«الحرية».. مذكرات تكشف محاولة أنجيلا ميركل لتحسين صورتها
«الحرية».. مذكرات تكشف محاولة أنجيلا ميركل لتحسين صورتها
اختارت أنجيلا ميركل، المستشارة السابقة لألمانيا، أن تكشف عن جوانب من حياتها الشخصية والسياسية في مذكراتها التي حملت عنوان "الحرية".
وتروي ميركل في نحو 700 صفحة وقائع من طفولتها في ألمانيا الشرقية، ومسيرتها المهنية التي بدأت بعد انهيار جدار برلين، وصولاً إلى توليها منصب المستشارة.
ووفقا لمجلة "الإيكونوميست"، يعكس الكتاب محاولتها لاستعادة سمعتها السياسية بعد مغادرتها منصبها في عام 2021، في وقت تحولت فيه الكثير من سياساتها إلى مواضيع انتقاد.
الحياة الشخصية والسياسية
لا يقتصر الكتاب على الجانب السياسي البحت، بل يتناول أيضاً تجاربها الشخصية والإنسانية، حيث يروي الكتاب كيف نشأت ميركل في ظل النظام الشيوعي في ألمانيا الشرقية، وتحديات دخولها عالم السياسة بعد إعادة توحيد ألمانيا.
ويظل التركيز الأكبر على سرد الأحداث السياسية التي شكلت مسيرتها، مثل اللحظات الحاسمة في فترة حكمها وكيف تعاملت مع الأزمات الكبرى التي مرت بها ألمانيا والعالم، مثل أزمة منطقة اليورو، وأزمة اللاجئين، وجائحة كورونا.
الحذر وتجنب التعمق
من الناحية الأدبية، يتسم الكتاب بالحذر الشديد، حيث تجنبت ميركل الخوض في التفصيلات التي قد تثير الجدل أو تسبب إحراجًا، وركزت على سرد الوقائع والأحداث، ورغم تقديمها العديد من المعلومات حول جدول سفرها السياسي، فإنها لم تُعطِ القرّاء فرصة للتعرف على تفكيرها العميق حول القضايا التي واجهتها.
ولا يقدم الكتاب تحليلاً فلسفيًا شاملاً، بل يقتصر على الحكايات الشخصية والمهنية من دون أن يتطرق إلى الكثير من الجوانب المثيرة للجدل التي كانت جزءًا من سياستها.
انتقادات وتساؤلات
رغم كونه سيرة ذاتية لقيادة استثنائية، فإن الكتاب لا يتضمن ردودًا واضحة على بعض الانتقادات الكبيرة التي واجهتها ميركل طوال فترة حكمها، على سبيل المثال، لم تقدم تفسيرًا مقنعًا بشأن اعتماد ألمانيا المتزايد على الغاز الروسي رغم التهديدات الواضحة من روسيا، وكذلك عن قراراتها المتعلقة بالغلق التدريجي لمحطات الطاقة النووية.
كما يُثار الجدل حول إصرارها على عدم تسريع انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو عام 2008، بينما كان الحضور الروسي في المنطقة يشكل تهديدًا حقيقيًا لأوروبا.
التسوية السياسية كأداة للحكم
تبرز ميركل في كتابها كسياسية تسعى دائمًا إلى تحقيق تسويات سياسية تعكس قدرتها على التفاوض والتوصل إلى حلول وسط، لكنها في الوقت ذاته، تفتقر إلى تقديم رؤية استراتيجية واضحة لتحسين الوضع العام.
وفي الكتاب تحاول ميركل أن تظهر بأنها كانت تسعى دومًا لإيجاد أفضل الحلول في الأزمات، إلا أن ذلك قد يكون على حساب رؤية بعيدة المدى لمصلحة ألمانيا وأوروبا.
الكتاب كتجربة سياسية
يُعتبر كتاب "الحرية" بمثابة محاولة لميركل لتقديم نفسها بوجه جديد، لكنه لا ينجح في الدفاع عن إرثها السياسي بشكل قوي، تبقى مذكرات ميركل مليئة بالتفاصيل حول حياتها الشخصية، ولكنها تفتقر إلى الحماس المطلوب في الرد على التحديات التي واجهتها في فترة حكمها.
رغم أنها سعت للظهور كشخصية معتدلة وواقعية، فإن القارئ يظل يتساءل عن الأسباب التي جعلت ميركل غير قادرة على الدفاع بوضوح عن قراراتها في قضايا مفصلية.