«جيروزاليم بوست»: 140 جنديًا إسرائيليًا يرفضون العودة للخدمة احتجاجًا على استمرار «حرب غزة»

الجنود: استمرارها غير إنساني.. ويُضرّ بأرواح الرهائن

«جيروزاليم بوست»: 140 جنديًا إسرائيليًا يرفضون العودة للخدمة احتجاجًا على استمرار «حرب غزة»

كشفت صحيفة «جيروزاليم بوست»، عن أن 140 من جنود الاحتياط الإسرائيليين رفضوا العودة للخدمة العسكرية احتجاجًا على استمرار الحرب في غزة، والتي يرون أنها تُعرّض حياة الرهائن للخطر دون جدوى.

وبحسب ما ذكرت الصحيفة العبرية، الاثنين، أن الجنود وقعوا على رسالة موجهة إلى القيادة الإسرائيلية تطالب بوقف العمليات العسكرية والعمل على إطلاق سراح الرهائن.

وأكد الجنود أن “استمرار الحرب لا يؤدي إلى تحرير الرهائن الإسرائيليين في غزة، بل يزيد من معاناتهم ويضع أرواحهم في خطر”.

موقف لا يُحتمل

ووفقا للصحيفة الإسرائيلية، يرى هؤلاء الجنود، ومن بينهم ناشطون في مجال حقوق الإنسان، أن الدولة الإسرائيلية وضعتهم في موقف "لا يُحتمل" يجبرهم على الاختيار بين الدفاع عن الوطن والانخراط في عمليات يعتقدون أنها تتعارض مع المبادئ الإنسانية.

"يوناه" (اسم مستعار)، أحد هؤلاء الجنود، خدم لمدة 240 يومًا في غزة وعلى الحدود مع القطاع، كان قد تم إعفاؤه من الخدمة الاحتياطية قبل عام ونصف من بدء الصراع في أكتوبر 2023، لكنه استدعي من جديد.

في بداية العمليات، استلم قيادة دبابة نظرًا لخبرته العسكرية السابقة، ورغم مشاركته الفعلية في القتال، إلا إنه يشعر الآن “بالخيانة من قِبل الدولة الإسرائيلية” بسبب قراراتها السياسية واستمرار الحرب دون تحقيق تقدم نحو إطلاق سراح الرهائن.

يقول يوناه: "لقد وضعتني دولة إسرائيل في موقف لا يمكن تحمله، وعلى المستوى الشخصي أشعر بالخيانة والغضب".

يوناه، الذي يصف نفسه بأنه ناشط في حقوق الإنسان ويعتنق أفكارًا قريبة من اليسار الليبرالي، كان قد رفض في السابق الخدمة في الضفة الغربية لأسباب أيديولوجية، حيث رأى أن انخراطه في الخدمة العسكرية هناك يتعارض مع عمله في مجال حقوق الإنسان، ورغم ذلك، أكد أنه مستعد لخدمة الاحتياط في مهام أخرى، ولكن تم تسريحه بناءً على هذا الرفض.

رسالة إلى القيادة

وقبل انتهاء آخر جولة له من الخدمة الاحتياطية، انضم يوناه إلى ما يقرب من 140 جنديًا آخرين وقعوا على رسالة موجهة إلى رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس الأركان، تنص على أنهم لن يتمكنوا من مواصلة خدمتهم العسكرية إذا لم تتخذ الحكومة خطوات حقيقية لتحرير الرهائن.

وجاء في الرسالة: "لقد تم تجاوز الخط الأحمر بالنسبة لبعضنا، وهو يقترب من الآخرين، سيأتي اليوم الذي سنضطر فيه، بقلوب محطمة، إلى التوقف عن الحضور للخدمة".

إحباط عميق

تعبّر الرسالة عن الإحباط العميق من الطريقة التي تُدار بها الحرب، مؤكدين أن "الحرب في غزة هي حكم بالإعدام على الرهائن"، وتضيف الرسالة: "اليوم أصبح من الواضح أن استمرار الحرب لا يؤخر فقط عودة الرهائن، بل يعرض حياتهم للخطر".

يوناه لم يتخذ قرارًا نهائيًا بترك الخدمة بشكل كامل، لكنه وقّع الرسالة كوسيلة للتعبير عن خيبة أمله الكبيرة من الحكومة والقيادة الإسرائيلية، وأضاف: "أشعر أن هذه الحرب مستمرة بلا هدف، وأن هناك قوى كبيرة في الدولة تقودنا إلى حرب بلا استراتيجية ولا نهاية واضحة".

وأشار إلى أن هذه القوى لا تعير قيمة كبيرة للحياة البشرية، سواء للرهائن أو للسكان المدنيين أو حتى للجنود المشاركين في الحرب.

تساؤلات حول القيادة

على الرغم من مشاركته في الحرب، يشعر يوناه بقلق عميق تجاه قرارات الحكومة الإسرائيلية، ويوضح: "إسرائيل لم تختر هذه الحرب، لكنني أشعر بالخيانة لأن القيادة لا تسعى إلى إنهائها.. أشعر أن الدولة اختارت عدم قبول الحلول الدبلوماسية عندما كانت متاحة".

وأعرب عن اعتقاده بأن هذه الحرب ستتحول إلى "حرب بلا نهاية" وأنها "تؤدي إلى تدمير غزة بشكل غير مبرر، في وقت تحتاج فيه إسرائيل إلى حل دبلوماسي طويل الأمد".

يقول يوناه: "لم ألتقِ مؤخرًا بجندي احتياط لم يفقد إيمانه بالدولة، إنهم يشعرون أن دولة إسرائيل قد خانتهم، وأن الثمن الذي يدفعونه باهظ للغاية في مقابل شيء لا يخدم مصالحنا العسكرية بوضوح".

اعتراض أخلاقي

"داني" (اسم مستعار)، وهو جندي احتياط آخر، تحدث عن تجربته الشخصية التي دفعته في النهاية إلى ترك خدمته، كان داني يعمل كمسعف في فرقة المظليين، وخدم في غزة لأشهر بعد بدء الحرب.

في البداية، كان “داني”، ينوي مغادرة الخدمة بعد وقت قصير من بدء الحرب في 8 أكتوبر بسبب اعتراضاته الأخلاقية على النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، لكن الأحداث المتسارعة دفعته للبقاء، رغم شعوره بعدم الارتياح تجاه القرارات العسكرية المتخذة.

قال داني إن نقطة التحول التي دفعته لاتخاذ قرار المغادرة جاءت عندما أُمر بحرق منزل في غزة، وعندما سأل قائده عن سبب هذا الأمر، تلقى ردودًا وصفها بأنها "سخيفة".

وأضاف: "نحن نحرق المنازل بلا سبب، إسرائيل تحرق المنازل وتدمر الأشياء بلا فائدة"، وأوضح أن هذا الأمر جعل عائلتين مشردتين، وأن وحدات أخرى في فرقته قامت بأعمال مشابهة في مناطق مختلفة.

وصف داني اللحظة التي تلقى فيها هذا الأمر بأنها "لحظة متناقضة" لأنه أدرك للمرة الأولى أن الأمور أصبحت واضحة بالنسبة له، "كان ذلك أول مرة تصبح فيها الأمور بسيطة"، على حد قوله. هذا الحدث حسم معضلته الأخلاقية حول استمراره في الخدمة.

اللعب بالمعايير الإنسانية

انتقد داني بعض السلوكيات التي شهدها خلال خدمته، حيث تحدث عن قيام بعض الجنود بسرقة مسبحات الصلاة من منازل الفلسطينيين كنوع من التذكارات، وتحولت هذه الممارسة إلى "لعبة" بين الجنود.

وأشار أيضًا إلى حالات تخريب ممتلكات المدنيين ورسم الجنود على جدران المنازل برسومات تذكارية.

وقال داني إنه حاول إبلاغ قادته بهذه التجاوزات، لكن الرد الذي تلقاه كان: "أنت محق، لكن ليس هذا وقت فرض النظام الآن".

رد الجيش الإسرائيلي

في رده على أقوال الجنود، قال الجيش الإسرائيلي بأنه يقاتل "منظمة إرهابية منذ 7 أكتوبر، ويعمل على تحقيق أهداف الحرب، بما في ذلك تفكيك منظمة حماس التي يعتبرها إرهابية وإعادة الرهائن".

وأضاف الجيش أن "حرق المباني دون ضرورة عملياتية هو ضد القانون وقيم الجيش الإسرائيلي"، وأكد أنه يتم التحقيق بعمق في أي انتهاك للقانون أو أوامر القادة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية