بين التنقل وتفشي الأمراض.. كيف يُكافح المهاجرون الأفارقة للحصول على الرعاية الصحية؟
«الدولية للهجرة»: جدري القردة يكشف عن فجوة في حماية صحة النازحين بالقارة السمراء
كشفت المنظمة الدولية للهجرة عن مواجهة إفريقيا لتحديات صحية كبيرة، خلال العام الجاري 2024، خاصة في ما يتعلق بالأمراض المعدية، ومن بين تلك التحديات كان تفشي مرض جدري القردة، الذي أدى إلى استنفار جهود كبيرة على الصعيدين المحلي والدولي.
وأوضحت المنظمة في بيان لها، اليوم الخميس، عن تحليل أجرته حول خطة الاستعداد والاستجابة لتفشي جدري القردة على حماية حقوق المهاجرين، والنازحين داخلياً، والمجتمعات ذات الحركة العالية، والمجتمعات عبر الحدود، الذين غالباً ما يعانون من أوضاع هشة تحول دون حصولهم على الرعاية الصحية الكافية.
ووفق تحليل المنظمة، يعد الحق في الحصول على الرعاية الصحية عنصراً محورياً في هذه الخطة، حيث يواجه هؤلاء الأفراد تحديات خاصة في الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية، مما يجعلهم أكثر عرضة لخطر الإصابة بالمرض.
الأوضاع الصحية للمهاجرين
شهدت إفريقيا حركة تنقل واسعة للمهاجرين خلال السنوات الأخيرة، في عام 2020، عاش أكثر من 21 مليون إفريقي في دول أخرى داخل القارة، بينما استضافت إفريقيا نحو 25.4 مليون مهاجر دولي.
وفي العام نفسه، استضافت منطقة القرن الشرقي والجنوب الإفريقي 12.2 مليون مهاجر، وهو ما يمثل تقريباً نصف عدد المهاجرين في القارة، بينما استضافت منطقة غرب ووسط إفريقيا 9.8 مليون مهاجر، 83% منهم من دول إفريقية أخرى، أما منطقة شمال إفريقيا فقد استضافت 3.2 مليون مهاجر.
تشير تلك الأرقام الكبيرة إلى أن القارة الإفريقية ليست فقط منطقة منشأ للمهاجرين، بل أيضاً وجهة عبور واستقرار، مما يزيد من تعقيد استجابة الصحة العامة للأمراض المعدية.
أثر التنقل على انتشار الأمراض
ساهم التنقل الكبير في إفريقيا في زيادة صعوبة السيطرة على الأمراض المعدية، وأظهرت جائحة كوفيد-19 أن حركة السكان تعتبر عاملاً محدداً لصحة الأفراد والمجتمعات، حيث أسهمت في انتشار الأمراض عبر الحدود وبين الدول.
يعاني العديد من المهاجرين والنازحين داخلياً والمجتمعات المتنقلة من صعوبة في الوصول إلى الرعاية الصحية، ما يزيد من هشاشتهم الصحية ويضعهم في مواجهة مخاطر أكبر.
وأكدت الوكالة الأممية أن غياب الرعاية الصحية يعد انتهاكاً مباشراً لحقوق الإنسان، حيث إن هذه الفئات بحاجة إلى دعم فعال لضمان حصولها على الخدمات الصحية الأساسية.
تفشي جدري القردة
خلال العام الجاري 2024، واجهت القارة الإفريقية تفشياً كبيراً لمرض جدري القردة، ويعد هذا المرض من الأمراض المعدية التي يسببها فيروس أورثوبوكس (OPXV)، ويعرف منه نوعان رئيسيان: السلالة الأولى"كلاد I" المعروفة سابقاً بسلالة حوض الكونغو، والسلالة الثانية "كلاد II" المعروفة بسلالة غرب إفريقيا.
تم اكتشاف المرض لأول مرة في عام 1958، وسجلت أول حالة إصابة بشرية في جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 1970، وعلى الرغم من أن المرض كان محصوراً في مناطق معينة من إفريقيا لفترة طويلة، فإنه في عام 2022 تفشى عالمياً، ما أدى إلى ظهور حالات في مناطق لم تكن متأثرة سابقاً.
في أغسطس 2024، أعلن المركز الإفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (Africa CDC) عن اعتبار تفشي جدري القردة حالة طوارئ صحية قارية، مما يشير إلى مدى خطورة الموقف.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية (WHO) عن حالة طوارئ صحية دولية بسبب هذا التفشي، محذرة من تزايد أعداد الإصابات في دول عديدة، وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية وحدها، سُجلت أكثر من 82% من الحالات المبلغ عنها في 2024، بينما سجلت بوروندي 14% من الحالات.
وفي أكتوبر 2024، تم الإبلاغ عن 8540 حالة مؤكدة و33 حالة وفاة عبر 18 دولة إفريقية.
تعاني العديد من الدول الإفريقية من ضعف في البنية التحتية الصحية، وقلة في الموارد، وعدم كفاية التدابير الوقائية، هذه التحديات تزيد من صعوبة الحد من انتشار الأمراض عبر الحدود، وتعد الفجوة في القدرة على التعامل مع التفشيات الصحية تهديداً مباشراً لحقوق الإنسان، حيث لا يمكن للفئات الأكثر تضرراً الحصول على الحماية الصحية اللازمة، ما يعرضها لمزيد من المخاطر.
إجراءات الاستجابة والخطط المستقبلية
سعت منظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع حكومات الدول الإفريقية، إلى وضع خطة شاملة للاستعداد والاستجابة لتفشي جدري القردة، تهدف هذه الخطة إلى تعزيز القدرات الصحية في القارة وتحسين نظم المراقبة الصحية، مع التركيز على المهاجرين والنازحين، ومن الضروري ضمان حماية الحقوق الصحية لهذه الفئات الضعيفة، والتمكين من الحصول على العلاج والرعاية الصحية بشكل عادل.