«الإيكونوميست»: أستراليا تقود حملة ضد عمالقة التكنولوجيا
«الإيكونوميست»: أستراليا تقود حملة ضد عمالقة التكنولوجيا
كشفت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، عن أن مجلس الشيوخ الأسترالي أقرّ تعديلاً مثيراً للجدل على قانون السلامة الإلكترونية، يقضي بحظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون 16 عاماً اعتباراً من العام المقبل.
وقالت "الإيكونوميست"، في تقرير لها اليوم الأحد، إن هذا القانون أثار جدلاً واسعاً حول تداعياته الحقوقية والاجتماعية ومدى فعاليته في حماية المراهقين من مخاطر الإنترنت.
وسنّ البرلمان الأسترالي في 29 نوفمبر 2023 تشريعاً يفرض على منصات التواصل الاجتماعي اتخاذ خطوات للتحقق من أعمار المستخدمين، وفرض القانون غرامات تصل إلى 50 مليون دولار أسترالي (32 مليون دولار أمريكي) على المنصات التي لا تلتزم بتطبيق إجراءات "معقولة" للتحقق من عمر المستخدمين.
وأعلن رئيس الوزراء أنطوني ألبانيزي أن هذه الخطوة حظيت باهتمام عالمي، مؤكداً أن أستراليا تقود حملة لحماية المراهقين من مخاطر وسائل التواصل.
قلق بشأن المراهقين
اعتبر المسؤولون الأستراليون أن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على المراهقين يشبه ضرر التدخين، الذي قادت أستراليا حملات صارمة لمكافحته.
وأكد ألبانيزي، أن بعض الأسر فقدت أبناءها بسبب تأثير وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال رئيس وزراء جنوب أستراليا، بيتر مالينوسكاس، إن الأضرار النفسية للمراهقين باتت حقيقة لا يمكن إنكارها.
غياب الأدلة
تزامنت زيادة استخدام الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي مع تراجع الصحة النفسية لدى المراهقين، ورغم هذا التزامن، لم تثبت الدراسات حتى الآن وجود علاقة سببية مؤكدة بينهما.
وأوضح أكسل برونز، الباحث في جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا، أن الأدلة غير كافية لإثبات أن وسائل التواصل تضر أكثر مما تنفع.
وعبّر مراهقون عن اعتمادهم على وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع أقرانهم.. قالت غريس، فتاة تبلغ 14 عاماً من سيدني: "إنها الطريقة الوحيدة للتواصل مع أصدقائي".
ورفض بعض خبراء حقوق الأطفال هذا الحظر، معتبرين أنه قد يزيد من عزلة المراهقين بدلاً من حمايتهم.
وأكدت مفوضة حقوق الإنسان، لورين فاينلي، أن الحظر لا يجعل المنصات أكثر أماناً، بل يفاقم المشكلة.
تحديات تقنية
واجه القانون الجديد تحديات تتعلق بتحديد المنصات التي سيطبق عليها، واستثنى القانون منصات مثل يوتيوب لأغراض تعليمية، وأعفى منصات الألعاب.
فرضت الحكومة على منصات التواصل استخدام بدائل للتحقق من العمر مثل تقنية التعرف على الوجه، لتجنب إجبار المستخدمين على تقديم وثائق الهوية، وأعرب البعض عن قلقهم من مخاطر جمع البيانات، مشيرين إلى أن المراهقين قد يستخدمون هويات ذويهم لإنشاء حسابات مزيفة.
تأييد للحظر
أظهرت استطلاعات الرأي أن أكثر من 75% من البالغين الأستراليين يؤيدون الحظر، ودعمت الأحزاب الكبرى، بما فيها الحزب الليبرالي المعارض، هذا القرار.
اعتبرت الحكومة أن أستراليا تُعدّ نموذجاً دولياً يُحتذى في التصدي لعمالقة التكنولوجيا، مؤكدة أن دولاً أخرى قد تسترشد بتجربتها.
تجارب سابقة
طبّقت أستراليا في 2021 قانوناً يلزم جوجل وميتا بدفع تعويضات لشركات الأخبار مقابل استخدام محتواها، دفع العملاقان 130 مليون دولار أسترالي خلال العام الأول، لكن في كندا، التي تبنت قانوناً مشابهاً في 2023، ردت ميتا بحظر روابط الأخبار، ما أضرّ بمواقع إخبارية تعتمد على فيسبوك لنشر محتواها.
وهددت ميتا بتكرار هذا الإجراء في أستراليا، ما يثير الشكوك حول نجاح التشريعات الجديدة.
وساهمت وسائل الإعلام التقليدية، خاصة "نيوز كورب" المملوكة لروبرت مردوخ، في دعم هذه التشريعات، حيث تسيطر الشركة على ثلثي الصحف الأسترالية، وتسعى لاستعادة نفوذها المفقود أمام هيمنة منصات التكنولوجيا.
ورأت الباحثة في جامعة ملبورن، سويليت دريفوس، أن "نيوز كورب تبحث عن طرق جديدة لتعويض خسائرها".
وقد يواجه التشريع الجديد مصيراً مشابهاً للقوانين السابقة، ليبقى التساؤل حول فعاليته في تحقيق التوازن بين حماية المراهقين وضمان حقوقهم الرقمية.