«فايننشال تايمز»: الصين تكثف جهودها لحث الشباب على الزواج والإنجاب

لمواجهة انخفاض معدلات المواليد

«فايننشال تايمز»: الصين تكثف جهودها لحث الشباب على الزواج والإنجاب
حفلات زواج جماعي في الصين- أرشيف

بدأت السلطات الصينية حملة واسعة لإقناع الشباب بالزواج والإنجاب، في إطار جهودها لمواجهة التحديات الناجمة عن انخفاض معدلات المواليد وارتفاع معدلات الشيخوخة.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، اليوم الأربعاء، اتصلت الحكومات المحلية بالنساء المتزوجات مباشرة للاستفسار عن خططهن للإنجاب، بينما قدمت حوافز مالية للأسر التي تنجب أكثر من طفل.

وأطلقت الجامعات برامج تعليمية جديدة تركز على "ثقافة الحب" لتشجيع الطلاب على إقامة علاقات طويلة الأمد، كما نشرت وسائل الإعلام الحكومية مقالات متكررة حول الفوائد الصحية والنفسية للإنجاب.

جاءت هذه الجهود في وقت تشير فيه الإحصائيات إلى انخفاض كبير في عدد السكان، حيث تجاوزت الوفيات عدد المواليد، مما شكل ضغطًا كبيرًا على السلطات لإيجاد حلول لهذه الأزمة.

حوافز مالية 

قدمت السلطات المحلية حوافز مالية مباشرة لدعم الأسر وتشجيعها على الإنجاب، ففي إحدى القرى بمقاطعة تشجيانغ، عرضت الحكومة إعانة مالية بقيمة 100 ألف يوان (ما يعادل 14 ألف دولار أمريكي) للأسر التي تنجب طفلًا ثانيًا، ورغم عدم وجود سياسة رسمية معلنة، أكدت بعض المصادر المحلية أن هذه الإعانات تُقدم بمرونة بناءً على طلب الأسر.

وكثفت الحكومة أيضًا جهودها من خلال الاتصال بالنساء المتزوجات في العشرينيات والثلاثينيات من العمر، حيث طلبت منهن التخطيط لفحوصات طبية تمهيدية للحمل. 

وعرض بعض المسؤولين حوافز إضافية للأسر التي تنجب أكثر من طفل، تُظهر هذه الإجراءات تصاعد القلق الحكومي بشأن تدني معدل الخصوبة، الذي يحتاج للوصول إلى 2.1 طفل لكل أسرة لتحقيق معدل الإحلال السكاني.

تعزيز ثقافة الزواج

أنشأت الجامعات الصينية برامج تعليمية تحت مسمى "دورات الحب" لتشجيع الطلاب على إقامة علاقات عاطفية تؤدي إلى الزواج، ركزت هذه البرامج على تقديم مواد تعليمية نظرية وتحليل حالات عملية لتعليم الطلاب أهمية العلاقات الزوجية ودورها في المجتمع.

واقترحت إحدى الدراسات التي أجرتها الجامعات أن 57% من الطلاب يعزفون عن الدخول في علاقات عاطفية بسبب ضغط الدراسة، وردًا على ذلك دعا المسؤولون الأكاديميون إلى تقديم دورات متخصصة تغطي "نظرية الحب" وأساليب إدارة العلاقات.

وروَّجت وسائل الإعلام الحكومية بشكل مكثف لفوائد الإنجاب من خلال مقالات وتقارير تدعو الأمهات إلى الإنجاب، فأشارت صحيفة الشعب اليومية إلى أن الإنجاب يُحسن الصحة النفسية والجسدية للأمهات، بينما أكدت مجلة لايف تايمز أن الإنجاب قد يساعد في الوقاية من بعض الأمراض المزمنة مثل السرطان.

تقديم مزايا ضريبية

وأكدت الحملات الإعلامية أيضًا أهمية بناء مجتمع "صديق للولادة" لتقليل المخاوف المرتبطة بتكاليف المعيشة ورعاية الأطفال، ودعت الحكومة إلى تقديم مزايا ضريبية وتحفيزات مالية للأسر لتعزيز البيئة الاجتماعية الداعمة للوالدين.

وشكك خبراء ديموغرافيون في قدرة هذه الجهود على تحقيق نتائج ملموسة، حيث  أشار أستاذ الديموغرافيا بجامعة كاليفورنيا، وانغ فنغ، إلى أن السلطات تعتمد نفس الأساليب الإدارية التي استُخدمت خلال فترة سياسة الطفل الواحد، والتي قد لا تكون فعالة في تشجيع السكان على الإنجاب.

وأوضحت الكاتبة النسوية شين يانغ أن تحسين البيئة الاجتماعية والمهنية للنساء، خاصة الأمهات العازبات، قد يكون أكثر تأثيرًا في زيادة معدلات الولادة، وأشارت أيضًا إلى أن التكاليف المعيشية المرتفعة والعقوبات المهنية التي تواجه النساء عند ترك وظائفهن للإنجاب تشكل عوائق رئيسية.

تحديات مستقبلية

تواجه الحكومة تحديات كبيرة في إقناع الجيل الجديد بالزواج والإنجاب، حيث يُعتبر هذا الجيل الأكثر تعليمًا في تاريخ الصين، وأكدت التقارير أن النساء الشابات يعانين من ضغوط اقتصادية ومهنية تجعل الإنجاب خيارًا صعبًا بالنسبة لهن.

ورغم عدم وجود دلائل على فرض قيود على وسائل منع الحمل أو الإجهاض، أكدت بعض المصادر الطبية أن رفض بعض الأطباء إجراء عمليات الإجهاض قد يعود إلى مخاوف قانونية من أفراد الأسرة.

وتستمر الصين في البحث عن حلول مبتكرة لمعالجة أزمتها الديموغرافية المتفاقمة، وسط دعوات لإعادة تقييم السياسات الداعمة للزواج والإنجاب بما يتناسب مع متطلبات العصر الحديث.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية