«استراتيجية وطنية».. العراق يطلق خطة لحماية البيئة ومكافحة التلوث

«استراتيجية وطنية».. العراق يطلق خطة لحماية البيئة ومكافحة التلوث

أطلق العراق خطة بيئية شاملة تحت عنوان "الاستراتيجية الوطنية لحماية البيئة"، تهدف إلى مواجهة التحديات البيئية المتزايدة التي يعاني منها البلد. 

جاءت هذه الخطة استجابة للتحديات الكبيرة الناتجة عن التغير المناخي والصراعات السابقة التي أدت إلى تدهور البنية التحتية وتفاقم مشكلات التلوث، وفق وكالة "فرانس برس".

ويضع العراق البيئة والمناخ في مقدمة الأولويات الحكومية، في محاولة لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين الظروف البيئية في البلاد.

الوضع البيئي في العراق

يُعتبر العراق من أكثر الدول تأثراً بالتغيرات المناخية وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، حيث يعاني من ارتفاع معدلات الجفاف والتصحر وتراجع مستويات المياه في الأنهار. 

إضافةً إلى ذلك، فإن الحروب المتتالية والصراعات المستمرة التي مرت بها البلاد على مدى عقود، مع تفشي الفساد، ساهمت في تعطيل سياسات الإصلاح البيئي وتأخير إطلاق مشاريع للحفاظ على الموارد الطبيعية.

مع انتهاء فترة الاضطرابات السياسية وعودة نوع من الاستقرار، بدأت الحكومة العراقية وضع البيئة كأولوية وطنية، لأول مرة، تم تخصيص وزارة منفصلة للبيئة بهدف معالجة التحديات البيئية والمناخية بشكل منهجي.

ملامح الخطة البيئية الجديدة

تمتد هذه الخطة البيئية من عام 2024 حتى عام 2030، وتستند إلى دعم من الأمم المتحدة والوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، وتُقدّر التكلفة السنوية لتنفيذ هذه الاستراتيجية بمليار دولار على الأقل، ما يعكس التزامًا ماليًا ضخمًا لمواجهة أزمات التلوث والجفاف والتصحر.

حماية الموارد المائية

أحد أبرز محاور الاستراتيجية الجديدة هو الحفاظ على المياه، التي تشكل مصدرًا حيويًا لبلد يواجه نقصًا حادًا في الأمطار وارتفاعًا في معدلات الجفاف. 

تتضمن الخطة تحسين نظام معالجة مياه المجاري وإعادة تدويرها لاستخدامها في أغراض الري والزراعة، بما في ذلك إحياء أهوار الجنوب التي تتعرض بشكل متزايد للجفاف.

كما تعالج الخطة مشكلات تلوث المياه عبر تنفيذ تقنيات حديثة لحصاد مياه الأمطار، والاعتماد على أساليب ري حديثة توفر كميات كبيرة من المياه، وفي ظل تراجع مستويات المياه في نهري دجلة والفرات، يُعتبر هذا المحور حيويًا لضمان توفير مصادر مياه مستدامة للبلاد.

مكافحة التصحر والجفاف

يشكل التصحر والجفاف مشكلة كبيرة تؤثر على مناطق شاسعة من العراق، لا سيما في المناطق الوسطى والجنوبية، وتركز الخطة على استعادة النظام البيئي لهذه المناطق عبر تشجيع زراعة الأشجار وإعادة تأهيل الأراضي الزراعية المتدهورة.

الحد من الانبعاثات الكربونية

تسعى الاستراتيجية إلى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة من خلال تطوير قطاع الطاقة المتجددة، ويشمل ذلك الاستثمار في مصادر طاقة نظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وكذلك تشجيع استخدام وسائل النقل الكهربائية وتطوير البنية التحتية للنقل العام.

التعامل مع حرق الغاز المصاحب

يُعد العراق ثاني أكبر دولة منتجة للنفط في منظمة "أوبك"، ومع ذلك فإن حرق الغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط يمثل مشكلة بيئية خطيرة. 

وتهدف الخطة إلى معالجة هذه الظاهرة بشكل كامل بحلول عام 2030، عبر تطبيق تقنيات تقلل من الانبعاثات الناتجة عن حرق الغاز، ما سيسهم في تحسين جودة الهواء وتقليل التلوث.

المحميات البحرية والساحلية

في ضوء التطورات في البنية التحتية للموانئ العراقية، تركز الاستراتيجية على مراقبة الأنظمة البيئية البحرية وضمان حماية المناطق الساحلية، وستتم إقامة محميات بحرية لحماية التنوع البيولوجي البحري ومواجهة أي تلوث ناجم عن الأنشطة الصناعية والنقل البحري.

التعاون الدولي والتحديات المستقبلية

ترتكز الخطة البيئية العراقية على التعاون مع مؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة والوكالة الأمريكية للتنمية، ويعد هذا الدعم الدولي أساسيًا لتنفيذ مشاريع بنية تحتية ضخمة ومبتكرة تساعد في مواجهة الأزمات البيئية التي تواجهها البلاد.

ورغم ذلك، يواجه العراق تحديات كبيرة في تحقيق أهداف هذه الخطة، خاصة في ظل استمرار بعض الأزمات السياسية والاقتصادية، والتي قد تعيق التمويل اللازم أو تسرع في تنفيذ المشاريع. 

ومع ذلك، يُنظر إلى هذه الاستراتيجية كخطوة جادة نحو وضع أسس لتطوير بيئة مستدامة في العراق في السنوات القادمة.

وتأتي الاستراتيجية الوطنية لحماية البيئة في وقت حاسم للعراق، حيث يمثل التغير المناخي تهديدًا وجوديًا للعديد من مناطق البلاد، وتحظى هذه الخطة بأهمية كبرى ليس فقط للحفاظ على البيئة، بل أيضًا لضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية