تقرير أممي: الإفلات من العقاب يؤجج انتهاكات حقوق الإنسان في السودان

تقرير أممي: الإفلات من العقاب يؤجج انتهاكات حقوق الإنسان في السودان
تردي الأوضاع الإنسانية في السودان

خلص تقرير صادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى أن استمرار الإفلات من العقاب أسهم في تصاعد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في السودان.

وأوضح التقرير الذي نشر، الثلاثاء، أن توسع رقعة القتال إلى مناطق جديدة، مع انخراط جهات مسلحة إضافية، أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، حيث دعا المجتمع الدولي إلى بذل جهود أوسع لضمان المساءلة ووقف تدفق الأسلحة إلى البلاد، وفق وكالة “فرانس برس”.

وثق التقرير الهجمات التي استهدفت المناطق المكتظة بالسكان، بما في ذلك مخيمات النازحين، والمرافق الصحية، والأسواق، والمدارس، كما سجل تنفيذ إعدامات ميدانية بدوافع عرقية، ما يعكس تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية.

وأبرز التقرير نمطا متكررا من الهجمات على المرافق الصحية، حيث وثق مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وقوع 9 هجمات استهدفت منشآت طبية في مدينة الفاشر خلال الفترة من 9 مايو إلى 23 يونيو 2024، نُسب معظمها إلى قوات الدعم السريع.

تحذير من جرائم حرب محتملة

أكد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أن استمرار الهجمات المتعمدة على المدنيين والمرافق المدنية، إلى جانب الإعدامات الميدانية والعنف الجنسي، يشير إلى فشل الأطراف المتحاربة في احترام قواعد القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.

وشدد على أن بعض هذه الأفعال قد ترقى إلى جرائم حرب، داعياً إلى تحقيق فوري ومستقل لضمان محاسبة المسؤولين عنها.

ودعا التقرير إلى توسيع نطاق التحقيقات لتشمل جميع المناطق المتأثرة بالنزاع، وليس فقط إقليم دارفور، كما أوصى المجتمع الدولي بتوسيع حظر الأسلحة وتمديد الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية لتشمل كامل السودان.

تزايد العنف الجنسي

كشف التقرير عن توثيق 120 حادثة عنف جنسي مرتبطة بالنزاع خلال الفترة من أبريل 2023 إلى نوفمبر 2024، شملت 203 ضحايا، من بينهم 162 امرأة و36 فتاة.

وأشار التقرير إلى أن العنف الجنسي بات أداة ممنهجة في النزاع، حيث تزامن انتشاره مع تصاعد القتال في مختلف أنحاء البلاد.

ورغم حجم الانتهاكات، أكد التقرير أن عدد الحالات المبلغ عنها لا يعكس الواقع الفعلي، نظراً للعوائق التي تواجه الضحايا، بما في ذلك وصمة العار، والخوف من الانتقام، والانهيار الحاد في البنية التحتية الطبية والقضائية.

وقال تورك إن استمرار استخدام العنف الجنسي كسلاح حرب في السودان أمر مروع، مطالباً جميع الأطراف باتخاذ إجراءات عاجلة لوقف هذه الجرائم وضمان محاسبة مرتكبيها.

استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان

رصد التقرير حالات واسعة من القمع، شملت استهداف الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ووثق مقتل 12 صحفياً، بينهم اثنان قضيا أثناء الاحتجاز، بالإضافة إلى اعتقال 31 آخرين تعسفياً، من بينهم 4 صحفيات، كما سجل التقرير اعتداءات متكررة على الناشطين الحقوقيين، ما يعكس تدهور الحريات المدنية في البلاد.

ووثق مكتب حقوق الإنسان مقتل أكثر من 4200 مدني في سياق الأعمال القتالية خلال العام الماضي، مشيراً إلى أن العدد الفعلي قد يكون أعلى بكثير بسبب التحديات الأمنية التي تعرقل عمليات التوثيق.

وفي إحدى أكثر الحوادث دموية، قتلت قوات الدعم السريع ما لا يقل عن 141 مدنياً وأصابت أكثر من 200 آخرين في هجوم على قريتي السريحة وأزرق بولاية الجزيرة في 25 أكتوبر 2024.

وشنت القوات المسلحة السودانية غارة جوية على سوق للماشية في الفاشر، شمال دارفور، في 4 أكتوبر 2024، ما أسفر عن مقتل 50 مدنياً وإصابة 150 آخرين.

دعوات لتعزيز المساءلة الدولية

أعرب فولكر تورك عن قلقه العميق إزاء استمرار القتال في الخرطوم والفاشر، مشدداً على ضرورة حماية المدنيين، خاصة الفئات التي تعرضت للتمييز المستمر. 

وأكد أن المساءلة، بغض النظر عن رتب الجناة أو انتماءاتهم، تمثل عنصراً أساسياً لكسر دائرة العنف والإفلات من العقاب في السودان.

ومن المقرر أن يُقدم التقرير إلى مجلس حقوق الإنسان في 27 فبراير، وسط دعوات متزايدة لاتخاذ تدابير دولية عاجلة لوقف الانتهاكات وضمان العدالة لضحايا النزاع.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية