«راثلين».. جزيرة أيرلندية صغيرة تقود تجربة للقضاء على النفايات البلاستيكية
«راثلين».. جزيرة أيرلندية صغيرة تقود تجربة للقضاء على النفايات البلاستيكية
تعتبر جزيرة راثلين، الواقعة قبالة ساحل أيرلندا الشمالية، المكان المثالي لاختبار الأفكار البيئية الجديدة، حيث شهدت الجزيرة تطورًا ملحوظًا على مدار السنوات، بدءًا من إرسال جولييلمو ماركوني أول إرسال لاسلكي تجاري في العالم من ساحلها في عام 1898، وصولًا إلى كونها مختبرًا بيئيًا في الوقت الحالي.
ووفقا لمجلة "الإيكونوميست"، تضم الجزيرة نحو 140 نسمة فقط، وتهدف إلى الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2030، لكن، على الرغم من أن هذه الخطط قد لا تكون كافية للتأثير بشكل كبير على التغير المناخي بسبب الحجم المحدود للجزيرة، فإنها تمثل خطوة مهمة نحو تبني ممارسات مستدامة.
الاستدامة في راثلين
منذ عامين، موّلت الحكومة اللامركزية في بلفاست مشروعًا لجزيرة راثلين من خلال توفير سيارة كهربائية مجتمعية و20 دراجة كهربائية، كما تم الحصول على دعم آخر في عام 2023، حيث حصل اتحاد بقيادة جامعة أولستر على تمويل قدره 4.6 مليون جنيه إسترليني (ما يعادل 5.7 مليون دولار) من مجلس أبحاث الفنون والعلوم الإنسانية في المملكة المتحدة.
يهدف هذا المشروع إلى دراسة كيفية التعامل مع النفايات بشكل أكثر فاعلية في الجزيرة، بما في ذلك إيجاد حلول جديدة للتخلص من البلاستيك وإعادة تدويره.
إعادة استخدام البلاستيك
في إطار جهودها لحل مشكلة النفايات البلاستيكية، بدأت جزيرة راثلين في معالجة البلاستيك الذي لا يتم التخلص منه فقط من قبل سكان الجزيرة، بل أيضًا من النفايات التي تجرفها الأمواج إلى الشواطئ.
قام فريق المشروع بنشر منشورات تعليمية للسكان والزوار حول كيفية جمع البلاستيك من الشواطئ، ثم نقله إلى بلفاست من أجل معالجته، كما تم تنظيم بعض الأنشطة التعليمية، بالإضافة إلى إنشاء "مقاهي إصلاح" لتشجيع الناس على إصلاح العناصر المكسورة بدلاً من التخلص منها.
مشروعات محلية مبتكرة
تجسد جزيرة راثلين روح المبادرة والابتكار في مواجهة مشكلة النفايات البلاستيكية، على سبيل المثال، تقوم مارينا ماكمولان، إحدى السكان، بتربية الأغنام للحصول على اللحوم، لكنها بدأت الآن في تصنيع حبال خالية من البلاستيك باستخدام صوف أغنامها.
يأمل البعض في الجزيرة، مثل ماريان جرين، أن يتم استخدام هذه الحبال لزراعة الأعشاب البحرية حول الجزيرة، وتقول ماريان بحماسة: "تخيل لو تمكنا من استخدام صوف راثلين لزراعة الأعشاب البحرية هنا"، وهو مشروع يهدف إلى تعزيز استدامة الجزيرة وحمايتها البيئية.
تحديات تواجه راثلين
رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الجزيرة، يواجه مشروع إعادة تدوير البلاستيك تحديات عدة، فعلى الرغم من جمع البلاستيك من الشواطئ، لا يزال جزء كبير من نفايات الجزيرة يُلقى في مكبات القمامة المحلية.
كما تم إلغاء خطط لإعادة استخدام البلاستيك المعالج باستخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد بسبب نقص البنية التحتية اللازمة لدعم هذه التكنولوجيا في الجزيرة.
وقال قائد المشروع، جاستن ماجي، إن النجاح يتطلب مزيدًا من الاستثمارات في البنية التحتية لتكنولوجيا إعادة التدوير المتقدمة، لكنه أضاف أن العمل لم يذهب سدى وأن هناك خطوات جادة نحو تحقيق الأهداف المنشودة.
ورغم أن إعادة تدوير البلاستيك الذي تعرض للأشعة فوق البنفسجية في البحر تُعد أمرًا صعبًا بسبب تلف البوليمرات، فإن الفريق نجح في القيام بذلك، وتُجرى حاليًا محادثات حول كيفية إعادة استخدام البوليمرات المتدهورة في الاستخدام التجاري.
المثابرة في المعركة
يُذكر أن جزيرة راثلين ليست غريبة عن التحديات، ففي تاريخها، يُقال إن الملك الاسكتلندي روبرت بروس، الذي خاض معركة ضد الإنجليز، استلهم عزيمته من عنكبوت كان يحاول مرارًا نسج شبكته في مدخل كهف على الجزيرة.
وعلى الرغم من أن معركة راثلين الحالية ضد النفايات البلاستيكية قد لا تكون بنفس الشهرة التاريخية، فإن الجهود المبذولة اليوم تشكل محاولة جادة لإحداث فرق بيئي طويل الأمد.