تغيرات المناخ.. بين كارثة فناء منتظرة وآمال باحتمالية الإنقاذ

تغيرات المناخ.. بين كارثة فناء منتظرة وآمال باحتمالية الإنقاذ

 

خبراء: تداعيات تغير المناخ حقيقة وليس معنى عدم حدوثها حتى الآن أنها لن تحدث وألا نحتاط 

هناك مبالغات كبيرة في تقدير حجم التداعيات رغم كونها حقيقة وربما كان هذا كي يهتم الإنسان أكثر

الخطورة تكمن في زيادة نفايات البلاستيك لأن تحللها يحتاج لـ500 سنة.. والحل في استبدالها ببدائل ورقية

 

صرخات الكوكب تتصاعد في كل ثانية أكثر ويكاد دويها يُفزع البشرية، فكل تقارير المناخ التي صدرت مؤخرًا تخبرنا أن الحياة باتت على وشك الانتهاء بغرق البشرية تحت أمواج البحار أو حرقها بفعل ارتفاع حرارة الأرض، وهي نتيجة حتمية لتجاهل مكافحة تغيرات المناخ التي خلفتها الثورة الصناعية ودول العشرين.

وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من أن كوكب الأرض يواجه اليوم أزمة ثلاثية تتمثل في الاختلال المناخي، وفقدان الموارد الطبيعة والتنوع البيولوجي، والتلوث والنفايات. 

وبحسب "غوتيريش" فإن الأزمة تهدد حياة الملايين من الناس وسبل بقائهم في جميع أنحاء العالم، موضحا أن أسس الحياة السعيدة والعيش بصحة جيدة -وقوامها الماء النظيف والهواء النقي والمناخ المستقر- أصابها اختلال شديد؛ مما يعرض تحقيق أهداف التنمية المستدامة للخطر. 

ويُعرّف المناخ (Climate) بأنه الظروف الجوية السائدة في منطقة معينة، وتتغير درجة حرارة المناخ وكذلك أنماط الطقس على فترات طويلة الأجل وذلك على عكس الطقس (Weather) الذي تتغير درجة حرارته على فترات زمنية قصيرة.

وسيشهد الكوكب ارتفاعا في درجة حرارته أكبر من ذلك خلال القرن الحالي، فبحسب علماء الطقس يتوقع أن ترتفع درجة حرارة الأرض من 2-4 درجات مئوية بحلول عام 2100 لافتين إلى متوسط درجة الحرارة العالمية في الوقت الحالي وهو 15 درجة مئوية.

وتكمن الخطورة في أن بقاء الكائنات الحية من بشر ونباتات وحيوانات على قيد الحياة بكوكب الأرض يتطلب مناخا معينا بدرجة حرارة معينة وهي متوسط 30 درجة مئوية ومن عجائب خلق الكون أن الله جعل هذه الدرجة من الحرارة موجودة بفعل الطبيعة، ولذلك توجد حياة على كوكب الأرض لأن درجة الحرارة به مناسبة لعيش جميع الكائنات الحية.

والمشكلة الأخطر التي يترتب عليها ارتفاع درجات الحرارة، تكمن في القطب الشمالي المتجمد، والذي ساهم رفع درجة حرارة الأرض بتلك النسب إلى ذوبان الثلوج، حيث أشارت دراسة إلى أن القطب الشمالي فقد في شهر يوليو عام 2019 فقط 160 مليار طن من الجليد من ذوبان السطح فحسب، هذا يعادل تقريبا حجم 64 مليون مسبح أولمبي، وهذه الكمية من المياه ستضاف إلى البحار والمحيطات والتي بالطبع تساهم في رفع مستواها وبالتالي غرق المناطق الأكثر انخفاضا على سطح الكرة الأرضية.

وتغير المناخ يحدث وفقًا لعوامل طبيعية مثل دوران الأرض حول الشمس وحدوث العواصف والحرائق والأعاصير والزلازل والبراكين، وعوامل غير طبيعية تحدث بفعل الإنسان، تتمثل في قطع الإنسان للأشجار والممارسات الزراعية الحديثة وأنشطة التصنيع المختلفة وغيرها من العوامل التي تحدث بفعل الإنسان وتُخلّف وراءها غازات الاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروجين.

"جسور بوست" حاورت متخصصين للوقوف على خطورة تداعيات تغيرات المناخ والحلول لإنقاذ الكوكب والبشرية من كارثة محتملة.

تغيرات المناخ حقيقة بها مبالغة

قال الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة والخبير بمنظمة الفاو، الدكتور نادر نورالدين: "إن ما قمت به من أبحاث علمية نشرت بألمانيا عن هذا الموضوع تتناول تداعيات تغير المناخ على التربة، والمياه وتدهور الأراضي الزراعية وتبخير المياه من الأنهار ووسائل الري، تجعلني أقول إن ظاهرة تغير المناخ حقيقة واقعة لا خلاف عليها، ولكن هناك مبالغات كبيرة في تقدير حجم تداعيات تغيرات المناخ على كوكب الأرض، ولكن ربما كان هذا كي يهتم الإنسان أكثر بالانبعاثات الغازية بمختلف أنواعها وحتى لا يتفاقم الوضع، لكن كل ما توقعوه لم يحدث منه شيء حتى الآن، فرغم مرور أكثر من 25 سنة على تقرير تغيرات المناخ وخطورتها على كوكب الأرض، التي تحدثوا فيها عن غرق الجزر المحيطية بما فيها إندونيسيا واليابان، ودلتاوات الأنهار المنخفضة والتي منها 3 محل خطر شديد، منها دلتا نهر النيل لكن تكهناتهم لم يحدث منها شيء، أيضًا تحدثوا عن نقص الغذاء في العالم بنسبة 25% نتيجة للاحترار العالمي ولم يحدث نقص في إنتاج الغذاء، بل على العكس حدثت زيادة في إنتاج أغلب الحبوب". 

وأشار نورالدين إلى أن كوكب الأرض به عوامل تبريد مثلما توجد به عوامل احترار، كالرياح والأعاصير وثلوج القطبين الجنوبي والشمالي، ومياه البحار والمحيطات التي تمتص 95% من أشعة الشمس الواصلة إلى الكوكب مما يجعل الحياة محتملة، فهناك توازن منذ ملايين السنين".

وتابع نورالدين، "الأحاديث عن انبعاثات كربونية من الصناعة بنسبة 61%، ومن الزراعة بنسبة 31%، وأن هذه الغازات احتبست في الطبقات العليا ولم تخرج إلى الفضاء الخارجي دون تفسير السبب، عليه أحاديث كثيرة، خاصة أن الله خلق 3 رئات لتنفس كوكب الأرض وامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون، أولها الغابات مثل غابات "الأمازون" والغابات الروسية وغابات المناطق الاستوائية، تمتص ثلث انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، تليها البحار والمحيطات وكل المياه المالحة في العالم تمتص الثلث الثاني من تلك الانبعاثات، بينما تمتص الثلث الأخير الرئة الثالثة للأرض متمثلة في جليد القطبين الشمالي والجنوبي".

وأضاف: "ما زال جليد القطبين كما هو ولم ينقص كما تم التصريح بذلك سابقًا، بالإضافة إلى النباتات الزراعية، العالم شهد هذا العام أبرد شتاء مر على العالم منذ 50 سنة، كذلك فإنهم يدعون أن كثيرًا من أصناف الكائنات الحية سواء حشرات أو فراشات أو كائنات أرضية اختفت وبدأ تحل محلها كائنات أخرى، وكذلك الحشائش، لكن الكون في توازن ولم نشعر باختلال".

واستطرد "تكمن الخطورة في زيادة النفايات خاصة أنواع البلاستيك منها لأن تحللها يحتاج إلى 500 سنة، ولذا يتم استبدالها بالشنط الورقية، وهو الأمر الذي بدأت كثير من دول العالم تتجه له".

الحفاظ على البيئة بالطرق العلمية

وبدوره، قال أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات إيهاب الدسوقي: "تغيرات المناخ وتداعياتها حقيقة، وليس معنى عدم حدوثها حتى الآن أنها لن تحدث وألا نحتاط، هذا ستر من الله، خطط التنمية التي تقوم بها الدول وإن كانت كبيرة، إلا أنها أفرزت مشاكل خاصة بما يحدث بالثلاثية التي أوردتها الأمم المتحدة في تقريرها متمثلة في "الاختلال المناخي، وفقدان الموارد الطبيعة والتنوع البيولوجي، والتلوث والنفايات"، لكن في السنوات الأخيرة أدركت الدول المتقدمة خطورتها، وبدأت في مراعاة القضاء على التلوث البيئي والحفاظ على الموارد من أجل المستقبل، وهذا هو جوهر التنمية المستدامة، وهي ما أدركته الدول النامية مؤخرًا وتحاول مراعاة حقوق الأجيال القادمة، ويجب معرفة أن الحفاظ عليها ليست تكلفة، لأن العائد منها أكبر من تكلفتها، فعندما تتدهور صحة الإنسان يكلف الدولة أموالًا أكثر في العلاج، بالإضافة إلى ضعف مساهمته في الإنتاج لضعفه".

وتابع الدسوقي: "تكمن الحلول في الحفاظ على البيئة بالطرق العلمية، ففي المصانع على سبيل المثال، توجد بها فلاتر لمنع التلوث وليس بصعب تكنولوجيًا، ويجب تشديد الرقابة على المصانع الملوثة للبيئة على أن تكون العقوبات رادعة على من يخالف، كذلك يجب استخدام الموارد وفقًا للتنمية المستدامة، ومراعاة حقوق الأجيال القادمة".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية