«نيويورك تايمز»: تسوية دعوى التشهير بين ترامب و«ABC» تثير تساؤلات حول حرية الإعلام
«نيويورك تايمز»: تسوية دعوى التشهير بين ترامب و«ABC» تثير تساؤلات حول حرية الإعلام
أعلنت شبكة "ABC" الإخبارية عن تسوية دعوى تشهير رفعتها ضدها إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، مقابل مبلغ 15 مليون دولار.
وأثارت التسوية التي تتضمن أيضاً اعتذاراً علنياً من الشبكة، العديد من التساؤلات حول تأثيرها على حرية الإعلام في الولايات المتحدة. بحسب تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” اليوم الأحد.
وقالت الصحيفة الأمريكية، إن هذه القضية تعتبر مثالاً بارزاً على التحديات القانونية التي تواجهها وسائل الإعلام الكبرى عندما تتعرض شخصيات عامة لاتهامات بالتشهير، في وقت يشهد فيه الإعلام ضغوطات قانونية وسياسية متزايدة، تبرز المخاوف من أن تسهم هذه التسوية في تقليص قدرة وسائل الإعلام على ممارسة دورها الرقابي بحرية واستقلالية، ما يهدد القيم الأساسية للصحافة الحرة في البلاد.
وتعتبر التسوية انتصاراً لترامب في سلسلة القضايا التي رفعها ضد وسائل الإعلام، والتي كانت معظمها قد انتهى بخسارته في محاكمات سابقة ضد مؤسسات إعلامية كبرى مثل "سي إن إن"، "نيويورك تايمز"، و"واشنطن بوست"، إلا أن هذه التسوية تمثل أول فوز له في قضايا التشهير ضد وسائل الإعلام.
تفاصيل التسوية وأبعادها
أوضحت الصحيفة أنه بموجب التسوية، سيتعين على شبكة "ABC نيوز" دفع المبلغ لصالح مؤسسة ترامب الرئاسية المستقبلية، بالإضافة إلى ذلك، دفعت الشبكة مليون دولار لتغطية تكاليف الدفاع القانوني الخاصة بترامب.
و أصدرت "ABC نيوز" ومذيعها الشهير جورج ستيفانوبولوس بياناً مشتركاً، تم فيه الاعتذار عن التصريحات التي أدلى بها ستيفانوبولوس في مارس 2024 خلال مقابلة مع النائبة نانسي ميس، التي اعتبرت مسيئة لسمعة دونالد ترامب.
التحديات القانونية
أشار الخبراء في القانون الإعلامي إلى أن "ABC" كان بإمكانها الاستمرار في الدفاع عن نفسها في المحكمة بالنظر إلى العوائق القانونية التي تواجهها في قضايا التشهير، خاصة في القضايا التي تشمل شخصيات عامة.
وفي هذه النوعية من القضايا، يتعين على المدعي أن يثبت أن المعلومات التي تم نشرها كانت غير صحيحة، وأن الناشر كان على علم بكذبها أو كان لديه شكوك جدية بشأن دقتها، وتشكل هذه القيود القانونية تحدياً كبيراً للشخصيات العامة مثل ترامب، ما يجعل من الصعب عليهم الفوز في مثل هذه القضايا ضد وسائل الإعلام الكبرى.
موقف وسائل الإعلام الكبرى
قالت البروفيسورة رونيل أندرسن جونز، المتخصصة في قانون الإعلام بجامعة يوتا، إن وسائل الإعلام الكبرى تتجنب عادة تسوية القضايا المرفوعة ضدها من قبل شخصيات عامة أو مسؤولين حكوميين، خوفاً من أن تخلق سابقة قانونية قد تؤدي إلى تكرار هذه القضايا في المستقبل.
وأضافت أن وسائل الإعلام الكبرى تواجه اليوم ضغوطاً مالية متزايدة وتهديدات سياسية تجعلها أكثر تردداً في حماية حرية الصحافة أمام المحاكم، خاصة في القضايا التي تشمل شخصيات عامة.
توترات العلاقات بين ترامب و"ABC"
تخللت الحملة الانتخابية لعام 2024 توترات حادة بين ترامب وشبكة "ABC"، خاصة بعد تغطية المناظرة الوحيدة بينه وبين نائب الرئيس كامالا هاريس، وانتقد ترامب الشبكة علنياً بسبب تغطيتها، حيث اعتبر أن المحاورين ديفيد موير ولينسي ديفيس تمادا في تصحيح إجابات ترامب، مما جعله يشعر بأن التغطية كانت غير عادلة.
وأثار ترامب تساؤلات حول علاقات هاريس مع دانا والدن، الرئيس التنفيذي لشركة "ديزني"، المالكة لشبكة "ABC"، مشيراً إلى الروابط الشخصية بين والدن وهاريس، إلا أن "ABC" أكدت أن والدن لم يكن له أي دور في اتخاذ القرارات التحريرية المتعلقة بالتغطية الإعلامية.
تفاصيل القضية
في مارس 2024، رفع ترامب دعوى ضد "ABC" وستيفانوبولوس بسبب سؤال وجهه المذيع للنائبة نانسي ميس في برنامج "This Week" حول سبب دعمها لترامب رغم إدانته في قضية مدنية تتعلق بالاعتداء الجنسي.
وتعرض ترامب لإدانة من قبل هيئة محلفين في قضية متعلقة بالكاتبة إ. جان كارول، حيث قضت الهيئة بأن ترامب كان مسؤولاً عن التحرش الجنسي وإهانة كارول، ولكنها لم تجد أنه مسؤول عن جريمة الاغتصاب.
وفي إطار التسوية، تم الاتفاق على أن تضع "ABC" إشعاراً في أسفل المقالات الإلكترونية المتعلقة بالمقابلة مع النائبة ميس، يتضمن الاعتذار عن التصريحات التي أدلى بها ستيفانوبولوس.
تعليق ستيفانوبولوس
في مايو 2024، علق ستيفانوبولوس على القضية في برنامج "The Late Show with Stephen Colbert"، قائلاً: “للأسف، أصبح هذا جزءاً من الواقع الآن، ولكنني لن أتراجع عن أداء عملي بسبب تهديدات دونالد ترامب”. هذا التصريح لقي ترحيباً من الجمهور، حيث أظهر دعماً قوياً لحرية الصحافة ولإصرار الإعلاميين على أداء عملهم المهني على الرغم من التهديدات والضغوطات التي يواجهونها.
العلاقات بين ترامب ووسائل الإعلام
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من التسوية الحالية، يظل التساؤل قائماً حول العلاقات المستقبلية بين ترامب ووسائل الإعلام الكبرى، خاصة إذا فاز في الانتخابات المقبلة، وتظل قضايا التشهير أداة مهمة في معركته ضد الإعلام، ويبدو أن هناك تحولات في كيفية تعامل وسائل الإعلام مع هذه القضايا.
واختتمت بأنه من المحتمل أن تشهد هذه العلاقة مزيدًا من التوترات في المستقبل، ما يثير تساؤلات حول قدرة وسائل الإعلام على الحفاظ على استقلالها وحمايتها لحرية الصحافة في مواجهة القضايا القانونية المتزايدة.