لنشر "أخبار كاذبة".. محكمة تونسية تخفف سجن محامية معارضة لـ8 أشهر
لنشر "أخبار كاذبة".. محكمة تونسية تخفف سجن محامية معارضة لـ8 أشهر
خفّفت محكمة الاستئناف في تونس حكم السجن الصادر ضد المحامية والمعارضة سنية الدهماني من سنة إلى 8 أشهر، في قرار أثار جدلًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والسياسية في البلاد.
ويأتي هذا الحكم في سياق إدانة سنية الدهماني بتهمة نشر "أخبار كاذبة"، عقب تصريحات ساخرة انتقدت فيها أوضاع البلاد، وخاصةً فيما يتعلق بقضية الهجرة غير القانونية، ويثير هذا الحكم تساؤلات حول حرية التعبير في تونس، لا سيما في ظل قرب الانتخابات الرئاسية المقبلة، وفق وكالة "فرانس برس".
بدأت القضية عندما أوقفت الدهماني في 11 مايو 2023، بعد دخولها إلى مقر "دار المحامين" في تونس، حيث لجأت هربًا من التوقيف على يد قوات الأمن، ولكن تم توقيفها وتقديمها للمحاكمة.
وفي 6 يوليو الماضي صدر حكم بسجنها لمدة سنة بتهمة نشر "أخبار كاذبة"، إلا أن محكمة الاستئناف قررت تقليص هذه المدة إلى 8 أشهر، وأفاد محاميها، بيير فرانسوا فيلتس، بأن فريق الدفاع لم يُمنح الفرصة للترافع أمام المحكمة.
وجرت المحاكمة وفق "المرسوم 54" الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد في العام 2022.
ينص هذا المرسوم على عقوبات بالسجن تصل إلى خمس سنوات، بالإضافة إلى غرامات مالية تصل إلى خمسين ألف دينار تونسي (حوالي 16.5 ألف دولار أمريكي)، لمن يُدان باستخدام شبكات الاتصال لنشر أو إرسال معلومات أو إشاعات كاذبة، بهدف الإضرار بالأمن العام أو الحقوق المدنية.
وبناءً على هذا المرسوم، واجهت الدهماني تهمًا تتعلق بتعليقاتها الساخرة حول الهجرة غير القانونية في تونس، وخصوصًا بعد خطاب الرئيس سعيّد الذي أعلن فيه رفضه لتحويل البلاد إلى "دولة عبور أو توطين" للمهاجرين الأفارقة.
قضية سنية الدهماني تعكس التوتر المتزايد في المشهد السياسي التونسي، حيث تتزايد الانتقادات حول استخدام المرسوم 54 كوسيلة لخنق الأصوات المعارضة.
تنديد حقوقي
وندد عدد من الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان باستخدام هذا المرسوم ضد شخصيات معارضة، معتبرين أنه يهدف إلى تقييد حرية التعبير قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في أكتوبر المقبل.
كما أن توقيت المحاكمة يأتي في وقت حساس سياسيًا، حيث تمر البلاد بأزمة سياسية متصاعدة وإقصاء مرشحين بارزين من السباق الرئاسي.
إضافة إلى الحكم القضائي، أثارت ظروف اعتقال ومحاكمة الدهماني موجة من الانتقادات، ففي بيان لهيئة الدفاع عنها، ندد المحامون بما وصفوه بـ"المعاملة المهينة" التي تعرضت لها موكلتهم، بما في ذلك تعرضها لتفتيش جسدي "مُهين".
هذا الأسلوب في المعاملة يُعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، وفق ما أشارت إليه المنظمات الحقوقية المحلية والدولية.
مستقبل حرية التعبير
القضية لا تتعلق فقط بحرية شخص واحد، بل تطرح تساؤلات أعمق حول مستقبل حرية التعبير في تونس، ويُعد استهداف الشخصيات العامة والمعارضين باستخدام قوانين تُصنف بأنها "غامضة" تهديدًا مباشرًا للحريات المدنية في البلاد.
تبقى قضية سنية الدهماني مثالًا واضحًا على التحديات التي تواجه حرية التعبير في تونس، وسط أزمة سياسية متفاقمة وإجراءات حكومية مثيرة للجدل.
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية، يزداد القلق من أن مثل هذه القوانين ستُستخدم بشكل متزايد لتقييد الأصوات المعارضة وعرقلة أي محاولات للإصلاح السياسي الحقيقي.