«88 مفقوداً».. ارتفاع حصيلة الفيضانات في بورما لـ268 قتيلاً

«88 مفقوداً».. ارتفاع حصيلة الفيضانات في بورما لـ268 قتيلاً

في خضم أزمة سياسية وأمنية مستمرة منذ انقلاب عام 2021، تعرضت بورما لكارثة طبيعية جديدة بفعل إعصار "ياغي"، الذي أدى إلى فيضانات وانهيارات أرضية مدمرة، رفعت حصيلة القتلى إلى 268 شخصاً، مع استمرار فقدان 88 آخرين. 

تأتي هذه المأساة لتضاعف من معاناة شعب بورما الذي عانى طويلاً من الاضطرابات، وتجسد صورة قاتمة لبلد يكافح من أجل التعافي، وفق وكالة فرانس برس.

أزمة إنسانية تتفاقم

مع كل يوم يمر منذ ضرب إعصار "ياغي"، تتكشف تفاصيل جديدة عن الأوضاع الإنسانية الصعبة التي تواجهها آلاف العائلات في المناطق المتضررة. 

وجرفت الفيضانات والانهيارات الأرضية المنازل، ودمرت البنية التحتية، وقطعت الطرق، مما جعل الوصول إلى المناطق النائية أمرًا شبه مستحيل. 

وكان الأطفال، والنساء، والمسنون الأكثر عرضة للخطر في مثل هذه الكوارث، حيث أصبحوا بلا مأوى وفاقدين للضروريات الأساسية مثل المياه الصالحة للشرب، الطعام، والرعاية الصحية.

تقف عائلات بأكملها مشردة، على أطلال منازلهم المدمرة، بينما تجتاحهم حالة من الذهول واليأس، لا يعلمون متى سيعودون إلى حياتهم الطبيعية، إن عادوا يومًا. 

هؤلاء ليسوا مجرد أرقام في إحصاءات الموت، بل قصص إنسانية مؤلمة تحكي عن فقدان أحبائهم، وعن صراعهم اليومي من أجل البقاء.

الاستجابة الدولية والمحلية

رغم الكارثة، بدأت المساعدات الدولية في الوصول ببطء، الأربعاء، حيث وصلت أول سفينة تابعة للبحرية الهندية محملة بمواد الإغاثة، بما في ذلك الأطعمة الجافة، والملابس، والأدوية، والخيام. 

هذه المساعدات تعد بارقة أمل صغيرة في ظل الاحتياجات الهائلة للمتضررين، حيث لا تزال المجتمعات في المناطق المنكوبة بحاجة إلى المزيد من الدعم الدولي العاجل، ليس فقط على شكل مساعدات مادية، ولكن أيضاً من خلال فرق الإنقاذ والإغاثة الميدانية، التي يمكنها الوصول إلى المناطق النائية والمعزولة.

ومع ذلك، تعيق الأزمة السياسية في بورما جهود الإغاثة، حيث تفرض الحكومة العسكرية قيودًا على تحركات منظمات الإغاثة الدولية، ما يحد من قدرتها على تقديم المساعدة الفعالة. 

وفي ظل هذه الظروف، يتساءل المواطنون: إلى متى سيستمر هذا التجاهل للمعاناة الإنسانية؟

معاناة مضاعفة

الفيضانات التي أحدثها إعصار ياغي تأتي في وقت تواجه فيه بورما أزمة سياسية وأمنية عميقة منذ انقلاب عام 2021 الذي أطاح بالحكومة الديمقراطية المنتخبة بقيادة أونغ سان سو تشي. 

هذه الكارثة الطبيعية لم تضف فقط إلى عبء الحكومة العسكرية، بل زادت من تعقيد الأوضاع، حيث يعاني الشعب من تضاؤل الاستجابة الحكومية وانعدام الثقة في القيادة.

إن قرار رئيس المجلس العسكري مين أونغ هلاينغ بضرورة العودة إلى الحياة الطبيعية في غضون ستة أشهر قد يبدو قرارًا طموحًا، لكن التحديات على الأرض هائلة، فالموارد المالية والمادية المحدودة، إلى جانب غياب التنسيق الكافي بين السلطات والمنظمات الدولية، يجعل من الصعب تحقيق هذا الهدف.

البعد الإنساني للأزمة

مع كل هذه المعطيات، تظل المعاناة الإنسانية في قلب المشهد، فالأطفال الذين فقدوا ذويهم، والنساء اللاتي فقدن مصادر الرزق، والمسنون الذين باتوا بلا مأوى، كلهم يعانون في ظل صمت دولي نسبي.

وباتت بورما الآن في حاجة إلى تكاتف دولي لإنقاذ حياة الآلاف من العائلات التي دمرت حياتها بالكامل.

ويمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دورًا حاسمًا في تخفيف معاناة البورميين، من خلال تقديم المساعدات العاجلة، والمساهمة في إعادة الإعمار، والضغط على الحكومة العسكرية لفتح أبوابها أمام المساعدات.

وتعكس هذه الكارثة الإنسانية صورة مؤلمة عن بلد يسعى جاهداً للوقوف على قدميه، بينما يعاني شعبه من جروح عميقة، ليس فقط بسبب الكوارث الطبيعية، ولكن أيضًا بسبب الصراعات السياسية والانقسامات التي أثرت على حياتهم اليومية.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية