مسؤولة أممية: الانقسامات وانتهاكات حقوق الإنسان تعرقل الاستقرار في ليبيا
مسؤولة أممية: الانقسامات وانتهاكات حقوق الإنسان تعرقل الاستقرار في ليبيا
أكدت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، أن ليبيا لم تحقق بعد حلمها في إقامة دولة مدنية ديمقراطية مزدهرة، رغم مرور 14 عامًا على ثورة فبراير، مؤكدة أن الانقسامات العميقة وسوء الإدارة الاقتصادية والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، إلى جانب المصالح المتنافسة محليًا ودوليًا، لا تزال تقوض وحدة البلاد واستقرارها.
ونقل موقع أخبار الأمم المتحدة، الأربعاء، عن ديكارلو، خلال إحاطتها لمجلس الأمن الدولي، أن الصراع على السيطرة على مؤسسات الدولة لا يزال يهيمن على المشهد السياسي والاقتصادي الليبي.
وشددت على أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) تعمل على إعادة إحياء العملية السياسية، وفق مبادئ الشمول والملكية الوطنية.
تحركات أممية
اتخذت بعثة الأمم المتحدة خطوات مهمة لمعالجة العراقيل التي تعترض المسار الانتخابي، وذكرت ديكارلو أن البعثة أنشأت لجنة استشارية مكونة من 20 خبيرًا ليبيًا مكلفين بتقديم توصيات لحل الخلافات المتعلقة بالتشريع الانتخابي، والتي كانت سببًا في تأجيل الانتخابات الوطنية.
وأكدت أن البعثة تعمل على تنظيم حوار بين الليبيين لتحديد سبل معالجة أسباب الصراع المستمر، بهدف بلورة رؤية وطنية شاملة لمستقبل البلاد.
وسهلت البعثة الأممية أيضًا مشاورات بين خبراء اقتصاديين ليبيين مستقلين لتحديد الأولويات والتحديات والحلول الكفيلة بتحقيق حوكمة اقتصادية سليمة، ومع ذلك اعترفت ديكارلو بعدم تحقيق أي تقدم ملموس بشأن اعتماد ميزانية موحدة أو التوصل إلى إطار إنفاق متفق عليه.
وأشارت إلى أن النزاع حول رئاسة المجلس الأعلى للدولة لا يزال معلقًا منذ ستة أشهر بسبب التقاضي والأحكام المتضاربة.
وفي ديسمبر الماضي، نجحت بعثة الأمم المتحدة في التوسط بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة للتوصل إلى اتفاق حول مشروع قانون المصالحة الوطنية، غير أن ديكارلو لفتت إلى أن التعديلات اللاحقة التي أجراها البرلمان أثارت مخاوف بشأن استقلال لجنة المصالحة الوطنية المستقبلية.
الوضع الأمني مصدر قلق
تفاقمت التهديدات الأمنية في ليبيا بسبب أنشطة الجماعات المسلحة غير النظامية وشبه النظامية، ما يعرض استقرار البلاد للخطر.
وأشارت ديكارلو إلى الهجوم المسلح الذي استهدف وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، عادل جمعة، في طرابلس، مطالبةً بإجراء تحقيق شفاف يضمن محاسبة المسؤولين عنه.
وفي ما يخص اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 2020، أوضحت ديكارلو أنه لم ينفذ بالكامل حتى الآن، مؤكدة أن الجهود الليبية الرامية إلى تنفيذ بنوده المتبقية تظل ضرورية لتحسين الوضع الأمني وإعادة توحيد وإصلاح المؤسسات العسكرية.
وعبرت عن قلقها إزاء استمرار الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري في مختلف أنحاء البلاد، داعية السلطات الليبية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء هذه الممارسات وضمان حقوق المعتقلين في محاكمة عادلة والدفاع القانوني.
المهاجرون في مرمى الخطر
تحدثت ديكارلو عن معاناة المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا، الذين يواجهون انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، من بينها التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية.
وأبرزت اكتشاف مقابر جماعية في منطقتي إجخرة والكفرة بعد عمليات أمنية استهدفت أوكار تهريب البشر، معتبرةً أن هذا الاكتشاف يعكس الخطر الشديد الذي يواجهه المهاجرون في ليبيا.
وطالبت ديكارلو بفتح تحقيق شامل ومستقل لضمان تقديم الجناة إلى العدالة، مشددة على ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لحماية المهاجرين والتصدي لظاهرة الاتجار بالبشر.
دعوة لكسر الجمود
أكدت ديكارلو الحاجة الملحة لإحراز تقدم في الملف الليبي، مشيرة إلى أن الاستقرار الهش للبلاد يواجه تهديدات متزايدة بسبب استمرار التنافس السياسي بين القادة الليبيين، وانتقدت الفشل في تقديم المصلحة الوطنية على الحسابات السياسية الضيقة.
وفي ختام إحاطتها، حثت ديكارلو أعضاء مجلس الأمن على دعم الممثلة الخاصة للأمين العام، هانا تيتيه، التي ستباشر مهامها في طرابلس، وذلك للمساعدة في كسر الجمود السياسي وإيجاد حلول للأزمة الليبية الممتدة، بما يسهم في توحيد المؤسسات الليبية وتمهيد الطريق لإجراء انتخابات وطنية شاملة.