«مسؤول أممي»: سكان غزة يسعون للعودة لديارهم واستئناف عملهم
«مسؤول أممي»: سكان غزة يسعون للعودة لديارهم واستئناف عملهم
زار نائب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط والمنسق الأممي للشؤون الإنسانية في فلسطين، مهند هادي، قطاع غزة، الثلاثاء، وكشف عن التغير الملحوظ الذي طرأ على الوضع في القطاع مقارنة بزياراته السابقة.
ونقلت أخبار الأمم المتحدة، عن هادي أن السكان بدأوا في العودة تدريجيا إلى مناطقهم الأصلية، حيث قام البعض بتنظيف الشوارع والطرقات في خطوة إيجابية نحو إعادة الحياة إلى طبيعتها.
وأشار إلى أن هناك نوعًا من النظام بدأ يظهر في غزة، وهو ما كان غائبا في أوقات سابقة، وأكد أن هذه الزيارة كانت متميزة لعدة أسباب، لا سيما في ضوء ما شهده من تحركات تسهم في استعادة الحياة في غزة.
تغير الوضع في غزة
وفي تصريحاته التي نقلها عبر الفيديو من القدس إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك، أضاف هادي أن الوضع في غزة كان مختلفا تماما عن المرات التي زار فيها القطاع خلال الأشهر الأخيرة.
وقال: "كان لدى الأشخاص الذين التقيتهم مواقف جديدة تمامًا.. هناك شعور جديد بالتحرك نحو التعافي، وليس كما كانت الحال في الزيارات السابقة حيث كانت الأزمة مستمرة.. وكان هذا التحول في الوضع بمثابة إشراقة أمل بالنسبة للعديد من السكان الذين يطمحون إلى تغيير الوضع الراهن".
العودة إلى العمل
خلال زيارته، زار هادي مطبخا مشتركا تم دعمه من قبل برنامج الأغذية العالمي، حيث يتم توزيع الوجبات الجاهزة على الأسر التي تعاني من صعوبة في تأمين احتياجاتها الغذائية الأساسية.
التقى هادي العديد من أفراد الأسر الذين أبدوا تفاؤلا كبيرا إزاء المستقبل، وأعربوا عن رغبتهم في العمل والعودة إلى حياتهم الطبيعية، وأوضح أن هذه الأسر أبلغته بأنها لا تريد أن تبقى معتمدة على المساعدات الإنسانية، بل ترغب في العودة إلى ديارها وأنشطتها المدرة للدخل في أسرع وقت ممكن.
وأضاف أن أهالي غزة يشعرون بأنهم في مكان يمكنهم فيه البدء في عملية التعافي المبكر بأنفسهم، وهو ما يعكس إرادة قوية لدى السكان للتغلب على صعوبات الحياة.
وأشار هادي إلى أنه سمع من العديد من النساء في غزة عن معاناتهن بسبب ارتداء نفس الملابس منذ ما يقرب من 12 شهرا بسبب الظروف الصعبة التي يمرون بها، وهو ما يعكس الأوضاع المعيشية القاسية التي ما زالت تؤثر على حياة العديد من الأشخاص في القطاع. لكن رغم هذه التحديات، كانت الكلمات التي تلقاها هادي تعكس آمالاً متجددة في التحول نحو مرحلة جديدة من الاستقرار.
استئناف الأنشطة الاقتصادية
في إطار زيارته، تفقد هادي عددا من المنشآت الحيوية التي تضررت جراء النزاع المستمر، منها مستودعات المساعدات ومرافق لوجستية مهمة، للتأكد من أن قدرة الأمم المتحدة على تقديم الدعم تتماشى مع الحاجة الماسة في القطاع.
وزار مطحنة كانت قد تضررت قبل أحداث 7 أكتوبر 2023، حيث أبلغه صاحب المطحنة بأنهم يتطلعون إلى إعادة تشغيلها بأسرع وقت ممكن.
وأوضح أن عملية إعادة التشغيل تتطلب توفير الوقود وقطع الغيار، بالإضافة إلى القمح لبدء الطحن مرة أخرى، وأضاف أن هذه المنشآت تمثل شريان حياة بالنسبة للعديد من سكان غزة الذين يعتمدون عليها في الحصول على المواد الأساسية.
دور الإعلام الدولي
شدد هادي على ضرورة دخول الصحفيين والمراسلين الدوليين إلى غزة لتغطية الأوضاع بشكل حي ومباشر، وأوضح أن الوضع في غزة يتطلب تقارير ميدانية من داخل القطاع، معتبرا أن هذا الوقت هو الأنسب للمراسلين الدوليين لتقديم تقارير حية حول ما يحدث في غزة.
وأضاف أن هذه الزيارة تعد من أسعد أيام حياته المهنية، حيث أنه كان قد طالب مرارا وتكرارا بزيارة غزة في ظل الهدوء النسبي الذي ساد بعد وقف إطلاق النار.
وأوضح هادي أن الشراكة بين الوكالات الأممية وأهالي غزة قديمة وعميقة، وقد تم تعزيزها بشكل أكبر خلال فترة الحرب، وأنها ستظل قوية في المرحلة المقبلة خلال جهود إعادة إعمار غزة.
وقال إن سكان غزة طالبوا بمساعدات لتسهيل التعافي المبكر وإعادة بناء حياتهم من جديد، مشيرًا إلى أن العديد من الأسر ترغب في العودة إلى مناطقها ومنازلها التي هجرتها بسبب النزاع
تعزيز دور القطاع الخاص
أشاد هادي بدور القطاع الخاص في غزة وأكد ضرورة تعزيز هذا القطاع، حيث أبدى الجميع رغبة في الاعتماد على أنفسهم بدلاً من الاعتماد الدائم على المساعدات الإنسانية.
وأكد أن تحسين وضع القطاع الخاص سيسهم في تسريع عملية التعافي في غزة، مما سيسهم بشكل كبير في عودة الاستقرار للقطاع على المدى الطويل.
وقف إطلاق النار
تأتي هذه الزيارة في وقت حساس بعد التوصل إلى اتفاق هدنة بين الأطراف المتنازعة في غزة، والذي تم توقيعه في وقت لاحق من العام الماضي.
وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أعقاب تصاعد القتال في أكتوبر 2023، كان خطوة حاسمة نحو استعادة الهدوء في المنطقة وفتح المجال أمام العمليات الإنسانية.
ورغم أن الهدنة لا تزال هشة، فإن الزيارة التي قام بها هادي إلى غزة تمثل مؤشرا على التحسن التدريجي في الوضع الإنساني والاقتصادي في القطاع، وتبشر بفرص جديدة لإعادة الإعمار والتنمية.