فلسطين في المقدمة.. 5 دول عربية واجهت كوارث إنسانية خلال 2024

فلسطين في المقدمة.. 5 دول عربية واجهت كوارث إنسانية خلال 2024
آثار العدوان الإسرائيلي على غزة

بتحديات إنسانية معقدة وصراعات متعددة الأوجه، ترك عام 2024 قبل أن ينقضي، بصمة دموية على عدد من الدول العربية على وقع الحروب والنزاعات المسلحة، ما أثر بشكل كبير على حياة الملايين من السكان، ولعل أبرز الدول المتأثرة بالصراعات، فلسطين ولبنان والسودان واليمن وليبيا.

وتنوعت الأزمات التي واجهت تلك الدول ما بين نزاعات مسلحة طويلة الأمد، وتدهور اقتصادي، وتفاقم الكوارث البيئية والتغيرات المناخية، الأمر الذي يضاعف الضغوط على الحكومات والمجتمعات المحلية والمنظمات الإنسانية في الدول المتضررة.

وفي عام 2024، شهدت الأزمات الإنسانية في فلسطين ولبنان والسودان واليمن وليبيا تصاعداً ملحوظاً نتيجة الصراعات المسلحة والانهيارات الاقتصادية وتفاقم تداعيات ظاهرة تغير المناخ، ما أسفر عن موجات نزوح جماعية ونقص حاد في الغذاء وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

وتتطلب هذه الأزمات الإنسانية المعقدة في 5 دول عربية اهتماماً دولياً مكثفاً، حيث إن تراجع التمويل الإنساني الدولي وانشغال العالم بأزمات أخرى أسهم في تقليل الفرص المتاحة لتحسين الأوضاع المعيشية في هذه الدول المتضررة.

فلسطين.. الأكثر تضررا

ويعتبر قطاع غزة من أكثر المناطق تضرراً إنسانياً في العالم، حيث أدى العدوان الإسرائيلي الذي امتد لأكثر من عام إلى تشريد عشرات الآلاف وتدمير البنية التحتية، والتأثير بشكل مباشر على تقليص التمويل الدولي، بما في ذلك وقف دعم منظمة "الأونروا"، ما أدى إلى زيادة معدلات الفقر والجوع، حيث يعاني ملايين الفلسطينيين من انعدام الأمن الغذائي.

ويعاني سكان غزة من حصار مستمر منذ أكثر من 15 عاماً، ما أدى إلى نقص حاد في الموارد الأساسية، بما في ذلك الغذاء والماء والكهرباء والأدوية، وجاء العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023 ليزيد من الأزمة الإنسانية التي يشهدها القطاع.

يعيش نحو 80 بالمئة من سكان غزة على المساعدات الدولية، لكن تقليص دعم منظمة "الأونروا" وبرامج الإغاثة الأخرى أدى إلى تفاقم معدلات الفقر والبطالة، إذ يعاني أكثر من مليوني فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة من انعدام الأمن الغذائي، بسبب القيود المفروضة على الحركة والتجارة، والتي تحد من قدرة السكان على تأمين احتياجاتهم.

وارتفعت أعداد الاعتقالات بين المدنيين من الفلسطينيين، مع استمرار الممارسات الإسرائيلية ضد المعتقلين، بما في ذلك الاعتقال الإداري، والذي يُعتبر أحد الملفات الإنسانية البارزة في فلسطين، حيث بلغ عدد الاعتقالات منذ بدء العدوان الإسرائيلي أكثر من 11 ألفا، وفق تقديرات مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان (غير حكومية، مقرها غزة). 

وتأثرت المؤسسات التعليمية في القطاع بسبب القصف والإغلاق، ما حرم آلاف الأطفال من حقهم في التعليم، كما يعاني الأطفال في غزة من صدمات نفسية نتيجة النزاع المستمر وتدمير منازلهم وفقدان ذويهم، وصعوبة تلبية احتياجاتهم الأساسية في المخيمات.

أزمة خانقة في لبنان

يشهد لبنان استمرارا للأزمة الاقتصادية والسياسية، ما أدى إلى تراجع الثقة في الحكومة وزيادة الاعتماد على المساعدات الخارجية، إذ يتم تنسيق الجهود الإنسانية من خلال الوكالات الأممية لتأمين الغذاء والمأوى، لكن غياب الشفافية في توزيع المساعدات الإنسانية أسهم في تزايد تعقيد الأوضاع.

ويعاني لبنان أزمة اقتصادية خانقة منذ عام 2019، ما أدى إلى تدهور القدرة الشرائية للسكان وزيادة معدلات الفقر والبطالة، حيث يعيش أكثر من 80 بالمئة من اللبنانيين تحت خط الفقر، مع تضخم مفرط أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء والخدمات الأساسية في البلد المأزوم.

ويواجه القطاع الصحي في لبنان نقصًا حادًا في الأدوية والخدمات والمستلزمات الطبية بسبب انقطاع التمويل وعدم توفر العملات الأجنبية للاستيراد، كما يشهد القطاع نزيفًا حادًا في الكوادر الطبية، حيث دفعت الأزمة الاقتصادية آلاف الأطباء والممرضين إلى الهجرة بحثًا عن ظروف عمل أفضل خارج البلاد. بحسب منظمة الصحة العالمية.

ويشكل اللاجئون السوريون والفلسطينيون ضغطًا كبيرًا على البنية التحتية والخدمات الاجتماعية في لبنان، حيث يعيش هؤلاء اللاجئون في ظروف إنسانية صعبة، مع نقص حاد في الدعم الدولي الذي تراجع في السنوات الأخيرة.

وتعمل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والإغاثية على تقديم مساعدات غذائية وإيوائية للسكان في لبنان، ومع ذلك فإن التحديات اللوجستية وضعف التنسيق بين الجهات الفاعلة يعيقان تحقيق تأثير ملموس​ أو تحسين الأوضاع المعيشية في البلاد.

وتتطلب الأزمة في لبنان جهودًا مكثفة من المجتمع الدولي والمحلي لتعزيز الحوكمة وتقديم تمويل مستدام ودعم اللاجئين وتخفيف الضغط الاقتصادي والاجتماعي على السكان بشكل عام، إضافة إلى تحسين الخدمات الأساسية لضمان توفير الرعاية وتقديم الدعم لمستحقيه.

كارثة إنسانية في السودان

ويعد السودان من أبرز الأزمات الإنسانية العالمية حالياً، حيث أسفرت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع والتي بدأت في أبريل 2023 عن مقتل الآلاف وتشريد الملايين داخلياً وخارجياً، إذ أدت هذه الأزمة إلى كوارث إنسانية متعددة، في ظل حالة من التجاهل والإهمال الدولي.

ونزح أكثر من 5 ملايين شخص داخل السودان حيث يواجهون ظروفا صعبة بسبب نقص الغذاء والمياه النظيفة والمأوى، فضلًا عن تدهور الظروف الصحية في المخيمات، بينما فرّ من البلاد نحو 1.2 مليون شخص إلى دول الجوار مثل تشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان. بحسب وثيقة للأمم المتحدة.

ويواجه نحو 25 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي بسبب تعطيل الزراعة، ونقص المساعدات الإنسانية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، حيث أدى الصراع إلى تعطيل سلاسل الإمداد، ما جعل إيصال الغذاء إلى المحتاجين أمرًا صعبًا، إلى جانب موجات الجفاف والفيضانات التي تشهدها البلاد بسبب تفاقم ظاهرة تغير المناخ.

ويشهد القطاع الصحي بالسودان انهياراً جراء تدمير أو تعطيل العديد من المستشفيات والمرافق الطبية، مع نقص في الأدوية والإمدادات الصحية، ما أسهم في تفشي الأمراض مثل الكوليرا والملاريا وغيرها، خاصة في ظل سوء التغذية وتدهور النظافة في مناطق النزوح.

وبحسب تقارير أممية ودولية، يتعرض السودانيون إلى جرائم وانتهاكات إنسانية جسيمة، بما في ذلك العنف الجنسي والقتل خارج نطاق القانون، كما تعاني النساء والفتيات بشكل خاص من مخاطر الاعتداء والاستغلال الجنسي والعنف والزواج المبكر والقسري.

وتواجه المساعدات الإنسانية صعوبات بالغة بسبب انعدام الأمن وانفلات السلاح والتوترات السياسية، ما يجعل إيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة شبه مستحيل، فضلا عن نقص التمويل الدولي ما يزيد من معاناة الملايين ويعرقل تقديم الدعم إلى المتضررين.

معاناة الملايين في اليمن

وأدى الصراع الممتد في اليمن منذ عام 2014 إلى استمرار واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يعاني الملايين من نقص الغذاء والماء والخدمات الصحية، مع تزايد الاحتياجات الإنسانية بشكل كبير، ما أدى معاناة واسعة النطاق بين السكان.

وتشير التقارير إلى أن أكثر من نصف السكان (نحو 18.2 مليون شخص) يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية، مع تصاعد الأزمات الصحية والغذائية والاقتصادية في البلد العربي. بحسب الأمم المتحدة.

ويعاني نحو 2.7 مليون طفل من سوء التغذية الحاد، منهم أكثر من 590 ألف طفل في خطر شديد بسبب سوء التغذية الحاد، ما يتطلب تدخلاً سريعًا لإنقاذ حياتهم، كما تشكل النساء الحوامل والمرضعات نسبة كبيرة من الفئات التي تعاني من سوء التغذية، حيث تحتاج أكثر من 2.7 مليون منهن إلى علاج خاص. بحسب موقع الأمم المتحدة.

ويشهد اليمن تفشيا للأمراض المعدية مثل الكوليرا والحصبة والملاريا، ما أدى إلى وفاة المئات وتعريض مئات الآلاف للخطر، في ظل انهيار شبه كامل للنظام الصحي، حيث تعمل نسبة صغيرة فقط من المرافق الصحية بكفاءة متوسطة.

وتتحمل النساء العبء الأكبر من النزاع، حيث يشكلن 80 بالمئة من النازحين البالغ عددهم 4.5 مليون، كما تواجه أكثر من 6.3 مليون امرأة مخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي والزواج المبكر، مع محدودية كبيرة في خدمات الرعاية والحماية.

وتضررت المدارس والمستشفيات بشكل كبير، ما أدى إلى ترك أكثر من 4.5 مليون طفل خارج نظام التعليم، فيما تعاني الفصول المتبقية من اكتظاظ ونقص في المعلمين المؤهلين، ما فاقم من أزمة تسرب التعليم، لا سيما بين الفتيات. بحسب موقع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو”.

ورغم تقديم المنظمات الأممية والدولية المساعدات الغذائية والصحية لسكان اليمن، بما في ذلك برامج علاج سوء التغذية وبناء مراكز آمنة للأطفال والنساء، فإن التمويل المطلوب لهذه الجهود ما زال غير مكتمل، ما يعرقل تقديم الدعم الكامل ويبرز الحاجة الماسة إلى دعم دولي مستدام لوقف النزاع وتحسين الظروف الإنسانية في البلاد.

أوضاع سيئة في ليبيا

وتأثرت الأوضاع الإنسانية في ليبيا بالانقسامات السياسية والاشتباكات المسلحة المتكررة، إلى جانب التدهور الاقتصادي والبنية التحتية الضعيفة، ما يؤدي إلى نزوح داخلي واسع النطاق وغياب الأمن والاستقرار اللازمين لتقديم المساعدات الإغاثية بشكل فعال.

ورغم بعض التحسن النسبي في الاستقرار الأمني في بعض المناطق بالبلاد، فإن الأزمة الإنسانية لا تزال تشكل عبئًا كبيرًا على ملايين السكان والنازحين داخل البلاد، إذ يقدر عدد النازحين داخليا بمئات الآلاف، يعانون من ظروف معيشية قاسية في مراكز الإيواء أو المناطق غير المجهزة لاستقبالهم.

وتواجه البلاد أزمة إنسانية إضافية بسبب تدفق المهاجرين واللاجئين الذين يستخدمون ليبيا كمعبر نحو أوروبا، ما يزيد الضغط على الموارد المحلية، حيث يعاني الليبيون بالأساس من صعوبة كبيرة في الوصول إلى المياه النظيفة والكهرباء والرعاية الصحية والتعليم.

وتتفاقم أزمة الغذاء في ليبيا بسبب التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية (الدينار)، ما جعل تكلفة المعيشة مرتفعة إلى حد كبير، حيث يعتمد قطاع كبير من السكان على المساعدات الغذائية المقدمة من المنظمات الإنسانية، لكن هذه المساعدات لا تغطي سوى جزء صغير من الاحتياجات الفعلية للمتضررين. بحسب الاستراتيجية الوطنية للعدالة الاجتماعية في ليبيا.

ويعاني النظام الصحي من نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، بالإضافة إلى هجرة الكوادر الطبية، ما أدى إلى تفشي الأمراض مثل الملاريا والحصبة في بعض المناطق نتيجة الظروف المعيشية المتدهورة ونقص الخدمات الصحية الوقائية.

وتظل الأوضاع الإنسانية في ليبيا خلال عام 2024 معقدة وهشة، مع استمرار الصراع على الموارد والسيطرة السياسية، حيث تحتاج ليبيا إلى دعم دولي مكثف وجهود داخلية متكاملة للتخفيف من الأزمة الإنسانية، وتحقيق الاستقرار السياسي الذي يمثل أساسًا لتحسين حياة المواطنين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية