«اليوم الدولي للمسنين».. دعوة لتعزيز حقوق كبار السن في عالم يتغير

«اليوم الدولي للمسنين».. دعوة لتعزيز حقوق كبار السن في عالم يتغير

يحتفل العالم باليوم الدولي للمسنين، المعروف أيضاً باليوم الدولي لكبار السن، في الأول من أكتوبر من كل عام، بهدف زيادة الوعي بالمشاكل التي يواجهها كبار السن، واحتفاءً بما قدموه من إنجازات للمجتمع. في هذا اليوم، يجتمع الخبراء لمناقشة السياسات والتشريعات والممارسات التي تهدف إلى تعزيز أنظمة الرعاية والدعم للمسنين.

تشكل شيخوخة السكان اتجاهاً عالمياً رئيسياً يؤثر في تشكيل المجتمعات حول العالم، إذ بلغ متوسط العمر المتوقع عند الولادة الآن أكثر من 75 عاماً في نصف دول العالم، بزيادة تبلغ 25 عاماً على المعدل المسجل في عام 1950، وبحلول عام 2030، من المتوقع أن يتجاوز عدد المسنين عدد الشباب على مستوى العالم، مع تسارع هذه الوتيرة بشكل خاص في البلدان النامية.

أسفر هذا التحول الديموغرافي عن تغيير جذري في مشهد الرعاية، حيث زادت الاحتياجات للدعم المدفوع وغير المدفوع في البيئات الرسمية وغير الرسمية، كما أدى إلى ارتفاع الطلب على خدمات الرعاية الصحية الشاملة والدعم الاجتماعي، خاصة للمسنين الذين يعانون من حالات مثل الخرف.

وفي اعتراف بهذه التحديات والفرص، سيركز الاحتفال الرابع والثلاثون باليوم الدولي للمسنين، 2024 على موضوع "الحفاظ على الكرامة مع التقدم في السن: أهمية تعزيز أنظمة الرعاية والدعم للمسنين في جميع أنحاء العالم".

سيسلط الاحتفال الضوء على الحاجة الملحة لتوسيع فرص التدريب والتعليم في طب الشيخوخة وعلم الشيخوخة، ومعالجة النقص العالمي في العاملين في مجال الرعاية، والاعتراف بالمساهمات المتنوعة لمقدمي الرعاية.

ويؤكد الاحتفال أهمية حماية حقوق الإنسان لكل من مقدمي الرعاية ومتلقيها، وتعزيز النهج التي تركز على الشخص في الرعاية والتي تحترم كرامة المسنين ومعتقداتهم واحتياجاتهم وخصوصيتهم، والحق في اتخاذ القرارات بشأن رعايتهم ونوعية حياتهم.

يوم دولي للمسنين

أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 45/106 في 14 ديسمبر 1990، باعتبار يوم 1 أكتوبر من كل عام يوما دوليا للمسنين، وجاء هذا الإعلان لاحقا لمبادرة خطة العمل الدولية، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 51/37 المؤرخ 3 ديسمبر 1982.

وفي عام 1991، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب قرارها 91/46، مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بالمسنين، وفي عام 2003، اعتمدت الجمعية العامة الثانية للشيخوخة خطة عمل مدريد الدولية للشيخوخة للاستجابة للفرص والتحديات لفئة السكان التي ستواجه الشيخوخة في القرن الحادي والعشرين، وكذلك لتعزيز تطوير المجتمع لكل الفئات العمرية.

تضاعف عدد المسنين (أي أولئك الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكثر) 3 مرات من نحو 260 مليونًا في عام 1980 إلى 761 مليونًا في عام 2021، وبين عامي 2021 و2050 من المتوقع أن ترتفع الحصة العالمية من المسنين من أقل من 10% إلى نحو 17%.

في عام 2018، تم تحقيق إنجاز تاريخي عندما تجاوز عدد المسنين عدد الأطفال دون سن الخامسة لأول مرة على المستوى العالمي، وبحلول عام 2030، من المتوقع أن يتجاوز عدد المسنين في العالم عدد الشباب وأن يتضاعف عدد الأطفال دون سن الخامسة.

تعزيز الصحة والوقاية

ويؤكد النمو السريع في عدد الأشخاص الذين يصلون إلى سن أكبر أهمية تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض وعلاجها طوال مسار الحياة، لذلك من الأهمية التكيف مع العدد المتزايد من الأفراد المسنين الذين يمتلكون مجموعة متنوعة من القدرات الوظيفية في المجتمعات التي تعاني من شيخوخة السكان.

ولا تتأثر القدرة على القيام بالوظائف الأساسية والمشاركة في الأنشطة اليومية فقط بقدرة الفرد المتأصلة ولكن أيضًا بالبيئات الاجتماعية والمادية التي يقيم فيها، حيث تلعب البيئات الداعمة دورًا محوريًا في مساعدة المسنين على الحفاظ على مستويات نشاطهم واستقلاليتهم مع تقدمهم في العمر.

تساهم النساء اللائي يشكلن أغلب المتلقين للرعاية ومقدميها، بنحو 70% من ساعات الرعاية غير الرسمية على مستوى العالم، وينطبق هذا بشكل خاص على البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل التي تتمتع بخدمات رعاية محدودة، ما يجعل النساء أكثر عرضة للفقر في سن الشيخوخة.

الشيخوخة والصحة العامة

يعيش الأفراد في العالم اليوم أعمارا مديدة أكثر مما مضى، ويمكن أن يتوقع معظم الأفراد الآن، لأول مرة في التاريخ، أن يعيشوا حتى سن الستين أو أكثر، حيث تشهد جميع البلدان نموا في أعداد كبار السن والنسبة التي يمثلونها في تركيبة السكان.

وبحلول عام 2030، سيصل سدس سكان العالم إلى 60 عاما فما فوق، وفي الوقت الحالي، سيرتفع عدد السكان الذين تبلغ أعمارهم 60 سنة فما فوق من مليار نسمة في عام 2020 إلى 1.4 مليار نسمة، وبحلول عام 2050، سيتضاعف عدد سكان العالم البالغين 60 سنة فما فوق (2.1 مليار نسمة).

ومن المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 80 سنة فأكثر ثلاثة أضعاف بين عامي 2020 و2050 ليصل إلى 426 مليون نسمة.

ورغم أن هذا التحول في توزيع تركيبة السكان المتسم بتزايد أعداد كبار السن –أو ما يعرف بشيخوخة السكان– قد بدأ في البلدان المرتفعة الدخل (ففي اليابان مثلا، يمثل الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 سنة نسبة 30% من السكان)، فقد غدت البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل تشهد الآن الجزء الأعظم من هذا التحول. 

وبحلول عام 2050، ستؤوي البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل ثلثي سكان العالم الذين تبلغ أعمارهم 60 عاما فما فوق.

مفهوم الشيخوخة

من المنظور البيولوجي، يحدث التقدم في السن نتيجة تراكم طائفة واسعة من أوجه التلف في الجزيئات والخلايا مع مرور الزمن، وهذا يؤدي إلى تراجع تدريجي في القدرات البدنية والعقلية، وتزايد احتمال الإصابة بالأمراض والوفاة في النهاية، وهذه التغييرات ليست خطية وﻻ متسقة، وتكاد ﻻ ترتبط بعمر الشخص بحساب السنوات.

والتنوع الملاحظ في التقدم في السن ليس عشوائيا، فإلى جانب التغيرات البيولوجية، غالبا ما يرتبط التقدم في السن بأحداث أخرى تطرأ في الحياة مثل التقاعد، والانتقال إلى مسكن أنسب، ووفاة الأصدقاء والشريك.

مشكلات صحية شائعة

تشمل المشكلات الشائعة عند التقدم في السن فقدان السمع، وإعتام عدسة العين وأخطاء الانكسار، وآلام الظهر والرقبة، والتهاب العظام والمفاصل، وداء الانسداد الرئوي المزمن، والسكري، والاكتئاب، والخرف، ومع تقدم الأشخاص في السن، من الأرجح أن يواجهوا عدة مشكلات صحية في وقت واحد.

ويتميز التقدم في السن أيضا بظهور العديد من الحالات الصحية المعقدة التي يطلق عليها عادة متلازمات التقدم في السن، وغالبا ما تحدث نتيجة لعوامل كامنة متعددة وتشمل الوهن، وسلس البول، والسقوط، والهذيان وقرحة الضغط.

وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الفترة 2021-2030 عقدا للنهوض بالصحة في مرحلة الشيخوخة وطلبت إلى منظمة الصحة العالمية أن تقود عملية التنفيذ. 

وكان عقد الشيخوخة للنهوض بالصحة في مرحلة الشيخوخة هو تعاون عالمي يجمع بين الحكومات والمجتمع المدني والوكالات الدولية والمهنيين والأوساط الأكاديمية ووسائط الإعلام والقطاع الخاص لمدة 10 سنوات من العمل المتضافر والتحفيزي والتعاوني لتعزيز حياة أطول وأوفر صحة.

استراتيجية وخطة عمل عالميتين

ويستند العقد إلى استراتيجية وخطة عمل المنظمة العالميتين وخطة عمل مدريد الدولية للشيخوخة التي وضعتها الأمم المتحدة، ويدعم تنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة.

ويسعى عقد الأمم المتحدة للنهوض بالصحة في مرحلة الشيخوخة (2021-2030) إلى الحد من أوجه عدم المساواة في الصحة وتحسين حياة كبار السن وأسرهم ومجتمعاتهم المحلية من خلال إجراءات جماعية في أربعة مجالات: تغيير طريقة تفكيرنا وشعورنا وتعاملنا إزاء السن والتحيز ضد التقدم في السن، وتنمية المجتمعات بطرق تعزز قدرات كبار السن، وتقديم رعاية متكاملة وخدمات صحية أولية تركز على الأشخاص وتستجيب لاحتياجات كبار السن، وإتاحة رعاية جيدة طويلة الأجل لمن يحتاجون إليها من كبار السن.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية