«اختلال موازين القوى».. تقرير أممي يكشف عن تحديات تمنع إقامة نظام دولي ديمقراطي

«اختلال موازين القوى».. تقرير أممي يكشف عن تحديات تمنع إقامة نظام دولي ديمقراطي

في زمن يتسم بالعالمية والترابط لا يوجد فصل محكم بين المستويين الوطني والدولي، بل علاقة جدلية بينهما، لأن فهم حقوق الإنسان والديمقراطية وممارستها على أحد المستويين يؤثر في المستوى الآخر، وهو أيضا ما أكده مجلس حقوق الإنسان أن لكل فرد الحق في نظام دولي ديمقراطي ومنصف يعزز إعمال جميع حقوق الإنسان للجميع.

جاء ذلك في تقرير الخبير المستقل المعني بإقامة نظام دولي ديمقراطي ومنصف جورج كاتروغالوس، وهو أول تقرير يقدمه إلى مجلس حقوق الإنسان، خلال دورته الـ57 التي انطلقت يوم 9 سبتمبر الجاري وتتواصل حتى 9 أكتوبر المقبل، واطلع "جسور بوست" على نسخة منه.

وأشار الخبير المستقل في تقريره إلى أن مفهوم الديمقراطية يستلزم على الصعيد الدولي، والاحترام الواجب لاستقلال الدول ومساواتها في السيادة ومشاركتها على قدم المساواة في صنع القرارات العالمية إلى جانب مشاركة مواطنيها في ذلك، لافتا إلى التحديات العديدة التي تواجهها الديمقراطية الحديثة في الوقت الحالي وإلى العولمة بحسبانها أحد العوامل الأساسية التي أدت إلى تفاقم عدم المساواة.

وبعد إعادة التأكيد بالإجماع على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من خلال إعلان الألفية، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك أن العصر الحالي هو عصر حقوق الإنسان، مرددا بذلك صدى عنوان من الأعمال المؤثرة.

حقوق الإنسان الدولية

وقال الخبير المستقل، إن الانتقادات الموجهة إلى حقوق الإنسان الدولية لا تزال مستمرة، معبرة عن تعدد السرديات والسرديات المضادة لها. 

ويرى الخبير المستقل أن التفكر في بعض منظورات حقوق الإنسان النقدية أمر مستحب، وهو يحدد رؤيته وأولوياته، وذلك لأسباب لها صلة بالشفافية والنزاهة الفكرية.

ووفقا لموجة أولى تجريبية من الانتقادات، لم يُحدث انتشار حقوق الإنسان المعترف بها دوليا تغييرا ذا شأن في حياة المواطنين، فقد ارتكبت فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان في القرن العشرين أكثر من أي وقت آخر في التاريخ. بيد أن هذه الحجة يمكن تفنيدها، فأهوال النصف الأول من القرن العشرين والحربين العالميتين ومحرقة اليهود وجرائم الاستعمار هي على وجه التحديد ما أنعش الدعوة إلى حقوق الإنسان العالمية. بحسب التقرير.

ويأتي نقد أكثر تفصيلا من مدرسة الدراسات القانونية النقدية، وهو نقد لا يطول قصور الحقوق الدولية عن إحداث فرق ملموس، بل يتعلق في المقام الأول بوظيفتها الأيديولوجية المتمثلة في حجب علاقات القوة الفعلية وإخفائها. 

ووفقاً لهذا الخط الفكري، لا يمكن لحقوق الإنسان، ولا سيما حقوق الإنسان الدولية، أن تتصدى لأوجه عدم المساواة أو اختلال موازين القوى تصدياً فعالاً، بل هي على النقيض من ذلك تخفيها أو تحجبها وتؤدي دور القنوات الفاعلة لهياكل القوة وعلاقاتها.

وأقر الخبير المستقل، بأن أغلب هذا النقد صحيح، فإدراك حقوق الإنسان والاعتراف بها وتعريفها وتفسيرها وتنفيذها، على الصعيدين الوطني والدولي، متجذر في هياكل السلطة بشكل علني وخفي. ومع ذلك، من المهم عدم التخلص من الأمر برمته.

وأضاف كاتروغالوس أن حركة حقوق الإنسان تمثل مشروعا تحرريا في المقام الأول على جميع الصعد المحلية والدولية، فعملية وجود حقوق الإنسان تنبع، في نهاية المطاف من افتقار القوة إلى الاتساق، وهي نتيجة الصراع بين المهيمنين وقوى التحرر والانعتاق، ولطالما تمثل أصل حقوق الإنسان المحلية تاريخيا في الجهد المبذول لوضع حدود للسلطة، في بداية الأمر من قبل الملوك، ثم سلطة الدولة بشكل عام، ثم على الأقل في بعض الأنظمة القانونية في نهاية المطاف، وذلك الاستعانة بنظريات العمل الأفقي لجميع

حقوق الإنسان والسلطة

ولا تتعارض حقوق الإنسان بحسب كاتروغالوس مع ممارسة السلطة وتوازنها ولكن يمكن استخدامها في مقاومة محدودة.. فقد ساهمت حقوق الإنسان في تحقيق المساواة في المكانة والاعتراف بالهويات ولكن لم يكن لها ضلع في تحقيق المساواة المادية والعدالة الاجتماعية.. وهي لا تستطيع أن تتحدى اختلال موازين القوى بشكل فعال.

واستطرد الخبير المستقل: تعبر كلمات ميثاق الأمم المتحد الافتتاحية -نحن الشعوب- والمادة 28 من الإعلان العالمي الحقوق الإنسان وإعلان وبرنامج عمل فيينا والعديد من قرارات الجمعية العامة بشأن تعزيز الديمقراطية وتوطيدها وتعزيز سيادة القانون، وتعزيز دور المنظمات والترتيبات الإقليمية ودون الإقليمية وغيرها من المنظمات والترتيبات في تعزيز الديمقراطية وتوطيدها عن توافق آراء المجتمع الدولي على الترابط بين ركائز الأمم المتحدة الثلاث وهي: حقوق الإنسان والديمقراطية والتنمية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية