«العودة قسرية».. هايتيّة تروي معاناة الترحيل من الدومينيكان إلى وطن لم تعرفه

«العودة قسرية».. هايتيّة تروي معاناة الترحيل من الدومينيكان إلى وطن لم تعرفه
هايتيّة تروي معاناة الترحيل

عاد آلاف الهايتيين من جمهورية الدومينيكان إلى وطنهم الأصلي حاملين معهم القليل من ممتلكاتهم وكثيرًا من الحيرة والخوف، بعد أن أجبرتهم السلطات الدومينيكية على المغادرة، هؤلاء المرحّلون، الذين عاشوا في الدومينيكان لسنوات طويلة، وجدوا أنفسهم فجأة في بلد لا يعرفونه جيدًا، يعاني من أزمات اقتصادية وأمنية متفاقمة.

ونشر موقع أخبار الأمم المتحدة في نسخته الفرنسية، قصة ميريل التي رحلتها السلطات من جمهورية الدومينيكان، البلد الذي نشأت فيه منذ أن كانت في الثامنة من عمرها إلى وطن لم تعش فيه أبدًا، كانت تتابع أخباره فقط.

وقفت ميريل تحت أشعة الشمس الحارقة في هايتي، ممسكة بحقيبة صغيرة تضم كل ما تبقى من حياتها السابقة، كانت حاملًا ومنهكة، غير متأكدة من وجهتها التالية، شعرت بالضياع عندما عبرت الحدود إلى وطن لم تعرفه، طوال سنوات غربتها، تابعت الأخبار عن تزايد عنف العصابات في هايتي، إلى جانب تدهور الأوضاع الإنسانية والسياسية والاقتصادية.. صرحت قائلة: “لقد تم ترحيلي إلى بلد لا أعرفه، وأنا عاجزة عن التأقلم”.

من الاستقرار إلى الترحيل

أمضى جيرسون وزوجته روزلين أكثر من 10 سنوات في جمهورية الدومينيكان، حيث بنيا حياتهما في مدينة لوما دي كابريرا بالقرب من الحدود الهايتية، عمل جيرسون كميكانيكي في ورشة صغيرة، حيث كان يُصلح السيارات والمعدات الزراعية، كان يعتز بعمله، قائلاً: "الناس كانوا يثقون بي، وكان عملي يوفر لعائلتي حياة كريمة".

أما روزلين، فقد أدارت شؤون المنزل وساهمت في دخل الأسرة عبر بيع الفطائر والموز المقلي للجيران، عاشا حياة بسيطة لكنها مستقرة، وكان ابنهما كينسون يدرس في مدرسة محلية، ما جعلهما يشعران بالأمل بمستقبل أفضل له.

وفجأة، اقتحمت السلطات الدومينيكية حياتهم، واقتيدت العائلة إلى شاحنة الترحيل، بينما تساءل كينسون ببراءة إن كانوا في رحلة سفر، لم يجد والده إجابة مناسبة لابنه، عبرت العائلة الحدود إلى هايتي وسط حالة من الفوضى، حيث امتلأت الطرقات بالعائدين الحائرين الذين لا يعرفون إلى أين يتجهون. 

ارتفاع أعداد العائدين

عاد أكثر من 200 ألف هايتي قسرًا إلى بلادهم في عام 2024، منهم 97% قادمون من جمهورية الدومينيكان، وخلال أول أسبوعين من يناير وحده، أُعيد نحو 15 ألف شخص إلى هايتي، ليواجهوا واقعًا شديد القسوة.

وتسيطر الجماعات المسلحة على أجزاء واسعة من البلاد، بما في ذلك الطرق الرئيسية في العاصمة بورت أو برنس، وأدى العنف المستمر إلى نزوح أكثر من 700 ألف شخص، اضطر العديد منهم إلى الإقامة في مدارس وكنائس مهجورة، حيث تنعدم الخدمات الأساسية مثل المياه والغذاء والرعاية الصحية.

وعلى الرغم من المعاناة، توفر بعض المنظمات الإنسانية دعمًا للعائدين، تعمل المنظمة الدولية للهجرة مع الشركاء المحليين لتقديم مساعدات طارئة تشمل الدعم النفسي والاجتماعي، والإحالات الطبية، وتوفير المستلزمات الأساسية مثل الملابس ومنتجات النظافة الشخصية.

وكما توفر الملاجئ المؤقتة مكانًا للإقامة للفئات الأكثر ضعفًا، بينما يجري لمّ شمل الأطفال غير المصحوبين بذويهم مع عائلاتهم، وفي حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي، يتم تقديم رعاية متخصصة للناجين.

المستقبل المجهول للعائدين

لا يزال المستقبل غير واضح للكثير من العائدين، الذين يواجهون صعوبة في إيجاد فرص عمل أو سكن مستقر، ومع ذلك، يظل جيرسون متمسكًا بالأمل، قائلاً: “سأجد طريقة للعمل، فكل ما أفعله هو من أجل أطفالي".

ويحظى عمل المنظمة الدولية للهجرة بدعم من جهات مانحة دولية، مثل مكتب المساعدات الإنسانية التابع للاتحاد الأوروبي (ECHO)، ووزارة الشؤون العالمية الكندية (GAC)، والوكالة الكورية للتعاون الدولي (KOICA)، لكن أمام حجم الأزمة، تبقى المساعدات محدودة مقارنة بالاحتياجات المتزايدة للعائدين الذين يكافحون من أجل بناء حياة جديدة في وطن يعاني من أزمات متفاقمة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية