جراء الأزمة الاقتصادية.. نساء يقتحمن سوق العمل لمساعدة عائلاتهن

جراء الأزمة الاقتصادية.. نساء يقتحمن سوق العمل لمساعدة عائلاتهن

في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بباكستان، تحطمت بعض القيود المجتمعية، واندفعت أعداد متزايدة من النساء نحو سوق العمل… محطّات جديدة في رحلة النضال من أجل توفير لقمة العيش لعائلاتهن. في مجتمع محافظ يرفض بشدة عمل المرأة، تغامر هؤلاء النساء بسمعتهن وتحدين نظرة المجتمع، لا بحثاً عن الاستقلالية وحسب، بل لإنقاذ عائلاتهن من شبح الجوع والفقر.

أمينة سهيل، شابة في الثامنة والعشرين من عمرها، تشق شوارع كراتشي بدراجتها النارية، رمزًا لتحدي العادات والتقاليد. بخوذتها وقفازيها، أصبحت أول امرأة في عائلتها تدخل ميدان العمل كسائقة أجرة. تروي أمينة قصتها بشجاعة، مؤكدة أن الدافع ليس إرضاء الآخرين أو إثبات الذات بقدر ما هو رغبة في إطعام أسرتها بعدما فقد والدها قدرته على العمل بسبب المرض. 

تقول أمينة: "كنا نتضور جوعاً، ولم يكن هناك سبيل آخر سوى أن أخرج للعمل".

تجاوزت سهيل، كغيرها من النساء، الحدود المجتمعية الصارمة، وتعلمت كيف تتجاهل التحرش والتنمر، مركزة على تحقيق هدفها الأسمى: توفير قوت اليوم. بفضل عملها، أصبح بإمكان أسرتها تناول وجبات يومية منتظمة، وأصبح لديها استقلالية مالية، الأمر الذي فتح أمامها آفاقًا جديدة للتفكير والتطلع إلى المستقبل.

لكنّ قصص التحدي لا تنتهي عند أمينة، فهينا سليم (24 عامًا)، والتي تعمل موظفة استقبال في مصنع، أيضًا كانت أول امرأة في عائلتها تدخل سوق العمل. 

على الرغم من التحديات التي واجهتها والدتها بعد وفاة والدها، لم تتراجع هينا، رغم محاولات أفراد الأسرة الكبيرة للتأثير على أخيها لمنعها من العمل، متذرعين بأن "مكان المرأة هو الزواج". مع ذلك، ثابرت هينا وتجاوزت تلك العراقيل، محققة فخرًا لنفسها ولأسرتها.

كما أنّ أنوم شاه زادي، وهي شابة في التاسعة عشرة من عمرها، وجدت في العمل بعد الثانوية طريقة لتحمل المسؤولية المالية بجانب شقيقها، ما يسلط الضوء على التحول الكبير الذي تشهده الطبقة المتوسطة الحضرية في باكستان. 

تقول بشرى خالق، العضو في منظمة "النضال من أجل تمكين النساء"، إن هذه التغيرات تُعد "نقطة تحول" في المشهد الاجتماعي والاقتصادي، ما يمنح النساء فرصة لم تكن متاحة لهن من قبل.

قصص مثل هذه تعكس كيف أصبحت المرأة شريكة في المسؤولية الأسرية، كما تروي فرزانا أوغسطين (43 عامًا)، التي اضطرت للعمل لأول مرة بعد أن فقد زوجها وظيفته بسبب جائحة كوفيد. تتحدث عن الدعم المتبادل بينهما قائلة: "نحن شركاء في كل شيء"، إلا أن التحدي الأكبر يبقى في نظرة الأبناء والمجتمع إلى دورها كعاملة، إذ يرفض أطفالها الإفصاح عن عمل والدتهم.

ورغم كل هذه التحولات، لا تزال بعض الأسر الباكستانية تتحدى التيار السائد، مثل زهرة أفضل (19 عامًا)، التي انتقلت من قريتها للعمل في كراتشي بعد وفاة والديها، مدفوعة بطموحها لإعالة نفسها وأخواتها. يعتبرها عمها نموذجًا يُحتذى، إذ يفتخر بقدرتها على توفير دخل مادي بدلًا من اللجوء إلى الزواج كحل وحيد لمستقبلها.

هذه القصص ليست مجرد شهادات عن نضال النساء في باكستان، بل هي رمز للقوة والصمود في وجه الظروف الاقتصادية والاجتماعية القاسية، حيث تعيد النساء تعريف أدوارهن، ليس فقط كأمهات وزوجات، بل كعناصر فاعلة ومستقلة في بناء مستقبل أسرهن.

 

 

 

 

 

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية