«الإيكونوميست»: الطاقة النظيفة ستصبح أقل سعراً من الوقود الأحفوري بالمستقبل

«الإيكونوميست»: الطاقة النظيفة ستصبح أقل سعراً من الوقود الأحفوري بالمستقبل
مؤتمر المناخ كوب 29

تتواصل النقاشات العالمية حول كيفية مكافحة التغير المناخي، والذي يتطلب تحولات اقتصادية وصناعية هائلة، في قمة الأمم المتحدة للمناخ "كوب29" في باكو، أذربيجان، لمناقشة سبل تمويل التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون.

وأثارت هذه النقاشات العديد من التساؤلات حول التكلفة الفعلية لهذا التحول، حيث قدرت بعض الدراسات أن التكلفة السنوية لانتقال العالم إلى اقتصاد خالٍ من الكربون قد تتراوح بين 4 إلى 5 تريليونات دولار أمريكي حتى عام 2030، وفقًا لتقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة (IEA)، وهي أرقام تدعو للقلق، حيث يمكن أن تشكل عبئًا ثقيلًا على الاقتصادات الوطنية، لا سيما في الدول النامية.

تكاليف التحول إلى الطاقة النظيفة

في تحليل نشرته مجلة "الإيكونوميست"، تم التشكيك في دقة هذه التقديرات، حيث ترى المجلة أن تقديرات التكاليف المقدمة سابقًا قد تكون مبالغًا فيها بشكل غير مبرر، ومن المحتمل أن تكون التكلفة الفعلية أقل بكثير من الأرقام التي تم الإعلان عنها، وفي بعض الحالات، قد يكون التحول إلى الاقتصاد الأخضر أرخص من الاستمرار في الاعتماد على الوقود الأحفوري.

وتعود هذه التقديرات إلى عدة عوامل رئيسية، من بينها:

 - النماذج الاقتصادية المبالغ فيها

النماذج الاقتصادية التي تعتمد عليها بعض الحكومات لتقدير تكاليف التحول غالبًا ما تتضمن فرضيات تفترض تحقيق أهداف خفض الانبعاثات بسرعة كبيرة جدًا، على سبيل المثال، قد تتوقع بعض النماذج أن الدول النامية سترتفع فيها الانبعاثات بمعدلات غير واقعية، لكن، وفقًا للبيانات الحالية، فإن استهلاك الطاقة في الدول النامية يظل أقل مما هو متوقع.

على سبيل المثال، في الهند، التي تعد من أكبر الاقتصادات النامية، انخفض استهلاك الطاقة بنسبة 1% في عام 2023، على الرغم من النمو السكاني المستمر، وهو ما يعكس تحولًا نحو الكفاءة في استهلاك الطاقة.

- انخفاض تكاليف التقنيات النظيفة

عند النظر إلى التحولات في تقنيات الطاقة النظيفة، يبرز العامل الحاسم في تقليص التكاليف: الانخفاض الكبير في أسعار الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ووفقًا لتقرير صادر عن البنك الدولي، فإن تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية قد انخفضت بنسبة 89% في السنوات العشر الماضية، مما جعلها من بين أرخص مصادر الطاقة المتاحة في العديد من الدول.

وفي عام 2023، بلغت تكلفة الطاقة الشمسية في الهند حوالي 30 دولارًا لكل ميغاوات ساعة، بينما كانت تكلفة إنتاج الطاقة من الفحم حوالي 60 دولارًا لكل ميغاوات ساعة.

وفي إفريقيا، التي تمتاز بالكثير من المناطق المشمسة، تتزايد مشاريع الطاقة الشمسية بشكل متسارع، تشير الدراسات إلى أن أكثر من 60% من الاستثمار في الطاقة في القارة في عام 2024 توجه نحو الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ما يعكس الاتجاه نحو تحول اقتصادي من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة.

- تحسين كفاءة الطاقة

على الرغم من التوقعات بأن التحول إلى الطاقة النظيفة سيأتي بتكاليف إضافية، تشير المجلة إلى أن التحسينات التكنولوجية المستمرة في كفاءة الطاقة قد تقلل من الحاجة إلى استثمارات ضخمة، وفقًا لدراسة أجرتها وكالة الطاقة الدولية، فإن استثمارات كبيرة في كفاءة الطاقة قد تخفض الاستهلاك الإجمالي للطاقة بنسبة تصل إلى 25% بحلول عام 2030.

في قطاع النقل، مثلاً، شهدنا ابتكارات مهمة في تكنولوجيا السيارات الكهربائية، وأصبحت تكلفة تصنيع السيارات الكهربائية منخفضة بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، مع انخفاض أسعار البطاريات بنسبة 90% منذ عام 2010، وهذا سيسهم في تقليل تكاليف التحول إلى قطاع النقل المستدام.

- تأثيرات الاستثمارات العالمية في الطاقة النظيفة

يساهم النمو السريع في استثمارات الطاقة المتجددة أيضًا في تقليل التكاليف، ففي عام 2023، استثمر العالم حوالي 500 مليار دولار في مشاريع الطاقة المتجددة، وهو ما يفوق بمقدار الضعف الاستثمارات في الوقود الأحفوري.

وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة بلومبرغ نيو إنيرجي فاينانس، فإن الاستثمارات في الطاقة الشمسية والطاقة الريحية قد تجاوزت بالفعل الاستثمارات في الوقود الأحفوري في العديد من الدول الكبرى، وعلى سبيل المثال، في الصين، بلغت الاستثمارات في الطاقة المتجددة في عام 2023 حوالي 120 مليار دولار، مقارنة بـ90 مليار دولار فقط في الوقود الأحفوري.

- تحقيق الأهداف البيئية بأهداف اقتصادية

وأشارت "الإيكونوميست" إلى أن بعض الأهداف البيئية التي تضعها الحكومات، مثل الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية، قد تؤدي إلى تكاليف ضخمة للغاية، ومع ذلك، تشير المجلة إلى أن الأهداف الأكثر واقعية التي تسعى إلى الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أقل من درجتين مئويتين قد تكون قابلة للتحقيق بتكلفة أقل.

وتستند هذه الرؤية إلى أن تقنيات الطاقة المتجددة الحالية مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية يمكن أن تساهم بشكل كبير في تحقيق هذه الأهداف ضمن إطار زمني معقول.

- تأثير شيخوخة السكان

وقالت المجلة، إن شيخوخة السكان في العديد من البلدان الكبرى، مثل اليابان وأوروبا، قد تقلل من استهلاك الطاقة في المستقبل، وفقًا للبيانات الصادرة عن الأمم المتحدة، فإن نسبة السكان الذين تزيد أعمارهم على 60 عامًا في العالم قد ارتفعت من 12% في عام 2010 إلى أكثر من 15% في عام 2023.

ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في السنوات القادمة، هذا التغير الديموغرافي سيساهم في تقليل استهلاك الطاقة بشكل طبيعي، مما يقلل من التكاليف المرتبطة بالتحول إلى الطاقة النظيفة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية