«فايننشال تايمز»: سياسات ترامب الجمركية تضع سلاسل التوريد في خطر
«فايننشال تايمز»: سياسات ترامب الجمركية تضع سلاسل التوريد في خطر
حذرت كبيرة المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، لايل برينارد، من خطط الرئيس المنتخب دونالد ترامب، التي تستهدف رفع التعريفات الجمركية وتقويض قوانين التصنيع الرئيسية.
وأكدت برينارد، اليوم الاثنين، أن هذه السياسات قد تؤدي إلى "فوضى اقتصادية" وزيادات حادة في الأسعار، ما يهدد المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية التي حققتها الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، وفقا لصحيفة "فايننشال تايمز".
وذكرت الصحيفة، أن برينارد، وهي أيضا مديرة المجلس الاقتصادي الوطني ونائبة رئيس الاحتياطي الفيدرالي السابقة، انتقدت نية ترامب إلغاء قوانين خفض التضخم (IRA) والشرائح والعلوم (Chips and Science Act)، اللتين اعتبرتهما أساسًا للتقدم الصناعي والتكنولوجي للولايات المتحدة، وأكدت أن هذه القوانين ساعدت على تقليل الاعتماد على الصين وتعزيز الوظائف في المناطق الأكثر تضررًا اقتصاديًا.
أوضحت برينارد أن "فرض تعريفات جمركية شاملة سيؤدي إلى اضطرابات كبيرة في سلاسل التوريد، وسيضر بالصناعات التي تعتمد على استيراد مكونات أساسية"، وحذرت من العودة إلى السياسات الحمائية العشوائية التي قد تزيد التكاليف على المواطنين وتؤثر على الصناعات المحلية.
تهديد للاستثمارات
أظهرت بيانات حديثة أن الاستثمارات في التصنيع بفضل هذه القوانين تجاوزت 400 مليار دولار منذ إقرارها، ورأت برينارد أن مثل هذه السياسات التحفيزية أدت إلى "نهضة تصنيعية" في مناطق متخلفة سابقًا، وأسهمت في توفير فرص عمل وتحسين مستويات الدخل.
وقالت برينارد: "ما تحقق هو إنجاز حقوقي واجتماعي، حيث حصلت مجتمعات بأكملها على فرص جديدة لم تكن متاحة من قبل"، وأشارت إلى أن السياسات البديلة التي يقترحها ترامب قد تُهدد هذه المكتسبات، وتؤدي إلى تقويض فرص المساواة في التنمية الاقتصادية.
قلق من سياسات ترامب
تعهد ترامب بفرض تعريفات جمركية شاملة تصل إلى 20% على جميع الواردات، وأكد أن مثل هذه الخطوة ستكون بديلاً عن تقديم حوافز للصناعات المحلية، لكن خبراء الصناعة وصفوا هذا النهج بأنه "غير منهجي" و"مدمر"، لأنه يتجاهل الحاجة إلى تحفيز الابتكار وتعزيز التعاون الدولي في سلاسل التوريد.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "سولارسايكل" سافي شارما: "رغم أهمية التعريفات كأداة سياسية، فإن استخدامها بشكل عشوائي سيؤدي إلى أضرار اقتصادية واسعة، ولن يعزز الصناعات الأمريكية كما يُروج ترامب".
حقوق العمال
تعرضت الخطط لإلغاء قوانين خفض التضخم إلى انتقادات من نواب جمهوريين أيضًا، وأكدوا أن هذه القوانين ليست مجرد مبادرات اقتصادية، بل هي جزء من منظومة أوسع لحماية حقوق العمال وضمان التوزيع العادل للاستثمارات.
وصرح مدير العمليات بشركة "أبسوليك"، غاري بارك بأن قانون الشرائح مكّن شركته من إنشاء مصنع جديد في جورجيا، مؤكدًا: "هذه القوانين ليست فقط استثمارًا في المستقبل، بل هي ضمان لحقوق العمال في الحصول على وظائف مستقرة ذات رواتب مجزية".
غموض السياسات
تسبب الغموض بشأن السياسات الجديدة في تأجيل عدد من مشاريع التكنولوجيا النظيفة، حيث أشارت التقارير إلى تأخر ما لا يقل عن ستة مشاريع رئيسية نتيجة عدم وضوح التوجهات المستقبلية.
وقال مؤسس شركة "برينستون نيو إنيرجي"، تشاو يان: "زيادة التعريفات قد ترفع الأسعار وتُضعف فرص تطوير الصناعات المستدامة، مما يُضر بالمستهلكين والشركات الصغيرة على حد سواء".
مستقبل غير واضح
شهدت الأسواق ارتفاعًا طفيفًا في أعقاب الانتخابات، لكن المحللين حذروا من أن مستقبل الاقتصاد الأمريكي يواجه خيارين متناقضين: إما تعزيز النمو من خلال سياسات مستقرة، أو العودة إلى الركود التضخمي بسبب الاضطرابات الناتجة عن السياسات الحمائية.
وأظهرت التحليلات أن الفئات الأكثر تضررًا من خطط ترامب ستكون الطبقات العاملة، التي ستُحرم من فرص اقتصادية حققتها السياسات الحالية، ما يثير تساؤلات عن مدى التزام الإدارة الجديدة بتحقيق العدالة الاقتصادية والحقوق الاجتماعية.