تجار البشر يستهدفون مراكز إيواء اللاجئين في أوروبا
تجار البشر يستهدفون مراكز إيواء اللاجئين في أوروبا
لا تختلف مراكز اللاجئين الأوكرانيين عن غيرها، فهي شديدة الفوضى والازدحام بعد تأكيد انتشار أكثر من 4 ملايين أوكراني في كل أنحاء أوروبا، وفي بولندا وحدها تكتظ مراكز الإيواء على الحدود بعد وصول ما يقرب من مليوني لاجئ أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن بسبب قرار منع الرجال الأوكرانيين ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و60 سنة من مغادرة البلاد للبقاء والقتال.
تتنوع قصص وخسائر هؤلاء ممن فقدوا أهاليهم وأحباءهم ومنازلهم وثرواتهم، ولكن لا تقف الخسائر عند هذا الحد حيث أطلقت المؤسسات والجمعيات الدولية والإنسانية تحذيرات صادمة ترصد خطرا آخر يواجهه مقيمو مراكز اللاجئين بعد أن أصبحوا هدفا سهلا لتجارة البشر.
أرباح طائلة
يشير تقرير الاتجار بالبشر الصادر عن المفوضية الأوروبية إلى أن الأرباح العالمية السنوية من جريمة الاتجار بالبشر تتعدى 30 مليار يورو (نحو 33 مليار دولار).
وتكشف التقارير أن استغلال النساء والأطفال في الأعمال غير الأخلاقية هو الهدف الأكثر شيوعًا لتجار البشر، بالإضافة إلى العمل القسري، والاستعباد المنزلي وسرقة الأعضاء والمشاركة الإجرامية بالإكراه، ويُوصف الاتجار بالبشر بجريمة تنتهك حقوق الإنسان وتصل نسبة ضحاياه من النساء إلى ثلاثة أرباع الضحايا.
رجال ونساء العصابات
تبدأ خطط تجار البشر أو صائدي الأوكرانيين باستدراج الضحايا ممن يعتبرونهم أهدافا سهلة الإقناع لإبعادهم عن نقاط التفتيش الرسمية مع تقديم وعود للنساء والفتيات والأطفال بتوفير سكن آمن ووسائل نقل مجانية في بولندا والمزيد من المساعدات الإنسانية.
وكشفت منسقة منظمة حقوق الإنسان الأوروبية كارولينا ويرزبينسكا عن إلقاء القبض على عدد من المشتبه بهم في تلك القضية المخيفة، وأكدت أن المتهمين ليسوا رجالا فقط، ولكن هناك نساء يحاولن شراء اللاجئات في محطات انتظار المواصلات حيث تم رصد فرق أو عصابات متخصصة من تجار البشر يسافرون إلى الحدود البولندية ويتظاهرون بتقديم رحلات مجانية للاجئات وأطفالهن في محاولة لجذبهم إلى السيارات وعرض أماكن إقامة للنساء خاصة ممن يشعرن بالضيق والإرهاق من رحلاتهن المريعة.
وتتطرق المنسقة كارولينا إلى خطط العناصر الإجرامية الأكثر إقناعا للضحايا ومنهم الأزواج أو رجل وامرأة يسافران إلى الحدود بسيارة خاصة في محاولة لإغراء النساء بخطط متنوعة لتوفير المواصلات أو الإقامة في مكان أكثر رفاهية، وكذلك عرض فرص عمل مغرية يتم توفيرها بمجرد انتقالهن إلى منزل الزوجين.
أما المشهد الأكثر تكرارا فهو الاشتباه في تلك العصابات أو أي شخص مريب يتعقب اللاجئات وحين يقترب منهم مسؤولو الشرطة أو مندوبو المنظمات الإنسانية لطلب بياناتهم وعرض تسجيلهم ضمن بيانات المتطوعين يفاجؤوا بهروبهم سريعا بعد فشل خططهم.
خطف واعتداء
سجلت الشرطة البولندية حالات فعلية لعدد من المشتبه بهم لتجار البشر ممن تم إلقاء القبض عليهم بالقرب من نقاط إيواء اللاجئين حيث اعتقلت الشرطة رجلاً عمره 49 سنة، في مدينة فروتسواف البولندية بتهمة الاعتداء على لاجئة عمرها 19 سنة بعد وعدها بتقديم المأوى والمساعدات لها.
وكشفت السلطات البولندية تفاصيل الواقعة في بيان رسمي كشف اصطياد المجرم ضحيته عبر الإنترنت حين عرض مساعدتها عبر بوابة للاجئين على الإنترنت، وخاصة أنها لم تكن تتحدث البولندية ووثقت في الرجل سريعا بعد عرضه مساعدتها وإيواءها لتهرب إليه ويقوم بالاعتداء عليها، ويواجه المتهم عقوبة تصل إلى السجن 12 سنة بتهمة الجريمة الوحشية تبعاً للقانون البولندي.
وعلى حدود مدينة ميديكا البولندية، أثارت حالة أخرى في مخيم اللاجئين الشكوك عندما قدم شخص المساعدة للنساء والأطفال ثم حاول إقناع فتاة عمرها 16 عاما بالهرب معه لتتدخل الشرطة وأخضعته للتحقيقات.
اختفاء الأطفال
أثارت منظمة أطفال أوروبا المفقودون القضية بشكل صادم على أرض الواقع لتكشف اختفاء عدد من الأطفال بالفعل بعد مغادرتهم الأراضي الأوكرانية دون أهاليهم، ليفاجؤوا باختفائهم سريعا على الحدود.
وهو ما أعلن عنه "آجي إيفن" الأمين العام لمنظمة الأطفال المفقودين في أوروبا عبر بيانه قائلا: "فقدنا أثر الكثير من الأطفال بسبب تلك القضية لنفاجأ باختفائهم سريعا، وأصبح من الصعب أو المستحيل العثور عليهم".
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" من عمل عدد من الأفراد والجماعات بشكل منفصل عن السلطات البولندية وغيرها مما يثير القلق والشبهات نحوهم، وأكدت المنظمة أن هناك متطوعون يأتون من مختلف الأماكن في سياراتهم الخاصة وسط حالة الزحام الهائلة على الحدود وتكالب المتطوعين من أجل تقديم المساعدات للاجئات وأطفالهن، وتنجح الشرطة البولندية في توقيف بعض السيارات المشبوهة لكن العديد من السيارات تمر دون تفتيشها.
تحذيرات الإنترنت
انتقلت تلك المخاوف إلى الدول المجاورة حين حذرت الشرطة الفيدرالية الألمانية في برلين النساء والأطفال في منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي باللغتين الأوكرانية والروسية من قبول عروض الإيواء أو المبيت من المتطوعين غير الرسميين بعد رصد أشخاص مشتبه بهم في المحطة المركزية ببرلين يتظاهرون بأنهم مسؤولون يعرضون الإقامة والنقود السخية.
وطلبت الشرطة الإبلاغ عن أي شخص مريب يعرض المساعدة بشكل خفي، وكشف مسؤولون أمنيون في رومانيا وبولندا انتشار ضباط استخبارات يرتدون ملابس مدنية لتعقب مجرمي الاتجار بالبشر ورصد تحركاتهم، وبالرغم من قلة أعداد اللاجئين الأوكرانيين في بريطانيا إلا أن التحذيرات امتدت إليها حيث حذرت مديرة العمليات في مؤسسة الاتجار بالبشر تمارا بارنيت، من موجة النزوح الجماعي السريع لتصفه بالكارثة بسبب وجود مجموعة هائلة من اللاجئين الضعفاء ممن يحتاجون إلى المال والمساعدة على الفور ليصبحوا أرضا خصبة للاستغلال البشري بأنواعه.