الأمم المتحدة: تحديات إنسانية وصحية تهدد حياة الفارين من العنف بالكونغو
الأمم المتحدة: تحديات إنسانية وصحية تهدد حياة الفارين من العنف بالكونغو
أعلنت وكالات الأمم المتحدة عن تصاعد القلق بشأن الأوضاع المأساوية في مدينة غوما ومحيطها في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث أجبر القتال العنيف مئات الآلاف على الفرار من منازلهم، بما في ذلك 700 ألف شخص كانوا يقيمون في مخيمات للنازحين على أطراف المدينة.
وأكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أمس الثلاثاء، في مؤتمر صحفي من جنيف أن المدنيين يواجهون "تحديات لا يمكن تصورها"، في ظل تقارير عن وجود جثث في الشوارع وأعمال عنف متزايدة.
وأشار المتحدث باسم المكتب الأممي، يانس لاركيه، إلى تعرض المرافق الصحية والإنسانية لعمليات نهب، وإلى ارتفاع معدلات العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وذكر لاركيه أن المستشفيات في غوما تكافح لتوفير الرعاية الصحية للمصابين، بينما تعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وانقطعت خدمة الإنترنت منذ الاثنين الماضي، ودعا إلى فترات توقف إنسانية مؤقتة وممرات آمنة لتسهيل عمليات الإغاثة وإجلاء الجرحى، مشددًا على ضرورة إعادة فتح مطار غوما ونقاط الحدود مع رواندا للسماح للمدنيين بالفرار من العنف.
نقص حاد في الغذاء
وأوضحت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، شيلي ثاكرال، أن الأسر النازحة تواجه ظروفًا خطيرة، حيث أغلقت الطرق والموانئ، مما يدفع بعضهم إلى عبور بحيرة كيفو في قوارب مؤقتة محفوفة بالمخاطر، وأكدت أن القتال الشديد أدى إلى إفراغ مواقع النازحين في المناطق الأكثر تضررًا.
وذكرت ثاكرال أن نقص الغذاء وارتفاع الأسعار يهددان سكان غوما، إذ أغلقت الطرق الرئيسية المؤدية إلى المدينة، مما أدى إلى تقليص إمدادات الغذاء بشكل خطير.
وأشارت إلى أن الساعات المقبلة ستكون حاسمة مع نفاد الإمدادات الغذائية لدى العديد من السكان، في ظل عدم وضوح موعد استئناف المساعدات الإنسانية.
تحديات صحية تفاقم الأوضاع
واعتبرت منسقة الاستجابة الطارئة لدى منظمة الصحة العالمية، الدكتورة أدلهيد مارشانج، أن الوضع الصحي في غوما يتدهور بسرعة، حيث يملأ مئات المصابين بطلقات نارية وشظايا المستشفيات، مما يزيد من خطر الإصابة بعدوى ثانوية.
وأضافت أن النساء والفتيات يتعرضن لخطر متزايد من العنف الجنسي، بينما تواجه النساء الحوامل تحديات مضاعفة بسبب محدودية الرعاية الصحية وارتفاع معدلات وفيات الأمهات.
وذكرت منظمة الصحة العالمية أنها أرسلت قبل إغلاق المطار يوم السبت إمدادات طبية حيوية تشمل أدوية لعلاج الرضوح والوقاية من العدوى والكوليرا، كما قدمت خيامًا للمستشفيات لتوسيع قدراتها في التعامل مع الأعداد المتزايدة من المصابين.
وأكدت مارشانج أن العاملين الصحيين يتعرضون للخطر، حيث وردت تقارير عن إطلاق النار عليهم ووقوع المرضى، بمن فيهم الأطفال، في مرمى النيران المتبادلة، وذكرت أن الهجمات على المرافق الصحية تمثل انتهاكًا للقوانين الدولية، ودعت جميع الأطراف إلى حماية الرعاية الصحية.
انتشار الأمراض والأوبئة
أشارت منظمة الصحة العالمية إلى تفشي الكوليرا والحصبة بشكل كبير في المنطقة، وسجل شمال وجنوب كيفو العام الماضي أكثر من 21672 حالة كوليرا مع 59 وفاة، و11710 حالات حصبة مع 115 وفاة، ولا تزال الملاريا أحد الأسباب الرئيسية للوفاة.
وأكدت مارشانج أن انتشار الأمراض المعدية، بما في ذلك جدري القردة، يزيد من حدة الأزمة، وأوضحت أن المنطقة سجلت أكثر من 20 ألف حالة مشتبه بها من جدري القردة منذ عام 2024، بينها أكثر من 6 آلاف حالة خلال الأسابيع الستة الماضية.
وأشارت إلى أن استمرار العنف يجعل من الصعب تتبع الحالات وتقديم العلاج المناسب، خصوصًا مع تنقل السكان المستمر.
دعوات أممية لإنقاذ السكان
دعت الأمم المتحدة جميع الأطراف إلى احترام القوانين الدولية والالتزام بتوفير فترات توقف إنسانية للسماح بمرور المساعدات وإجلاء المدنيين.
وأكدت أن الحلول الفورية للأزمة الإنسانية في غوما تحتاج إلى تعاون دولي عاجل لضمان إنقاذ الأرواح ومنع انهيار الأوضاع بشكل أكبر.