«الغارديان»: المد والجزر والتآكل تحديات بيئية تهدد الحياة في بابوا غينيا الجديدة

«الغارديان»: المد والجزر والتآكل تحديات بيئية تهدد الحياة في بابوا غينيا الجديدة
تآكل الشواطئ والمد المرتفع في بابوا غينيا الجديدة- أرشيف

بدأ آلاف السكان بالنزوح من قراهم الساحلية بحثاً عن مأوى في الداخل جراء استمرار ارتفاع مستويات مياه البحر وتآكل الشواطئ في منطقة خليج بابوا غينيا الجديدة، لتكشف هذه الأزمة الإنسانية التحديات البيئية التي يواجهها السكان المحليون بسبب تغير المناخ.

وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، اليوم الثلاثاء، أنه من بين هؤلاء المهددين في بابو غينيا الجديدة، الصياد سيري جيمس (40 عاماً) الذي عاش طيلة حياته بالقرب من البحر في قرية صغيرة على شاطئ باريفا. جيمس، الذي نشأ وهو يتقن تقنيات الصيد وتوقع تقلبات الطقس، يجد نفسه الآن مضطراً للنزوح بعيداً عن الشاطئ مع أسرته بسبب المد والجزر المتزايد.

ويقول جيمس الذي يبدو محيراً أمام هذه التغيرات غير المألوفة: "الأمطار لا تهطل في وقتها المعتاد، والرياح تغيرت، والبحر يتزايد كل يوم".

أزمة إنسانية متفاقمة

وأفادت الصحيفة بأنه منذ عام 2015، اضطر نحو 40 ألف شخص من سكان منطقة كيريما إلى النزوح بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر وتآكل الرمال، بحسب ماي تريفور، مستشارة بلدية كيريما التي يعيش فيها نحو 80 ألف شخص، وتؤكد تريفور أن معظمهم بدؤوا بالانتقال إلى مناطق مرتفعة، مثل قمم الجبال، هرباً من تأثيرات المد والجزر.

يعتمد العديد من سكان المنطقة على الصيد وزراعة جوز الهند وجوز التنبول، لكن التغيرات في أنماط الطقس وارتفاع مستوى البحر جعلت من المستحيل الاستمرار في ممارسة هذه الأنشطة. 

ويقول أحد السكان المحليين، "أصبح من الصعب صيد الأسماك، والمحاصيل الزراعية تتضرر بسبب التغيرات المناخية".

وفي حديثه عن الأوضاع المأساوية في المنطقة، قال الناشط دونكان جابي إن تآكل شاطئ باريفا يهدد حياة ما بين 30 ألفًا إلى 40 ألف شخص، منوهاً بأن اقتراح استخراج الرمال في خليج أوروكولو يثير مخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة.

إجراءات حكومية 

أعرب وزير البيئة والحفاظ على البيئة وتغير المناخ، سيمون كيليبا، عن قلقه العميق بشأن الوضع، مؤكداً أن السلطات تعمل على معالجة هذه القضية من خلال الشراكات مع مختلف الإدارات الحكومية.

وأكدت ديبورا سونجي، القائمة بأعمال المدير الإداري لهيئة تنمية المجتمع في بابوا غينيا الجديدة، أن الوكالة تسعى لتقديم دعم للمجتمعات المتأثرة، مع ضمان أن أي شخص لن يتخلف عن الركب خلال هذه التحديات.

ويشعر الناشط جابي بالإحباط من قلة الإجراءات الفعالة لدعم السكان المحليين، محذراً من أن مشاريع استخراج الرمال المقترحة قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة بدلًا من حلها، مؤكدا أن "الحكومة كانت بحاجة إلى اتخاذ خطوات جادة للتكيف مع تغير المناخ منذ فترة طويلة".

التغيرات المناخية

شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة التطرف، مثل الطقس القارس والفيضانات القوية والمفاجئة وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات والملوثات.

وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية  وحركة الهجرة والأنشطة البشرية.

وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.

تحذير أممي

وحذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن "نصف البشرية يقع في منطقة الخطر، من جراء الفيضانات والجفاف الشديد والعواصف وحرائق الغابات"، مؤكداً أنه "لا يوجد بلد محصن".

وتؤكد الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الضرورة الملحة لمعالجة الآثار المكثفة لتغير المناخ وضمان التكيف والمرونة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

ووفقا لبيانات مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، فإن عدد الكوارث قد تضاعف تقريبًا منذ عام 2000، بينما تضاعفت الخسائر الاقتصادية الناتجة بمعدل 3 أضعاف، ويرجع ذلك أساسًا إلى تغير المناخ، وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري فقد تكون هناك زيادة بنسبة 40% في عدد الكوارث بحلول عام 2030.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية