«الإيكونوميست»: ارتفاع معدلات تعاطي المخدرات والجنس غير الآمن بين كبار السن
خاصة في المجتمعات الغنية
حذّرت مجلة الإيكونوميست في تقرير لها، من اتجاه مقلق يتصاعد بين كبار السن في المجتمعات الغنية، حول ارتفاع معدلات تعاطي المخدرات والانخراط في ممارسات جنسية غير آمنة.
وقالت المجلة البريطانية، أمس الجمعة، إن هذا التحول، الذي يُناقض الصورة النمطية الهادئة للتقاعد، يكشف عن تحديات اجتماعية وصحية جديدة تواجه هذه الفئة العمرية، ويطرح تساؤلات حول طبيعة الشيخوخة في العصر الحديث، ويُعدّ تحولًا جذريًا عن الصورة التقليدية للشيخوخة، ويُثير قلق الخبراء ويُسلّط الضوء على ضرورة فهم أعمق للتحديات التي يواجهها كبار السن في هذا السياق.
وأشارت المجلة، إلى أن مصطلح "مجتمع التقاعد" كان يقدم صورًا نمطية عن كراسٍ مريحة وطعام صحي تقليدي وبرامج تلفزيونية مملة، لكن مجتمع "مارغريتافيل" الذي يُبنى بالقرب من جزيرة هيلتون هيد في ساوث كارولينا، كسر هذه الصورة النمطية، حيث شهد المجتمع حفلات صاخبة بملابس تنكرية وعروضا موسيقية حية، وشبّه أحد سكانه الحياة فيه ببداية مرحلة جامعية جديدة، حيث يجتمع السكان لتناول المشروبات الكحولية.
تعاطي المخدرات والكحول
كشفت الدراسات عن ارتفاع معدلات تعاطي المخدرات والكحول بين كبار السن، وهو ما يتجاوز مجرد الاحتفالات العابرة، بينما ينشغل الشباب في الدول الغنية بهواتفهم الذكية ويعانون من مستويات قلق أعلى، ينتمي أجدادهم إلى جيل عرف تجارب مختلفة مع الجنس والمخدرات وموسيقى الروك آند رول، ولا يزالون يمارسون بعضًا من هذه العادات مع تقدمهم في العمر.
كما زادت الأمراض المنقولة جنسيًا بين كبار السن، شهدت الولايات المتحدة زيادة في معدل الإصابة بمرض السيلان بين من تزيد أعمارهم على 55 عامًا بأكثر من ستة أضعاف منذ عام 2010.
وأرجعت دراسة نشرت في مجلة "ذا لانسيت" ذلك إلى ثقافة العلاقات العابرة والجنس دون وقاية، إضافة إلى توافر أدوية لعلاج الضعف الجنسي، وشيوع العيش في مجتمعات التقاعد، وزيادة استخدام تطبيقات المواعدة المخصصة لكبار السن.
الإصابة بالأمراض في دول أخرى
رصدت دراسات مشابهة ارتفاعًا في حالات الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًا بين كبار السن في دول أخرى، ففي إنجلترا، وعلى الرغم من انخفاض طفيف في حالات الإصابة بالزهري بين الشباب حتى عام 2023، ارتفعت الحالات بين من تزيد أعمارهم على 65 عامًا بنسبة 31%، بعد أن شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في السنوات الخمس السابقة، ولم يشمل هذا الارتفاع حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، التي تشهد انخفاضًا عالميًا.
وفي الماضي، كان الشباب المتمرد على الأوضاع يقلق الساسة، أما اليوم، بات كبار السن يرهقون الخدمات العامة ويؤثرون على السياسات الوطنية ويساهمون في مشاكل اجتماعية متزايدة. بحسب المجلة.
ويزداد عدد كبار السن في الدول الغنية، ففي بريطانيا يشكلون أكثر من خُمس السكان، وهم يرغبون في الاستمتاع بحياتهم، يُعتبر الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و75 عامًا، أي جيل طفرة المواليد وجزء من الجيل X، "جيل المشاكل الجديد".
تغير أنماط استهلاك الكحول
كشفت استطلاعات الرأي عن تغير في أنماط استهلاك الكحول بين الأجيال، ففي الولايات المتحدة، انخفضت نسبة من يشربون الكحول من الفئة العمرية 18-34 عامًا من 72% إلى 62% خلال العقدين الماضيين حتى عام 2023، بينما ارتفعت النسبة بين من تزيد أعمارهم على 55 عامًا من 49% إلى 59%.
وأظهرت دراسات مشابهة اتجاهات مماثلة في دول أخرى، ففي أستراليا، ازدادت نسبة شرب الكحول بمستويات خطيرة بين كبار السن، وأصبحوا أكثر عرضة لذلك من غيرهم، أما في فرنسا، فقد انخفض استهلاك الكحول بين جميع الفئات، لكن الانخفاض كان أكبر بين الشباب.
ولم يقتصر الأمر على الكحول، بل ارتفع أيضًا استخدام مواد مخدرة أخرى بين كبار السن، ففي الولايات المتحدة، ازداد استخدام القنب بشكل كبير بين هذه الفئة، ربما بسبب قانونيته في معظم الولايات.
وفي إسبانيا، زادت نسبة من استخدموا الكوكايين من الفئة العمرية 55-64 عامًا ثمانية أضعاف خلال 15 عامًا، وفي إنجلترا، عاد بعض من هم في الخمسينيات من عمرهم إلى تعاطي المخدرات في المهرجانات.
تغير أنماط العلاقات الجنسية
شهدت معدلات الطلاق انخفاضًا عامًا في العالم الغني، لكنها ارتفعت بين المتقاعدين، ففي اليابان، ازداد عدد حالات الطلاق بعد 20 عامًا من الزواج في عام 2022، وفي هولندا، قفزت نسبة من أفادوا بنشاطهم الجنسي ممّن تزيد أعمارهم على 75 عامًا من 16% في 2014 إلى 27% بعد أقل من عقد.
وتميز جيل طفرة المواليد بالفوضى والتمرد، حيث نشأ أفراد هذا الجيل في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وشهدوا تغيرات اجتماعية كبيرة، وتوفرت لهم وسائل منع الحمل والإجهاض.
وهناك عوامل أخرى قد تساهم في هذا السلوك، منها الوضع المالي الجيد لكثير من المتقاعدين، حيث يمتلك ثلاثة أرباع من تزيد أعمارهم على 65 عامًا في بريطانيا منازلهم، إضافة إلى قلة المسؤوليات العائلية، بسبب انخفاض معدلات المواليد.
عواقب هذا السلوك
يُعتبر الإفراط في تعاطي المخدرات والكحول والجنس بين الشباب مؤشرًا على انحدار المجتمع، لكن الأمر يختلف مع كبار السن، ومع ذلك، فإن لهذا السلوك عواقب سلبية على الأفراد والمجتمع.
وقد يحتاج كبار السن إلى التذكير بمخاطر انتشار الأمراض المنقولة جنسيًا، خاصةً في ظل العلاقات العابرة، وقد أطلقت مؤسسات صحية حملات توعية لتشجيع كبار السن على إجراء فحوصات للأمراض المنقولة جنسيًا، بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية.
وتسبب تعاطي المخدرات في منتصف العمر في زيادة الوفيات، ففي إنجلترا وويلز، شكلت وفيات من تزيد أعمارهم على 50 عامًا أكثر من ثلث وفيات إساءة استخدام المخدرات في عام 2022، مقارنة بـ 13% قبل عقدين، كما ازدادت الوفيات الناتجة عن تعاطي الكوكايين بين كبار السن.
تورط كبار السن في الجرائم
يشكل كبار السن نسبة متزايدة من مرتكبي الجرائم، ففي الولايات المتحدة، تضاعفت نسبة من تم القبض عليهم من الفئة العمرية فوق 50 عامًا ثلاث مرات بين عامي 1992 و2022، كما ازداد تورط كبار السن في العنف السياسي.
وازدادت معدلات الانتحار بين من تتراوح أعمارهم بين 45 و65 عامًا في بريطانيا.