، والاتجار بالبشر، وقد تعمد التشكيل تنسيق عمليات هجرة غير نظامية متعدية للحدود الوطنية، من خلال منظمة تضم ثلاثين فرداً ارتبطوا في مشروعهم الإجرامي مع شبكات أخرى خارجية، كما ترتب عن الإجراءات إثبات ارتكاب المقبوض عليه جريمة خطف (14) وافداً مارس عليهم أساليب التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة واللا إنسانية لغرض حمل ذويهم تحت وطأة مشاهدة التعذيب على دفع الفدية.

دور المجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان الليبي

ومن جهتها، استعرضت مدير مكتب إعداد التقارير بالمجلس، صفاء رحيل، دور المجلس في هذا الملف، قائلة: إن الدولة الليبية صادقت على جميع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان الأساسية وهي (9) اتفاقيات باستثناء اتفاقية الإخفاء القسري والبروتوكول الملحق لمناهضة التعذيب، وبالتالي نحن كمجلس وطني مسؤول عن حماية وتعزيز حقوق الإنسان بكافة البلاد، من ضمنها حقوق الطفل.

وأضافت "رحيل" في تصريحاتها لـ"جسور بوست"، أن المجلس يسعى من خلال دوره المناط به إلى نشر التوعية والتثقيف بحقوق الإنسان فنحن في وضعنا الحالي نحتاج إلى جهود تبذل في هذه مسألة، بمعنى أنه يجب على الشخص أن يكون على دراية بحقه حتى يتسنى له معرفة ما هو الانتهاك الذي وقع عليه، ومن ثم يستطيع أن يحتج ويطالب به، مشيرة إلى أن الانتهاكات التي مورست على مستوى البلاد والشكاوى التي قدمت للمجلس لم تتعدَ (0.5) من خلال ما تم رصده، وفي سياق حقوق الطفل المجلس قام بعديد الزيارات منها للفئات الهشة فاقدي السند بدار رعاية الطفل وتقديم الدعم المعنوي لهم، مع ملاحظتنا لاحتياج العاملين بها إلى تدريب وتطوير من مهاراتهم في التعامل مع هذه الفئة حتى يتم احتواؤهم، منوهة إلى أن القانون الليبي يحتاج إلى تعديل تشريعه الذي نص على أن الهجرة غير النظامية هي جريمة يحاسب عليها القانون.

وقالت، إن هؤلاء الضحايا أجبرتهم الظروف بمختلف أنواعها للخروج والبحث عن ملاذ آمن للعيش، وهنا من المفترض أن السياسات تتم في إطار حقوق الإنسان حتى إن اعتبرت الدولة الليبية بموجب قانونها أنها جريمة وأن هؤلاء الأشخاص لا تكفلهم حماية خاصة كونهم مهاجرين غير نظاميين ولكن في المقابل هذا إنسان كفلت له الاتفاقيات حقوقه المدنية مثل حقه في الحياة والسلامة الجسدية من التعذيب والمعاملة الإنسانية الحسنة والسياسية، وليبيا مصادقة على هذه الاتفاقيات سالفة الذكر.

وتابعت، لا أستطيع تحميل المسؤولية على الجانب الليبي كون ليبيا دولة عبور وليست دولة مقصد وبهذا دول الاتحاد الأوروبي وما تقوم به من صد وعدم توفير مسارات آمنة للخروج من ليبيا تتحمل مسؤولية الانتهاكات التي تحدث بالدرجة الأولى لأنهم يعرفون تداعيات الوضع الحالي للدولة الليبية، كما أن الأشخاص العاملين بمراكز الإيواء غير مدربين ومؤهلين ولا يوجد دعم لوجستي، ذاكرة أن المجلس يواجه عديد التحديات والصعوبات في مسألة الإعمال بالحقوق مثل أي مؤسسة وطنية تعمل بهذا المجال في الدول المتقدمة.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية