مهسا أميني.. عامان على «ضحية الحجاب» ونضال المرأة في إيران

مهسا أميني.. عامان على «ضحية الحجاب» ونضال المرأة في إيران

في 2022 ومن مدينة سقز في كردستان إيران، بدأت سلسلة الاحتجاجات الواسعة التي سرعان ما وصلت إلى أغلب المدن الإيرانية ووصلت إلى قلب العاصمة طهران، لتلجأ الدولة في المقابل إلى إجراءات أكثر قمعية من أسلوبها المعتاد، بحجب الوصول إلى الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

مئات الآلاف في إيران خرجوا لقول ثلاث كلمات "المرأة، الحياة، الحريّة".. كلمات قيلت في أكثر بلدان العالم عصفًا بحقوق المرأة وأكثرها تهوينًا من شأنها.

كشفت تلك الاحتجاجات عن حجم الغضب الشعبي الهائل ضد سياسات الدولة في التضييق على حقوق المواطنين والمرأة على وجه الخصوص، وبلغ حجم الغضب بالمحتجين مبادلة أجهزة الدولة الأمنية -المسؤول الأول عن عملية التضييق وخنق الحريات- العنف، وأدت الاحتجاجات إلى مئات الجرحى والقتلى.

كانت كلمة الإيرانيين الذين خرجوا في تلك الاحتجاجات تخرج من منبع واحد هو “كفى.”. كفى لكل هذا العبث، كفى للقيود المفروضة، كفى هدراً لحقوق المواطنين في وطنهم، لا لسجن المرأة وتكبيلها بقيود التطرف الممنهج الذي تبنته دولة الخامنئي منذ تدشينها، وأنّ الأوان قد آن حتى ينتهى هذا الكابوس، وأن نور الفجر قد حان وقته بعد عقود الظلام.

كل هذا الغضب لم يكن وراءه سوى فتاة تبلغ من العمر 22 عاماً، خرجت من مدينتها كردستان إيران إلى العاصمة طهران، وهناك تحولت إلى أيقونة إلهام للذين قالوا لا في وجه سنوات الظلم والقيود والتقييد.. فتاة من كرد إيران كتبت بدمائها شهادة النهاية لشرطة الأخلاق التي أرهقت نساء إيران سنوات طويلة وقمعت حقوقهن بذرائع مختلفة.

ولدت مهسا أميني في 21 سبتمبر لعائلة كردية في مدينة سقز، بمحافظة كردستان، في شمال غرب إيران، نشأت كأي فتاة إيرانية من الأقلية الكردية التي تتزايد عليها القيود.. هادئة ومنطوية تتجنب السياسة والنشاط السياسي، ولا تتابع الأخبار ولم يكن لديها الكثير من الأصدقاء.. هكذا وصفها المقربون منها.

كانت أمنيتها التي لم تتحقق أن تكون طبيبة.. لم تمهلها شرطة إيران مزيداً من الوقت في هذه الحياة حتى تحقق أمنيتها، فقبل بدء الجامعة في 2022، سافرت إلى طهران مع والديها وشقيقها البالغ من العمر 17 عاماً، وفي نحو الساعة 6 مساءً يوم 13 سبتمبر 2022، بالقرب من محطة مترو في طهران بينما كانت مع شقيقها، اعتقلتها شرطة الأخلاق، واقتادتها إلى مركز الاعتقال في “وزرا” بطهران لحضور درس “توجيهي” يهدف إلى “إصلاح” سلوك النساء والفتيات اللائي ينتهكن قواعد اللباس الإسلامي كما ترى الدولة هناك، وبعد ساعات من الاعتقال تواردت الأنباء عن تعرضها لعمليات تعذيب نفتها السلطة، لتنقل إلى المستشفى.. توفيت أميني بعد ثلاثة أيام، في السادس عشر من سبتمبر.

كانت وفاة أميني هي البداية لحركة المرأة والحياة والحرية في إيران، وبالتزامن مع الاحتجاجات أقدمت نساء إيران على حرق حجابهن علناً دون مخاوف للمرة الأولى.

أدت وفاتها أيضاً إلى حركة تضامن عالمي مع نساء إيران، فعلى تويتر تم استخدام هاشتاجي- "#مهسا_امینی" و"#مهسااميني" أكثر من 200 مليون مرة منذ وفاتها، وسميت ساحات وشوارع وحدائق باسمها في مدن مثل لندن وأوتاوا وباريس وفيينا، كما أنشأت العديد من جامعات العالم منحاً دراسية تحمل اسمها.

وفي 2023 أقر الكونجرس الأمريكي قانون "مهسا أميني لحقوق الإنسان والمساءلة الأمنية" لمحاسبة كبار المسؤولين الإيرانيين على ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، وفي العام نفسه منح أعضاء البرلمان الأوروبي جائزة ساخاروف لحرية الفكر لعام 2023 إلى مهسا جينا أميني، وحركة المرأة والحياة والحرية. 

وفي 2024 أصدرت بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة تقريرًا عن مهسا أميني قالت فيه إن الحكومة الإيرانية مسؤولة عن "العنف الجسدي" الذي أدى إلى مقتل مهسا، ووجد تقرير البعثة أيضاً أن إيران ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في قمعها العنيف للاحتجاجات في عامي 2022 و2023، بما في ذلك "القتل والسجن والتعذيب والاغتصاب، وأشكال أخرى من العنف الجنسي والاضطهاد والاختفاء القسري، وغيرها من الأعمال اللاإنسانية".

 التقرير أثبت وجود أدلة على تعرض أميني لصدمة نفسية أثناء وجودها قيد الاحتجاز لدى شرطة الأخلاق، متهماً الحكومة بمحاولة إخفاء الحقيقة، والسعي إلى مضايقة وترهيب أسرتها "من أجل إسكاتهم ومنعهم من السعي للحصول على تعويضات قانونية".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية