«إقامة جبرية وقيود على السفر».. تقرير أممي: تدابير مكافحة الإرهاب تؤثر على حقوق الإنسان

«إقامة جبرية وقيود على السفر».. تقرير أممي: تدابير مكافحة الإرهاب تؤثر على حقوق الإنسان

كتب- سلمان إسماعيل

لا يزال الإرهاب يشكل تهديدا كبيرا للسلام والأمن الدوليين، ويجب على الدول أن تتخذ تدابير فعالة للتصدي لخطر الإرهاب، ومع التسليم بتعقيدات التصدي الناجح لهذا التهديد والتحديات المرتبطة به، فإن جميع التدابير المتخذة لتحقيق هذه الغاية يجب أن تكون متوافقة تماما مع القانون الدولي بما في ذلك القانون الدولي لـحقوق الإنسان، ولا يتعلق هذا الأمر فقط بالالتزامات القانونية الملزمة ولكنه ضروري أيضا من حيث مواجهة الإرهاب على نحو فعال ومستدام.

جاء ذلك في تقرير مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان بعنوان "الإرهاب وحقوق الإنسان"، المقدم لمجلس حقوق الإنسان في دورته الـ57 التي انطلقت في 9 سبتمبر الماضي وتتواصل فعاليتها حتى 9 أكتوبر الجاري، واطلع "جسور بوست" على نسخة منه.

وتظهر الأدلة أن عمليات مواجهة الإرهاب التي لا تمتثل للقانون الدولي لحقوق الإنسان تؤدي إلى نتائج عكسية وقد تتسبب في إنشاء مظالم جديدة أو تفاقم مظالم موجودة مسبقا قد تؤدي إلى انتشار الإرهاب، بحسب التقرير.

وتوفر التدابير الإدارية أداة للدول للتصدي لجوانب تهديد الإرهاب. غير أن الاستخدام الموسع لبعض هذه التدابير يثير شواغل بشأن تأثيرها على حقوق الإنسان والالتزام بسيادة القانون. ومن الضروري ضمان أن يكون استخدامها في كل حالة قانونيا ومبررا وضروريا ومتناسبا، وأن يكون مصحوبا بضمانات ورقابة قويتين لمنع التجاوزات وحماية حقوق الإنسان.

تدابير تعيق حقوق الإنسان

وشهدت السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في استخدام التدابير الإدارية لمكافحة الإرهاب، واعتمدت العديد من الدول ممارسات مثل الاحتجاز الإداري، والإقامة الجبرية، والقيود المفروضة على السفر، وأوامر المراقبة التي لا صلة لها بملاحقة التهم الجنائية، بينما لجأت دول أخرى إلى تدابير بعيدة المدى مثل الحرمان من الجنسية في سياق مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى وضع أفراد أو كيانات على ما يسمى قوائم المراقبة، خارج نظام العدالة الجنائية.

وركز المفوض السامي في تقريره، على استخدام التدابير الإدارية في مكافحة الإرهاب وآثارها على حقوق الإنسان، لافتا إلى أنه لا يسعى في هذا التقرير إلى تناول جميع جوانب حقوق الإنسان المرتبطة بجميع أنواع التدابير الإدارية في سياق مكافحة الإرهاب، على سبيل المثال التدابير المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب، أو أثر التدابير الإدارية على العمل الإنساني.

وتلزم الدول باتخاذ تدابير الحماية لجميع الأشخاص الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها من الأعمال الإرهابية، بسبل منها تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وهناك سعي بنشاط كبير إلى إدماج الالتزامات القانونية الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب في الأحكام والممارسات الوطنية في مجالي القانون الجنائي والإداري.

تعريف الجرائم المتعلقة بالإرهاب

وسبق للمفوض السامي أن حدد شواغل حقوق الإنسان في ما يتصل بالتدابير الجنائية المتعلقة بالمشتبه في قيامهم بأعمال إرهابية، وخاصة في ما يخص تعريف الجرائم المتعلقة بالإرهاب، وضمانات المحاكمة العادلة، وفرض عقوبة الإعدام.

وقال إنه لدى تقييم التدابير الإدارية من الأهمية بمكان النظر فيما إذا كان استخدام التدابير الإدارية يؤدي إلى تفاقم الشواغل القائمة المتعلقة بحقوق الإنسان فيما يتصل بالتدابير الجنائية أو الالتفاف على الحق في محاكمة وفق الأصول القانونية وفي محاكمة عادلة والحق في الضمانات الإجرائية التي تنطبق على الإجراءات الجنائية ولكن ليس بالضرورة على التدابير الإدارية.

وفي حين أن التدابير الإدارية غالبا ما تستخدم قبل وقوع الجريمة الإرهابية بهدف منعها، فإن التدابير الجنائية تستخدم أيضا على نحو متزايد باعتبارها وسيلة لمنع الأعمال الإرهابية والدور الوقائي للقانون الجنائي ليس في حد ذاته جديدا أو إشكاليا بطبيعته. فمن الثابت أن الأفعال غير المكتملة مثل الشروع في ارتكاب جريمة أو التحريض المباشر والعلني أو بعض الأعمال التحضيرية تعتبر ذات طابع إجرامي ولذلك يُعاقب عليها.

وفي ما يتعلق بممارسات إدراج أسماء أفراد في قوائم الإرهاب، يلاحظ أن العديد من الإجراءات الوطنية المتعلقة بإدراج فرد ما على قائمة الإرهاب، وما يترتب على ذلك من إجراءات إدارية مثل حظر السفر وتجميد الأصول، غالبا ما تفتقر إلى ضمانات إجرائية كافية لمنع إساءة استخدامها، مثل ضمانات الشفافية والوصول إلى المعلومات، فضلا عن الرقابة الفعالة. ففي تركيا، على سبيل المثال، أدرج العديد من الأفراد على القوائم الرمادية للأشخاص المطلوبين لصلتهم المزعومة بمنظمات إرهابية في أعقاب محاولة الانقلاب في يوليو 2016 دون رقابة قضائية أو إمكانية الطعن في إدراجهم في تلك القوائم.

وفي تونس، شاب حظر السفر المفروض على الأفراد المدرجة أسماؤهم في تلك القوائم عدد من أوجه القصور الإجرائية وعدم وجود سبل انتصاف فعالة، وأعرب خبراء الأمم المتحدة عن شواغل مماثلة بشأن استقلالية وعمل لجنة تصنيف الأشخاص والكيانات الإرهابية في الجزائر.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية