الحقوقي فاروق المغربي لـ"جسور بوست": الوضع في لبنان كارثي.. ونخشى تكرار سيناريو غزة
الحقوقي فاروق المغربي لـ"جسور بوست": الوضع في لبنان كارثي.. ونخشى تكرار سيناريو غزة
أجرى الحوار- سلمان إسماعيل
يتعرض الشعب اللبناني لعدوان إسرائيلي يعيد إلى الأذهان سيناريو العدوان على قطاع غزة المتواصل منذ السابع من أكتوبر 2023، وارتكاب قوات الجيش الإسرائيلي أبشع المجازر وارتقاء عشرات الآلاف من الشهداء نتيجة القصف العشوائي وغير المتناسب للأعيان المدنية في خرق واضح لاتفاقية جنيف الرابعة، واتفاقية منع الإبادة الجماعية، دون حسيب أو رقيب من المجتمع الدولي ودول العالم المتقدم.
وتصاعد الصراع في لبنان بعد إعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله (اغتالته إسرائيل ببيروت في 27 سبتمبر 2024) فتح جبهة إسناد لفصائل المقاومة الفلسطينية أعقاب عملية طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر العام الماضي، ويتبادل الجانبان القصف الصاروخي، والذي تحول إلى عدوان إسرائيلي كامل على الدولة اللبنانية.
وعلى مدار عام كامل، عجزت الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي عن إلزام إسرائيل بوقف الهجمة الشرسة ضد الفلسطينيين الذين ارتقى منهم ما يزيد على 41 ألف شهيد غالبيتهم من النساء والأطفال.
المستشار السابق لوزير حقوق الإنسان اللبناني فاروق المغربي، تحدث إلى "جسور بوست" عن الوضع الحقوقي في لبنان بعد العدوان الإسرائيلي والضربات المتواصلة على بيروت والجنوب ومناطق أخرى من لبنان، والآليات الدولية التي يمكن للحكومة اللبنانية اللجوء إليها لوقف العدوان، والموقف العربي الإنساني والسياسي، وغياب الردع الدولي، ومواصلة الدول الكبرى إمداد إسرائيل بالسلاح الذي تقتل به اللبنانيين كل يوم.
وإلى نص الحوار:
كيف تصف وضع حقوق الإنسان في لبنان على ضوء العدوان الإسرائيلي؟
وضعية حقوق الإنسان في لبنان باتت سيئة جدا، مراكز الإيواء مكتظة بالنازحين، والمواطنون ينامون في الشوارع،ولدينا انهيار في الوضع الصحي والوضع المالي والتعليمي، وإغلاق كلي للمدارس بسبب العدوان، سلسلة كاملة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق المدنية والسياسية ضائعة، ولا يتمتع بها اللبنانيون، ونحن في وضع كارثي،والذين خارج لبنان لا يمكنهم تخيل حجم المأساة التي نعيشها في الداخل كل يوم، منذ بدء العدوان الإسرائيلي والقصف الذي لا يتوقف.
وما أبرز المعاهدات التي انتهكتها دولة الاحتلال بعدوانها على لبنان؟
إسرائيل انتهكت كل معاهدات ومواثيق حقوق الإنسان، ومنها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وكل المعاهدات المرتبطة بالقانون الدولي الإنساني، واتفاقية منع الإبادة الجماعية لسنة 1948، واتفاقيات جنيف، وكل ما نص عليه نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية.
في تقديرك.. هل سيتمادى جيش الاحتلال في هذا العدوان؟
بالتأكيد جيش الاحتلال سوف يتمادى في عدوانه عبر توسيع نطاق الهجمات والاعتداءات، وهذا ما نراه على الأرض، وهذا ما رأيناه في غزة على مدار عام كامل، وكلنا متخوفون من التحول إلى سيناريو (غزة 2)في ظل غياب أي رادع أو حسيب أو رقيب يوقف عدوان نتنياهو وحكومته المتطرفة، وحتى الآن لم يُفرض علينا حصار مثل المفروض على قطاع غزة،فالمطار يعمل، والمعابر البرية تعمل، رغم استهدافها من قبل قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وما تقييمك لدور الدول العربية في التعاطي مع انتهاكات الاحتلال بحق غزة ثم لبنان؟
المواقف الإنسانية شيء، والموقف السياسي الحازم والموحد شيء آخر، فقد رأينا حزمة من المساعدات الإنسانية التي قدمتها الإمارات ومصر، وإعلان المملكة العربية السعودية هي الأخرى أنها سترسل مساعدات مماثلة، لكننا بحاجة إلى موقف سياسي من جامعة الدول العربية، لكن ربما غياب هذا الموقف يعود إلى الحسابات السياسية والعلاقة مع حزب الله وغيره،وهو ما يعيق توحد الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية على موقف واضح، وخطة عمل، للتعاطي مع العدوان الإسرائيلي على لبنان.
وكيف يؤثر تقاعس المجتمع الدولي عن وقف انتهاكات إسرائيل على نظرة الشعوب العربية لقيم حقوق الإنسان؟
تقاعس المجتمع الدولي ليس بجديد، فقد رأينا الصمت المخزي للعالم أمام الجرائم المتواصلة لأكثر من عام كامل، وحرب الإبادة الجماعية التي تشنها القوات الإسرائيلية بحق المدنيين في قطاع غزة، وارتقاء عشرات آلاف الشهداء،(أغلبهم من النساء والأطفال)، ونأمل ألا يتكرر هذا الوضع في لبنان، ومواقف الدول الكبرى متشابهة، فالجميع يطالب بعدم التصعيد، وضبط النفس، في وقت تواصل إمداد إسرائيل بالسلاح الذي تقتلنا به كل يوم.
ومن الذي يمكنه محاسبة إسرائيل على انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي؟
المسؤول الأول في هذه الأمور هو مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، ويقع عليه العبء لمحاسبة إسرائيل، ويجب على الدول وقف الدعم الذي تقدمه لإسرائيل، فضلا عن ما يمكن أن تذهب إليه الجمعية العامة للأمم المتحدة من ضغط إذا علقت عضوية دولة الاحتلال في الأمم المتحدة، وكلها أمور يمكن أن تردع إسرائيل، وقد حان الوقت لتطبيق ما جاء من المحكمة الجنائية الدولية من إصدار مذكرات توقيف بحق قادة الاحتلال،ويجب على الدول المنضمة لميثاق روما العمل على تنفيذ هذا الأمر.
وما الآليات والأجهزة الدولية التي يمكن أن يلجأ لها لبنان؟
في وقت سابق، أعددنا ورقة حول الآليات الدولية التي يمكن أن يلجأ إليها لبنان، تبدأ بلجنة لتقصي الحقائق، والانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، أو إعطاءها صلاحية زمنية منذ تاريخ الثامن من أكتوبر 2023 حتى الآن؛ للنظر في الجرائم التي وقعت على الأراضي اللبنانية، والآليات واسعة، وقدمنا هذه الورقة للحكومة اللبنانية، لكنها تراجعت عن منح المحكمة هذه الصلاحية المؤقتة.
بالحديث عن الحكومة.. ما تقييمك لتعامل حكومة تصريف الأعمال اللبنانية مع العدوان الإسرائيلي؟
الحكومة قصرت في كل شيء، حتى توثيق جرائم الاحتلال، وعلى مدار عام كامل لم نر أي حصر حكومي رسمي بعدد المجارز والانتهاكات التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي كل يوم، أمام العالم الصامت.
كما أن الوضع الحالي يستوجب اللجوء للدول الصديقة للبنان والتي تناهض ممارسات دولة الاحتلال، فيمكن لها أن تدعمنا أمام المحاكم الدولية، عبر اللجوء للقانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف، واتفاقية منع الإبادة الجماعية، وكل هذه آليات تحدد الجرائم والانتهاكات.
أخيرا.. هل ترى إمكانية لتطبيق قرار الأمم المتحدة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي خلال عام واحد؟
هذا أمر بعيد عن التحقق، وأشك في تطبيق هذا القرار،خصوصا وسط الانتهاكات المتواصلة لحقوق الإنسان، ورفض إسرائيل احترام القانون الدولي ومعاهدات حقوق الإنسان الأساسية دون رادع، بل وبتشجيع من بعض الحلفاء الذين يدعمون موقف دولة الاحتلال في كل المحافل الدولية بصرف النظر عن هذا العدد الكبير من ضحايا العدوان.