«فايننشال تايمز»: الصين تقود عمل المناخ العالمي وسط انقسامات أمريكية
«فايننشال تايمز»: الصين تقود عمل المناخ العالمي وسط انقسامات أمريكية
قالت صحيفة "فايننشال تايمز"، إن الصين تتبوأ اليوم مكانة بارزة في مكافحة التغير المناخي، حيث تعتبر أكبر مصدر للانبعاثات الكربونية في العالم، بمسؤوليتها عن أكثر من 30% من هذه الانبعاثات، وفي الوقت نفسه، أصبحت الصين من أكبر القوى الدافعة في مجال الطاقة المتجددة، حيث طورت تقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بشكل غير مسبوق.
وأضافت "فايننشال تايمز"، في تقرير لها، اليوم الخميس، أن الصين تستثمر بكثافة في مشاريع الطاقة الخضراء، ما يعزز دورها الريادي في التوجهات البيئية العالمية، وهو توجه يعكس استراتيجية الصين الطموحة، والتي تهدف إلى تحقيق أهداف كبيرة لخفض الانبعاثات وتوسيع استخدام الطاقة النظيفة.
وأضافت، أن الصين أصبحت القائد الفعلي للعالم في مجال العمل المناخي، متفوقة على العديد من الدول الكبرى في هذا المجال.
انقسامات الولايات المتحدة
وقالت “فايننشال تايمز”، إن الولايات المتحدة كانت لفترة طويلة القوة المسيطرة عالميا في ما يخص قضايا البيئة والمناخ، ومع تولي جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة في يناير 2021، عادت البلاد إلى الالتزام باتفاق باريس للمناخ، بعد أن انسحب منها الرئيس السابق دونالد ترامب.. كانت تلك خطوة إيجابية، ولكن لا يمكن اعتبار الولايات المتحدة اليوم شريكًا موثوقًا به في قيادة العمل المناخي على المدى البعيد، فالتحديات السياسية الداخلية والانقسامات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول كيفية التعامل مع التغير المناخي تظل عائقًا رئيسيًا، كما أن استمرار تداعيات أزمة كوفيد-19 والأزمات الاقتصادية العالمية قد يؤدي إلى تقليص الالتزامات البيئية الأمريكية مرة أخرى.
صراعات في السياسة الأمريكية
وذكرت الصحيفة أن أزمة القيادة المناخية في الولايات المتحدة لا تقتصر على التغيرات السياسية فقط، بل تمتد إلى فشلها في تطبيق السياسات البيئية بشكل جاد وفعال، فخلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، كانت الولايات المتحدة من أبرز الدول التي حددت مشكلة التغير المناخي كأولوية بيئية.
رغم ذلك، لم تتمكن الولايات المتحدة من إقرار معاهدات دولية مهمة مثل معاهدة كيوتو، حيث عارض مجلس الشيوخ الأمريكي الاتفاقيات التي كانت تتطلب التزامات مالية من الدول المتقدمة.
كذلك، مرر مجلس الشيوخ في عام 1997 قرار "بيرد-هاجل"، الذي قوبل بمعارضة شديدة للاتفاقيات البيئية التي كانت تستثني الدول النامية.
اتفاق باريس
وأشارت إلى أنه عقب فشل معاهدة كيوتو، تم صياغة اتفاق باريس في عام 2015، وهو اتفاق يتجنب الحاجة إلى مصادقة مجلس الشيوخ الأمريكي ويعتمد على التزامات طوعية من كل دولة، ولكن في 2017، عندما أعلن الرئيس ترامب انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس بحجة أنه يضر بالاقتصاد الأمريكي، شعر العالم بقلق بالغ حول مستقبل العمل المناخي.
وأوضحت أنه رغم العودة المحتملة للولايات المتحدة للاتفاقية لا تزال السياسة الداخلية الأمريكية تواجه تحديات كبيرة، ما يصعب توحيد البلاد في معركة عالمية ضد التغير المناخي.
الطاقة المتجددة
وقالت إنه على الرغم من أن الولايات المتحدة تعتبر من الرواد في تطوير تقنيات الطاقة المتجددة، فإن التطبيق الفعلي لهذه التقنيات لم يتسم بالجِدية الكافية، فمن خلال مشاريع مبتكرة مثل الطاقة الشمسية، التي بدأت بالظهور في السبعينيات، وابتكارات الشركات مثل تسلا في مجال السيارات الكهربائية، يمكن للولايات المتحدة أن تدعي الريادة في الطاقة النظيفة، ولكن، حتى مع الدعم الفيدرالي للطاقة المتجددة في عهد أوباما، فشلت واشنطن في تبني سياسات فعالة على مستوى الدولة تهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية بشكل جذري.
كما أن مشروع "الحد من الانبعاثات وتجارة حقوقها" الذي أطلقه أوباما في عام 2010 لم يحقق النجاح المطلوب، مما أوقف تطبيق أسعار صارمة للكربون.
تفوق الصين
وذكرت أنه في حين أن الولايات المتحدة تواجه تحديات سياسية واقتصادية في التعامل مع قضايا المناخ، تتقدم الصين بشكل لافت في هذا المجال، حيث أصبحت الصين اليوم أكبر منتج للطاقة الشمسية في العالم وأكبر مصدر لتقنيات طاقة الرياح، ما يجعلها في موقع قوة في صناعة الطاقة النظيفة.
إضافة إلى ذلك، تسعى الصين لتوسيع قدراتها في إنتاج الهيدروجين الأخضر والتوسع في شبكات الطاقة الكهربائية النظيفة، وتستمر الصين في وضع استراتيجيات طموحة لمواجهة التغير المناخي، بما في ذلك تحقيق أهداف لتخفيض الانبعاثات وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.
تصدر المشهد
واختتمت الصحيفة قائلة، إنه على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها الصين في المجال البيئي، فمن المحتمل أن تتحول إلى القوة العالمية الرائدة في محاربة التغير المناخي، ففي الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أزمات داخلية تؤثر على التزاماتهم البيئية، تواصل الصين تعزيز مكانتها كقائد عالمي في مجال المناخ، وإذا تمكنت الصين من تجاوز المصالح الاقتصادية المرتبطة بالوقود الأحفوري فإنها ستكون قادرة على أن تصبح القائد الفعلي في التوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة والمستدامة.