رحلة البحث عن المفقودين تقود السوريين إلى خنادق الموت الجماعية

رحلة البحث عن المفقودين تقود السوريين إلى خنادق الموت الجماعية
مقابر جماعية في سوريا - أرشيف

بعد سنوات من الانتظار والأمل المفقود، بدأ سوريون في البحث عن أحبائهم الذين فُقدوا في السجون والمعتقلات، ليجدوا أنفسهم أمام مواقع يشتبه بأنها مقابر جماعية، يُعتقد أن النظام السابق دفن فيها ضحاياه.

قصص فقدان وألم

زياد عليوي، البالغ من العمر 55 عامًا، يقف قرب خندق عميق في بلدة نجهة جنوب شرق دمشق، يشير إلى موقع يُقال إنه يحتضن رفات شقيقيه، اللذان اختفيا بين عامي 2012 و2014، ما زالا في عداد المفقودين، ورغم البحث المضني، لم يحصل على أي دليل يؤكد مصيرهما، بحسب وكالة فرانس.

"نريد أن نعرف أين أحباؤنا...هل هم مدفونون هنا؟" يقول عليوي بحزن، مشيرًا إلى معاناة آلاف العائلات السورية التي تعيش على أمل العثور على إجابات.

ضعف الإمكانات ونداءات دولية

ومع افتقار سوريا إلى فرق متخصصة في التعامل مع المقابر الجماعية وحفظ الأدلة، يتزايد الضغط على المنظمات الدولية للمساعدة في نبش هذه المواقع وجمع العينات لتحليل الحمض النووي، وتتلقى فرق الدفاع المدني السوري، بخبراتها المحدودة، يوميًا بلاغات من السكان تفيد برؤية مواقع مشتبه بها.

ويوضح عمر السلمو، عضو مجلس إدارة الدفاع المدني في سوريا، أنهم تلقوا أكثر من مئة بلاغ عن مقابر جماعية منذ سقوط النظام، مضيفاً: "الناس تريد معرفة الحقيقة، لكن الإمكانيات محدودة، والمنظمات الدولية لم تتدخل بعد بشكل فعال".

جرائم ضد الإنسانية

وأكدت منظمة هيومن رايتس ووتش ضرورة تأمين الأدلة وحماية المواقع، ودعت إلى تعاون السلطات الانتقالية مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لضمان حفظ الأدلة التي قد تسهم في مساءلة الجناة.

وتعد مجزرة حي التضامن في دمشق، التي ظهرت في فيديو مسرب، واحدة من أبشع الجرائم التي وثقتها المنظمة، وتبرز الحاجة الملحة للتحقيق في هذا النمط المستمر من العنف.

الأمل في العدالة

وسط هذا المشهد، يتشبث السوريون بالأمل في أن تُحقق العدالة يومًا ما، "يستحق الضحايا أن تُعرف الحقيقة، وأحباؤهم أن يجدوا السلام"، تقول الباحثة هبة زيادين، مضيفة أن التأخير في التحقيق يهدد بفقدان الأدلة وضياع فرص المساءلة.

المأساة السورية، التي خلفت أكثر من نصف مليون قتيل وآلاف المفقودين، تُلقي بظلالها الثقيلة على حاضر ومستقبل سوريا، وتجعل من مهمة كشف الحقائق ومحاسبة المسؤولين أولوية إنسانية ودولية.

وكانت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) وفصائل حليفة لها، قد شنت هجوما واسعا انطلاقًا من شمال سوريا، تمكنت خلاله من دخول دمشق فجر الأحد 8 ديسمبر وإعلان إسقاط النظام بعد 13 عامًا من النزاع الدموي.

وأعلنت الهيئة تكليف محمد البشير، رئيس "حكومة الإنقاذ" السابقة في إدلب، بتولي رئاسة حكومة انتقالية، في خطوة تشير إلى بدء مرحلة جديدة في البلاد.

وتواجه سوريا واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث نزح نحو 6.6 مليون شخص داخل البلاد وهناك ما لا يقل عن 7.2 مليون لاجئ مسجل في البلدان المجاورة بخلاف آلاف المفقودين.

ويقع غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر ويعاني أكثر من 12,4 مليون شخص منهم من انعدام الأمن الغذائي ومن ظروف معيشية قاسية، في ظل اقتصاد منهك.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية