«فايننشال تايمز»: مفاجآت ترامب تزيد من تعقيد المفاوضات التجارية مع الصين

مع اقتراب دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ

«فايننشال تايمز»: مفاجآت ترامب تزيد من تعقيد المفاوضات التجارية مع الصين
العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة

تتزايد التوترات بين الولايات المتحدة والصين في ظل سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تعتمد على تكتيكات مفاجئة قد تؤدي إلى تعقيد المفاوضات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.

ووفقا لتقرير نشرته "فايننشال تايمز"، اليوم الأحد، قد تؤدي هذه التصعيدات إلى إحياء الحرب التجارية، إلا إذا تمكن الطرفان من تهدئة الأوضاع قبل أن تدخل الرسوم الجمركية الجديدة التي تفرضها الصين على صادرات أمريكية بقيمة 14 مليار دولار حيز التنفيذ يوم الاثنين.

وفرض ترامب في الأسبوع الماضي رسماً إضافياً بنسبة 10% على السلع الصينية في محاولة للضغط على بكين لتكثيف جهودها في مكافحة تصدير مادة الفنتانيل إلى الولايات المتحدة والمكسيك، وفي حين ردت الصين بالإعلان عن فرض رسوم جمركية إضافية تتراوح بين 10 و15% على صادرات أمريكية تشمل الطاقة والمعدات الزراعية، أكد الخبراء أن هذه التكتيكات قد تكون دفعت بكين بعيداً عن طاولة المفاوضات.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن خبراء في الشأن الصيني قولهم إن الرئيس الأمريكي قدم مهلة زمنية ضيقة للغاية بين إعلان الرسوم وتنفيذها، وهي مهلة غير مقبولة في نظر القيادة الصينية.

ويرى بعض المحللين أن بكين ترفض الصفقات التجارية التي تُفرض تحت الضغط، وتؤكد ضرورة أن تتم المفاوضات على أساس من التكافؤ، ما يعني ضرورة الحوار المتوازن بدلاً من الإملاءات الأحادية.

وذكرت "فايننشال تايمز" أن بعض المراقبين كانوا يتوقعون أن تفتح الولايات المتحدة والصين قناة للتفاوض لتجنب تصعيد الوضع، إلا أن تصريحات ترامب الأخيرة توضح أنه لا يوجد تسرع في هذا المجال، حيث يعتبر أن الرسوم الجمركية الحالية هي "إشارة افتتاحية" وأن المزيد من الإجراءات قد تتبع إذا استمرت الصين في الرد بالمثل.

التوترات قد تتصاعد لمستوى أسوأ

قال الخبير في مركز التبادلات الاقتصادية الدولية بالصين، تشانغ يانشن، إن هذا التطور قد يكون بداية لمرحلة أكثر تعقيدًا من الحرب التجارية، وأضاف أن الوضع قد يتدهور بشكل كبير، مما يهدد بمزيد من التصعيد.

وكان بعض المحللين قد توقعوا أن تتمكن الصين والولايات المتحدة من إجراء محادثات لتجنب المواجهة الكبرى، خاصة بعد أن أشار ترامب في البداية إلى أنه يتوقع التحدث مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلا أن رده على الإجراءات الانتقامية الصينية كان مختلفًا، حيث أكد أنه "ليس في عجلة" وأن الرسوم الجمركية تشكل "إطلاق نار تمهيديا" مع وجود تدابير إضافية في المستقبل.

قال مسؤول في البيت الأبيض إن الولايات المتحدة على تواصل مستمر مع نظرائها في بكين، إلا أن السفارة الصينية في واشنطن ذكرت أنه لا توجد "تطورات جديدة" منذ إعلان الصين عن فرض الرسوم الانتقامية.

رفض الصفقات القسرية

قال الباحث في معهد الدراسات الأمريكية التابع للحكومة الصينية، ما وي، إن الصين لا ترغب في التوصل إلى صفقة تحت الضغط، بل تفضل إجراء محادثات تضمن العدالة والمساواة.

وأضاف أن تكتيك الولايات المتحدة في فرض رسوم جمركية مرتفعة أولاً، ثم مطالبة الصين بالتوصل إلى اتفاق، لا يتماشى مع رغبات بكين. 

واعتبر أن هذا التكتيك يشبه ما يعبر عنه مثل صيني قديم مفاده "التعامل مع العدو تحت الضغط عندما يكون على بوابة القلعة".

فرص الحوار لا تزال قائمة

أشار المحللون إلى أن رد الصين المحدود في هذه المرحلة، والذي شمل التحقيقات في قضايا مكافحة الاحتكار ضد شركات أمريكية مثل جوجل ونيفيديا، يوضح أن هناك مجالًا للمفاوضات.

وأكد المسؤولون الأمريكيون أن الهدف من الرسوم هو تقليص تدفق الفنتانيل من الصين، وهو ما يشكل تهديدًا للأمريكيين، خاصة فئة الشباب بين 18 و45 عامًا. 

ووفقًا لبعض الخبراء في بكين، فإن المفاوضات قد تكون قد توقفت بسبب مطالب ترامب بتعاون الصين في قضايا أخرى مثل الضغط على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، أو بيع منصة "تيك توك" لشركة أمريكية.

استراتيجية الانتظار والترقب

قالت الخبيرة في الشؤون التجارية ونائبة رئيس معهد سياسة آسيا، ويندي كاتلر، إن الصين ستتبع على الأرجح استراتيجية الانتظار والترقب قبل اتخاذ قرار بشأن الانخراط في المفاوضات.

وأضافت أن بكين قد تتطلع إلى مزيد من اليقين حول التأثيرات المستقبلية للرسوم الجمركية المتبادلة والرسوم القطاعية أو الشاملة.

وبالنسبة للصين، قد تكون المفاوضات في مثل هذه الظروف صعبة، خاصة عندما تتعلق القضايا بمواضيع حساسة مثل الحرب في أوكرانيا، والتي اتهمت فيها الولايات المتحدة الصين بمساعدة روسيا.

الصين مستعدة للتحمل

وقال الخبراء في بكين إن الصين قد تكون أكثر استعدادًا لتحمل تأثيرات الرسوم الجمركية هذه المرة مقارنةً بالماضي، فقد شكلت صادرات الصين إلى الولايات المتحدة حوالي 15% فقط من إجمالي تجارتها في العام الماضي، وهو ما يقل عن الحصة التي كانت تمثلها في السنوات السابقة.

وأوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة الأعمال والاقتصاد الدولية، جون غونغ، أن الحكومة الصينية قد تتبنى موقفًا يفيد بأن "الرسوم الجمركية ليست سلاحًا قاتلاً كما يظنها البعض في واشنطن".

تأثير سلبي على الاقتصاد الصيني

رغم استعداد الصين لتحمل الرسوم الجمركية، أشار بعض الاقتصاديين إلى أن الرسوم التي هدد ترامب بفرضها، مثل تلك التي اقترحها خلال حملته الانتخابية (بمعدل 60%)، ستؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الصيني.

ووفقًا لتقديرات كبير الاقتصاديين في غولدمان ساكس، هوي شان، فإن كل زيادة بنسبة 20 نقطة مئوية في الرسوم الأمريكية ستؤدي إلى انخفاض بنسبة 0.7 نقطة مئوية في نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين.

ورغم أن الصين قد تحاول تعويض بعض التأثيرات من خلال إجراءات مثل تخفيض العملة وحوافز للمستهلكين، فإن الأثر على النمو سيكون كبيرًا.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية