«أفغانستان تحت وطأة القمع».. عودة «طالبان» تفاقم انتهاكات حقوق الإنسان

«أفغانستان تحت وطأة القمع».. عودة «طالبان» تفاقم انتهاكات حقوق الإنسان

في ظل حكم طالبان، تعيش أفغانستان واحدة من أكثر فتراتها قتامة من حيث الانتهاكات الحقوقية، حيث عادت السياسات القمعية للظهور من جديد، مستهدفة مجموعات متعددة داخل المجتمع الأفغاني. 

مع استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس 2021، تصاعدت وتيرة القمع ضد النساء، والمثليين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، في إطار جهود الحركة لتأسيس نظام صارم يعكس رؤيتها المتشددة للإسلام.

وخلال الدورة الـ57 لمجلس حقوق الإنسان، التي تستمر حتى 9 أكتوبر المقبل، أدلى 70 وفدًا ببيانات خلال جلسة التحاور، حيث أعربت عدة دول عن قلقها البالغ إزاء التراجع الكبير في حقوق النساء والفتيات في أفغانستان، كما أكدت تلك الدول عزمها على استمرار التفاعل البناء مع السلطات الأفغانية، لا سيما في المجالات الإنسانية والتعليمية.

في هذا السياق، أدانت العديد من الدول انتهاكات حقوق الإنسان، خاصة تلك التي تستهدف النساء والفتيات والأقليات، وقد عبّرت هذه الدول عن قلقها العميق تجاه فرض عقوبات الإعدام على الزنا والمثلية الجنسية، واستهداف المسؤولين الحكوميين السابقين والمدافعين عن حقوق الإنسان، بالإضافة إلى تزايد العنف ضد النساء والفتيات.

استهداف المثليين

أحد أبرز هذه الانتهاكات هو استهداف المثليين في أفغانستان تحت حكم طالبان، يُنظر إلى المثلية الجنسية على أنها جريمة تستوجب الإعدام، حيث تُطبّق قوانين صارمة على كل من يثبت عليه التورط في علاقات مثلية. 

لا توجد أرقام دقيقة حول عدد المثليين الذين تم إعدامهم منذ عودة طالبان، إلا أن تقارير منظمات حقوق الإنسان تشير إلى وجود حالات متعددة من الإعدام العلني في عدة مناطق من البلاد.

وأكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقاريرها، أن حالات الإعدام تُنفّذ بوحشية مروعة، وغالبًا ما تُنقل عبر وسائل الإعلام المحلية، في إشارة واضحة لتخويف المثليين وردعهم عن محاولة التمرد أو إظهار توجهاتهم الجنسية.

هذه الانتهاكات ضد المثليين ليست فقط انتهاكًا لحقوق الإنسان، لكنها أيضًا جريمة ضد القيم الإنسانية العالمية التي تدعو إلى احترام الكرامة الفردية، وتشير منظمة العفو الدولية إلى أن طالبان ترفض بشكل قاطع أي حوار حول هذه المسألة، وتعتبر المثلية تهديدًا مباشرًا لما تصفه بـ"الأخلاق الإسلامية"، في الوقت نفسه، لا تزال الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان تواجه صعوبات كبيرة في الوصول إلى الضحايا أو تقديم الدعم لهم داخل أفغانستان.

قيود صارمة على حرية النساء

من جانب آخر، تواجه النساء في أفغانستان انتهاكات لا تقل حدة عما يتعرض له المثليون، منذ تولي طالبان السلطة، تم فرض قيود صارمة على حرية النساء في التعليم، والعمل، والحركة. 

تشير التقديرات إلى أن أكثر من مليون فتاة في أفغانستان تم حرمانهن من التعليم بعد المرحلة الابتدائية، وقد أدى هذا إلى تراجع حاد في مستويات التعليم بين الفتيات، في وقت تسعى فيه الأمم المتحدة إلى تحسين الفرص التعليمية للفتيات حول العالم.

أفغانستان اليوم تُعد الدولة الوحيدة التي تفرض مثل هذه القيود الصارمة على تعليم الفتيات، وهو ما يعزز من تهميشهن ويقلل من فرصهن في الحصول على حياة أفضل، إضافة إلى ذلك، فإن فرص العمل للنساء في أفغانستان تكاد تكون معدومة، فقد فرضت طالبان قيودًا مشددة على مشاركة النساء في القوى العاملة، بما في ذلك منعهن من العمل في المنظمات الدولية، هذا الحظر لا يضر فقط النساء، بل أيضًا يعيق قدرة المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، على تقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين في أفغانستان. 

ووفقًا لتقديرات البنك الدولي، فإن أكثر من 50% من سكان أفغانستان يعيشون تحت خط الفقر، والنساء هن الأكثر تأثرًا بهذه الأزمة بسبب القيود المفروضة على عملهن.

ولا يقتصر الأمر على التعليم والعمل فحسب، بل تمتد الانتهاكات إلى الحياة اليومية للنساء الأفغانيات، طالبان أعادت تطبيق قواعد صارمة تتعلق باللباس والحركة، حيث يُفرض على النساء ارتداء الشادر الكامل، ولا يمكنهن السفر دون مرافقة محرم، هذه القيود تعيق بشكل كبير حرية النساء في التنقل، وتحرمهن من الوصول إلى الرعاية الصحية أو الخدمات الأساسية الأخرى. 

منظمة الصحة العالمية حذّرت من أن القيود المفروضة على حركة النساء قد تؤدي إلى زيادة معدلات وفيات الأمهات والرضع، حيث تواجه النساء صعوبة في الوصول إلى المستشفيات أو العيادات في حالة الطوارئ.

استهداف النشطاء

في ظل هذا القمع الشديد، يواجه المدافعون عن حقوق الإنسان في أفغانستان تهديدات يومية لحياتهم، منذ عودة طالبان، تعرض العديد من الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان للقتل أو الاعتقال أو الاختفاء القسري. 

وفقًا لتقارير منظمة "هيومن رايتس ووتش"، تم تسجيل ما لا يقل عن 100 حالة اختفاء قسري واغتيال لمدافعين عن حقوق الإنسان ومسؤولين حكوميين سابقين. 

هؤلاء الأفراد، الذين كانوا يعملون على تعزيز حقوق الإنسان وبناء مجتمع مدني قوي في أفغانستان، يجدون أنفسهم الآن في مرمى الاستهداف من قبل طالبان، كثيرون منهم اضطروا إلى الفرار من البلاد، في حين يعيش الآخرون تحت تهديد مستمر في منازلهم.

لا يقتصر استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان على الأشخاص الذين يعملون في هذا المجال فقط، بل يشمل أيضًا المؤسسات التي كانت تدعم هذه الجهود، طالبان قامت بتفكيك وحدات حقوق الإنسان التي كانت تعمل داخل الحكومة، وألغت العديد من التشريعات التي كانت تهدف إلى حماية حقوق المرأة والأقليات، هذا التراجع الكبير في الإطار التشريعي يجعل من الصعب على أي جهة محلية أو دولية العمل على تحسين أوضاع حقوق الإنسان في أفغانستان.

التدهور الحقوقي الذي تشهده أفغانستان لم يمر دون رد فعل من المجتمع الدولي، ففي أبريل ومايو الماضيين، عقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة دورته الـ46 لمراجعة حالة حقوق الإنسان في أفغانستان. 

وتضمنت التوصيات التي خرج بها المجتمع الدولي دعوات صريحة لطالبان للالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك التصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، خاصة بالنسبة للمثلية الجنسية، كما دعا المجتمع الدولي إلى تعزيز مشاركة النساء في الحياة العامة، وضمان حقوقهن في التعليم والعمل، مشيرًا إلى أن استبعادهن من المجالات السياسية والاجتماعية يعمق الفجوة التنموية في البلاد.

رؤية متشددة

رغم هذه الجهود، تظل طالبان غير مستعدة لتغيير سياساتها القمعية، الحركة تواصل فرض رؤيتها المتشددة دون أي اعتبار للمعايير الدولية أو حقوق الإنسان، والعقوبات الاقتصادية التي فرضتها العديد من الدول والمنظمات الدولية لم تثمر عن نتائج ملموسة حتى الآن، حيث لا تزال طالبان تتمسك بسياستها القمعية.

ويرى مراقبون أن تأثير هذه السياسات على المجتمع الأفغاني كبير وشامل، الفتيات المحرومات من التعليم يواجهن مستقبلًا غامضًا، حيث يُحرمن من فرص العمل والتمكين الاقتصادي، النساء اللاتي كُنَّ يعملن في مجالات الصحة والتعليم والخدمة الاجتماعية يجدن أنفسهن الآن عاجزات عن مواصلة أعمالهن، ما يزيد من حدة الأزمات الإنسانية في البلاد، المثليون يعيشون في خوف دائم من الاكتشاف والإعدام، والمدافعون عن حقوق الإنسان يعيشون تحت تهديد مستمر، حيث لم يتبق لهم أي حماية قانونية أو سياسية.

في هذا السياق، يرى حقوقيون أن من الضروري تعزيز الجهود الدولية لزيادة الضغط على طالبان، ولكن بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية، يجب أن تكون هناك استراتيجيات دبلوماسية جديدة تسعى إلى الحوار مع طالبان لإقناعها بضرورة الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، فالأزمات الإنسانية في أفغانستان لا يمكن حلها دون تحسين أوضاع حقوق الإنسان، وخاصة حقوق النساء والمثليين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

ويبقى السؤال المطروح: هل يمكن لطالبان أن تستجيب لهذه الضغوط؟

تاريخ القمع في أفغانستان

شهدت أفغانستان تاريخًا طويلًا ومعقدًا في ما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، حيث تراوحت هذه الانتهاكات بين فترات متفاوتة من العنف والقمع، تبعًا لتغير أنظمة الحكم.

مع تغير القوى السياسية والعسكرية التي حكمت البلاد، ظلت الحقوق والحريات الأساسية عرضة للتضييق أو الانتهاك، بدءًا من العهود الملكية وحتى الحكومات الجمهورية، مرورًا بالحكم السوفييتي، ووصولًا إلى حكم طالبان في فترتيه الأولى والثانية.

في الفترة الملكية (1919-1973)، كانت حقوق الإنسان متقلبة، حاول الملك أمان الله خان إدخال إصلاحات اجتماعية وتعليمية حديثة، إلا أن هذه الجهود قوبلت بمقاومة شديدة من القوى التقليدية، ما أدى إلى استمرار الأوضاع الاجتماعية التي تهمش المرأة وتحد من الحريات الفردية.

مع الإطاحة بالنظام الملكي وقيام الجمهورية في السبعينيات، بدأت أفغانستان تتوجه نحو نظام علماني بطيء، لكن الصراع المستمر على السلطة أدى إلى مزيد من عدم الاستقرار.

في ثمانينيات القرن الماضي، ومع دخول القوات السوفيتية إلى أفغانستان، شهدت البلاد انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، حيث تم قمع الحريات السياسية والدينية، وقُتل عشرات الآلاف من المدنيين خلال العمليات العسكرية، كما قامت الحكومة الموالية للسوفييت بقمع المعارضة بوحشية، حيث سُجن العديد من النشطاء السياسيين والمثقفين.

بعد انسحاب القوات السوفيتية في أواخر الثمانينيات، دخلت البلاد في حالة من الحرب الأهلية التي شهدت تزايدًا في الانتهاكات الحقوقية، حيث قامت الفصائل المتحاربة بارتكاب أعمال عنف مروعة ضد المدنيين، خلال هذه الفترة، ظلت حقوق النساء محدودة للغاية، وشهدت البلاد انحدارًا مستمرًا في احترام حقوق الإنسان.

في فترة حكم طالبان الأولى (1996-2001)، بلغت انتهاكات حقوق الإنسان ذروتها، إذ فرضت طالبان نظامًا قاسيًا مبنيًا على تفسير متشدد للشريعة الإسلامية، حيث تم منع النساء من التعليم والعمل، كما فُرضت قيود صارمة على حرية التعبير والتجمع في هذه الفترة، وتعرض المثليون لعقوبات جسدية وإعدامات، بينما عانى المعارضون السياسيون من الاضطهاد أو النفي.

بعد سقوط طالبان في 2001، شهدت أفغانستان تحسنًا نسبيًا في بعض جوانب حقوق الإنسان، وخاصة في ما يتعلق بحقوق النساء وحرية الصحافة ولكن مع عودة طالبان إلى السلطة في 2021، عادت الانتهاكات لتتصاعد بشكل ملحوظ، حيث تم تقييد حقوق النساء بشكل غير مسبوق، بالإضافة إلى استهداف الأقليات والمدافعين عن حقوق الإنسان.

هذه التغيرات المستمرة بين فترات الحكم المختلفة جعلت أفغانستان بيئة غير مستقرة لحقوق الإنسان، حيث ظلت الانتهاكات متجذرة في السياسات والأنظمة المختلفة.

انتهاك صارخ لحقوق الإنسان 

وقالت الحقوقية البارزة، ليلى حداد، إن تزايد العنف ضد النساء في أفغانستان وتفاقم الانتهاكات الحقوقية أمر يثير قلقًا بالغًا ويعكس تراجعًا كارثيًا في حقوق الإنسان، فمنذ عودة طالبان إلى السلطة في أغسطس 2021 شهدت البلاد انهيارًا خطيرًا في الحقوق والحريات الأساسية، وخاصة في ما يتعلق بالنساء والفتيات، وتعكس سياسات طالبان نهجًا قمعيًا ممنهجًا يقيد النساء من حقهن في التعليم والعمل والمشاركة في الحياة العامة، ما يعد انتهاكًا واضحًا للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.

وأضافت ليلى، في تصريحاتها لـ"جسور بوست"، أحد أبرز مظاهر هذا التدهور هو الحظر الذي فرضته طالبان على تعليم الفتيات بعد المرحلة الابتدائية، إن هذا القرار لا ينتهك فقط المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تضمن الحق في التعليم، بل يُعتبر أيضًا تهديدًا لمستقبل أجيال كاملة من الفتيات الأفغانيات، ما يعوق تطوير المجتمع بشكل عام، فالتعليم ليس مجرد حق أساسي بل هو مفتاح لتقدم أي مجتمع، وحرمان النساء من هذا الحق يعزز من تهميشهن وعزلتهن الاجتماعية والاقتصادية.

واسترسلت: النساء الأفغانيات يتعرضن للعديد من أشكال العنف، سواء داخل الأسرة أو في المجتمع، وهذا العنف يمثل انتهاكًا صارخًا للمادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تحظر المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ورغم هذا، تواصل طالبان فرض قيود تجعل النساء أكثر عرضة لهذا العنف، سواء عبر قوانين تحد من حركتهن أو عبر خلق بيئة اجتماعية تدعم القمع والتهميش.

وأوضحت أن التوجهات العقابية تجاه الفئات المهمشة، مثل المثليين، تعكس مدى خطورة الوضع في أفغانستان، فرض عقوبة الإعدام على المثليين هو انتهاك للمادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تكفل الحق في الحياة والحرية الشخصية، مثل هذه الممارسات القمعية تُظهر أن النظام في أفغانستان يعتمد على العنف كأسلوب للحكم والسيطرة، متجاهلاً كل القوانين والمبادئ الدولية التي تحمي حقوق الأفراد في اختيار هوياتهم وحياتهم الشخصية.

وذكرت: استهداف المسؤولين الحكوميين السابقين والمدافعين عن حقوق الإنسان يزيد من حدة الأزمة، فهؤلاء الأفراد، الذين كرّسوا جهودهم من أجل حماية وتعزيز حقوق الإنسان في البلاد، باتوا مستهدفين بشكل مباشر، وهو انتهاك للمادة الـ19 من الإعلان العالمي التي تضمن حرية الرأي والتعبير، القمع المستمر لهذه الفئات يعكس رغبة طالبان في إسكات كل صوت ينتقد ممارساتهم، ويغلق الباب أمام أي فرصة للإصلاح أو التحسين.

وشددت على ضرورة عدم إغفال التأثير الاقتصادي للعنف الممارس ضد النساء، فالقيود المفروضة على عمل النساء تُفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها أفغانستان، فحظر عمل النساء في المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، يضر بالاقتصاد المحلي ويُعطل تقديم المساعدات الإنسانية لشعب يعاني بالفعل من الفقر والجوع.

وأتمت: إن تزايد العنف ضد النساء في أفغانستان والاعتداءات على حقوق الإنسان بشكل عام تشكل تهديدًا جسيمًا لاستقرار البلاد ومستقبلها، والمجتمع الدولي مطالب باتخاذ موقف حازم ضد هذه الانتهاكات، ليس فقط من خلال الإدانة العلنية، بل من خلال آليات دبلوماسية واقتصادية تُلزم طالبان باحترام المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، فحقوق المرأة والأقليات وحرية التعبير لا يمكن أن تكون مجرد ضحايا لحسابات سياسية، بل هي حقوق أساسية غير قابلة للتفاوض.

القوانين الأفغانية تحت مجهر النقد

وفي السياق، قال الخبير القانوني والأكاديمي، نبيل سالم، إنه وفي ظل الأوضاع القانونية الراهنة في أفغانستان، تظهر بوضوح مجموعة من التشريعات والقوانين التي تنتهك بشكل صارخ حقوق الإنسان الأساسية، وتحديداً حقوق النساء والأقليات، بعد عودة طالبان إلى السلطة في عام 2021، باتت القوانين التي تُقرها الحكومة الأفغانية تشكل انتكاسة كبيرة لما تم تحقيقه خلال العقدين السابقين في مجال الحريات الفردية والمساواة بين الجنسين، تلك القوانين تضع أفغانستان في مواجهة مباشرة مع مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان التي تضمن الحقوق الأساسية للجميع دون تمييز.

وتابع سالم، في تصريحات لـ"جسور بوست": إحدى أكبر الانتهاكات الحقوقية تكمن في القوانين التي تقيد حقوق المرأة، سواء من حيث التعليم، والعمل، أو المشاركة في الحياة العامة، فحظر التعليم للفتيات بعد المرحلة الابتدائية يتعارض مع المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي ينص على أن "لكل شخص الحق في التعليم" كما أن القيود المفروضة على عمل النساء تُعتبر انتهاكاً لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التي تُلزم الدول بتوفير تكافؤ الفرص بين الجنسين في كل المجالات، بما في ذلك العمل والتعليم.

وذكر الخبير القانوني، أنه بالنسبة لعقوبة الإعدام على المثليين، فإن هذه العقوبات تتناقض بشكل كامل مع المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يعترف بحق كل إنسان في الحياة ويؤكد أنه "لا يجوز أن يُحرم أحد من حياته تعسفاً" فتجريم المثلية الجنسية واستخدام العقوبة القصوى ضدها ليس فقط انتهاكاً لحق الحياة، بل أيضاً لحقوق الأفراد في الخصوصية والكرامة الإنسانية، كما ينص عليها القانون الدولي.

وأكد سالم أن استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والمسؤولين الحكوميين السابقين يمثل كذلك خرقاً صارخاً للمادة الـ19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تضمن حرية التعبير، والمادة الـ22 التي تكفل الحق في تكوين الجمعيات والانضمام إليها، فالهجمات على المدافعين عن الحقوق تجعل من المستحيل عليهم القيام بدورهم في دعم وتحقيق العدالة والمساواة، وهو ما يؤدي إلى تضييق مساحات العمل المدني ويضع البلاد في عزلة دولية متزايدة.

ومن الناحية القانونية، أضاف: تفتقر هذه التشريعات إلى الشرعية الدولية وتتعارض مع المبادئ الأساسية التي أرستها الأمم المتحدة لضمان كرامة الأفراد وحرياتهم… استمرار هذه الانتهاكات دون أي تحرك ملموس من المجتمع الدولي يطرح تساؤلات حول مدى فعالية الأدوات القانونية الدولية في مواجهة مثل هذه الأوضاع، ويؤكد الحاجة الملحة لتطبيق معايير حقوق الإنسان في أفغانستان بشكل أكثر حزماً، سواء من خلال الضغط الدبلوماسي أو التدابير العقابية.


موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية