«الإيكونوميست»: الصين تلجأ لحوافز الاستهلاك للخروج من الأزمة الاقتصادية
«الإيكونوميست»: الصين تلجأ لحوافز الاستهلاك للخروج من الأزمة الاقتصادية
قالت مجلة "الإيكونوميست" إنه في الوقت الذي تكافح فيه الصين للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعصف بها، أصبحت الحوافز الاستهلاكية محورا رئيسيا للسياسات الحكومية الجديدة في مواجهة التحديات الداخلية مثل انخفاض ثقة المستهلك، وارتفاع مستويات الديون، وأثر جائحة كوفيد-19 على الاقتصاد، حيث تتجه الحكومة الصينية نحو تعزيز الاستهلاك المحلي باعتباره مفتاحا للتعافي والنمو المستدام.
وأضافت المجلة، في تقرير لها، اليوم الأربعاء، أن قادة الصين اجتمعوا في مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي بشهر ديسمبر لتقييم أداء الاقتصاد خلال العام الماضي وتحديد التوجهات المستقبلية، وشهدت هذه الاجتماعات مراجعة دقيقة للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي مرت بها البلاد، وسط تحديات داخلية وخارجية تؤثر على الاستقرار المالي والاجتماعي.
وانخفضت وتيرة نمو مبيعات التجزئة في نوفمبر بنسبة 3% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، بعد احتساب معدلات التضخم المنخفضة، لم يتجاوز التضخم في الفترة نفسها 0.2%، ما عكس حالة القلق المستمرة التي يشعر بها المستهلك الصيني، وفشلت ثقة المستهلك في التعافي منذ انهيارها في ربيع 2022 بفعل القيود الصارمة التي فرضتها سياسة "صفر كوفيد".
الاستعداد للحرب التجارية
واجهت الصين خطر اندلاع حرب تجارية جديدة مع الولايات المتحدة، حيث هدد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 60% على الواردات الصينية، أعقب ذلك تهديد بزيادة إضافية بنسبة 10% في حال عدم اتخاذ الصين خطوات لوقف تدفق المواد المستخدمة في تصنيع الفنتانيل.
وتوقعت تقديرات "سيتي غروب" أن تؤدي هذه الإجراءات إلى تقليص نمو الاقتصاد الصيني بنسبة تصل إلى 2.4 نقطة مئوية.
وسعى المسؤولون خلال المؤتمر إلى إيجاد سبل لتحفيز الإنفاق المحلي وتعزيز الاقتصاد لمواجهة التحديات المحتملة، وقد أظهرت التجارب السابقة قدرة الصين على مواجهة الأزمات، ففي 2008، ساعدت برامج التحفيز الحكومية الاقتصاد الصيني على تجاوز آثار الأزمة المالية العالمية، مستفيدة من قوة الشركات الحكومية وتوسع القطاع العقاري.
تخفيض أسعار الفائدة
اتخذت السلطات خطوات تدريجية لتحفيز الاقتصاد من خلال خفض أسعار الفائدة وتكاليف الرهن العقاري، إضافة إلى تقليل متطلبات الاحتياطي البنكي، لكن هذه الإجراءات لم تنجح في تحفيز الطلب على الائتمان بشكل كافٍ.
وتتردد البنوك في إقراض شركات التطوير العقاري، رغم إدراج العديد من المشروعات في "قائمة بيضاء" كضمان لاستمرارها.
الدَّين يعوق جهود التحفيز
أثرت مستويات الديون المرتفعة الناتجة عن برامج التحفيز السابقة على قدرة الحكومة الحالية في تنفيذ سياسات مماثلة، خفضت الصين الديون المستترة للحكومات المحلية، مما أدى إلى تقييد قدرتها على الإنفاق، وظلت البنوك حذرة في تمويل مشاريع البناء خوفًا من المخاطر المالية.
وقررت الحكومة في نوفمبر السماح للسلطات المحلية بإصدار سندات جديدة بقيمة 10 تريليونات يوان لإعادة تمويل الديون القديمة، وهو ما قد يوفر نحو 1.2 تريليون يوان في عام 2025، جاء هذا القرار ضمن توجه جديد يركز على تعزيز الإنفاق المحلي بدلاً من فرض انضباط مالي صارم.
تحسن سوق العقارات
شهد قطاع العقارات تحسنًا طفيفًا، حيث ارتفعت مبيعات المنازل الجديدة في نوفمبر لأول مرة منذ ثلاث سنوات، واستقرت أسعار المنازل القائمة بشكل ملحوظ، ما أعطى أملاً للمستهلكين الذين تعتمد ثرواتهم بشكل كبير على سوق الإسكان.
ووزعت بعض المدن قسائم تسوق إلكترونية لتحفيز الإنفاق على الأنشطة الترفيهية والمطاعم، ساعدت هذه الخطوات في زيادة مبيعات الأجهزة المنزلية بنسبة تجاوزت 22% في نوفمبر، والتزمت الحكومة أيضًا بزيادة المعاشات وإعانات التأمين الصحي لتحفيز المواطنين على تقليل الادخار وزيادة الإنفاق.
وأكد قادة الصين ضرورة "تعزيز الاستهلاك بقوة" كأولوية رئيسية، متجاوزين سياسات "الإصلاح الهيكلي من جانب العرض" التي سيطرت على الأجندة الاقتصادية منذ 2015، وتتطلب المرحلة المقبلة التركيز على تحفيز الطلب المحلي لضمان نمو مستدام في مواجهة التحديات الدولية.