مشاركون في «القمة العالمية للحكومات» يطالبون بسرعة مواجهة التغير المناخي
مشاركون في «القمة العالمية للحكومات» يطالبون بسرعة مواجهة التغير المناخي
أكد مشاركون في جلسات القمة العالمية للحكومات 2025، التي اختُتمت الخميس في دبي بعد ثلاثة أيام من النقاشات، أن التغير المناخي يُعد التحدي الأكبر في المرحلة المقبلة، مشددين على ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة لمواجهته.
ودعا المشاركون في القمة، حكومات العالم إلى تبني منهجية مشتركة لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، مع تسخير التقدم التكنولوجي لحماية موارد الأرض، وفق وكالة الأنباء الإماراتية "وام".
وفي كلمتها شددت حرم الرئيس الفلبيني، لويز أرانيتا ماركوس، على ضرورة تضافر الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي، مؤكدة التزام بلادها بتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 75% بحلول عام 2030.
ولفتت إلى أن الفلبين من أكثر الدول تضرراً من التغير المناخي، حيث صنفت كأكثر الدول عرضة للمخاطر لثلاث سنوات متتالية وفق مؤشر المخاطر العالمي.
وسردت ماركوس قصة مؤثرة عن صياد فلبيني فقد عائلته بالكامل بسبب انهيار أرضي ناجم عن إعصار، مؤكدة أن "أزمة المناخ لها وجه إنساني، وليست مجرد أرقام وإحصائيات".
ودعت إلى تضامن عالمي عاجل، مشيرة إلى أن الحلول تكمن في الابتكار والتعاون الدولي وتبادل أفضل الممارسات والتقنيات لضمان تحول مستدام للطاقة.
الحياد الكربوني والصناعة المستدامة
ناقشت جلسة "هل يمكن للصناعة أن تصمد أمام مستهدفات الحياد الكربوني؟" التحديات التي تواجه القطاع الصناعي في تحقيق الاستدامة، بمشاركة الدكتورة آمنة الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة في الإمارات، وديفيد رالامبوفيرينجا، وزير التصنيع والتجارة في مدغشقر، وعبد الناصر بن كلبان، الرئيس التنفيذي لشركة الإمارات العالمية للألمنيوم.
وأكدت الضحاك أن تحقيق الحياد الكربوني يستلزم إشراك جميع الأطراف المعنية منذ البداية، مشيرة إلى أن وزارتها تبنت نهجاً تشاركياً من خلال استشارة القطاع الخاص، حيث تم تنفيذ حوار وطني موسع بمشاركة 140 شركة لوضع رؤية واضحة لمستقبل أكثر استدامة.
من جانبه، شدد رالامبوفيرينجا على ضرورة تبني استراتيجيات الاقتصاد الدائري، موضحاً أن مدغشقر تمتلك إمكانيات زراعية كبيرة يمكن استغلالها لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الانبعاثات الكربونية.
ولفت إلى أهمية تقليل إزالة الغابات وتعزيز استدامة الصناعات الاستراتيجية، مثل زراعة السكر، التي يمكن أن تتحول إلى نموذج بيئي متكامل عبر استخدام نفاياتها كمصدر للطاقة النظيفة.
مستقبل الألمنيوم الأخضر
بدوره، أوضح عبد الناصر بن كلبان أن شركة الإمارات العالمية للألمنيوم تعمل على تطوير "الألمنيوم الأخضر"، الذي يعتمد على الطاقة الشمسية، بهدف تقليل التأثير البيئي للصناعة، مؤكداً أن الابتكار المستمر هو المفتاح للحفاظ على كوكب مستدام للأجيال القادمة.
ركزت جلسة "المرونة في المجال الزراعي.. حلول عالمية للأمن الغذائي" على ضرورة التحول نحو الأغذية النباتية لمواجهة تغير المناخ وزيادة الطلب العالمي على الغذاء.
وأوضح توماس إيسترمان، الرئيس التنفيذي لشركة "غرين فورس"، أن التحول لا يتطلب تغييراً جذرياً، بل يمكن تحقيقه تدريجياً عبر استبدال وجبة واحدة أسبوعياً بلحوم نباتية.
وأشار إلى أن شركته طوّرت مسحوقاً نباتياً يتحول إلى "لحم المستقبل" عند خلطه بالماء، حيث يقلل الانبعاثات بنسبة 98% مقارنة باللحوم التقليدية، لكنه أقر بأن التحدي الأكبر يكمن في تغيير العادات الغذائية وإقناع المستهلكين بتجربة البدائل.
ثورة جديدة في الطاقة
في جلسة بعنوان "هل نحن على أعتاب ثورة طاقة جديدة؟"، أكد روبرت مومجارد، الرئيس التنفيذي لشركة "كومنولث فيوجن سيستمز"، أن التكنولوجيا الحديثة ستساعد في إطالة عمر موارد الوقود الأحفوري، مما يتيح التفكير في حلول أكثر استدامة دون استنزاف الموارد الطبيعية.
وناقشت جلسة "إعادة تقييم الطاقة النووية.. قرار حتمي أم خيار مستبعد؟" إمكانية الاعتماد على الطاقة النووية كمصدر نظيف.
وأوضح فرانكلين سيرفان– شرايبر، الرئيس التنفيذي لشركة "ترانسميوتيكس"، أن خفض الانبعاثات دفعه للبحث عن بدائل مستدامة، مشيراً إلى أن الطاقة النووية القائمة على الثوريوم، وليس اليورانيوم، تُعد خياراً آمناً وأقل إنتاجاً للنفايات المشعة طويلة الأمد.
استثمارات بيئية ضرورية
دعا سيرفان الحكومات إلى الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة، مؤكداً أن تبني الطاقة النووية النظيفة يمكن أن يكون خطوة حاسمة في التحول نحو مستقبل مستدام.
أكدت جلسات القمة العالمية للحكومات 2025 أن التحديات البيئية أصبحت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، مما يتطلب تكاتف الجهود العالمية لاعتماد حلول جذرية ومستدامة.
ومع التقدم التكنولوجي والابتكارات الجديدة في مجالات الطاقة والصناعة والغذاء، يبدو أن المستقبل قد يحمل فرصاً حقيقية للحد من آثار التغير المناخي وضمان بيئة أكثر استدامة للأجيال القادمة.