بعد عقود من ظهورها.. أوضاع مأساوية لخيول العربات السياحية في جاكرتا

بعد عقود من ظهورها.. أوضاع مأساوية لخيول العربات السياحية في جاكرتا
الخيول المستخدمة لجر العربات السياحية- أرشيف

شهدت العاصمة الإندونيسية جاكرتا تدهورًا ملحوظًا في أوضاع الخيول المستخدمة لجر العربات السياحية، وسط مطالبات متزايدة بإنهاء هذه الممارسة.

ووفقا لتقرير نشرته "فرانس برس"، الاثنين، اصطفت خيول هزيلة مربوطة بأعمدة خشبية، في إسطبل متواضع يقع أسفل أحد الطرق السريعة، فيما تمر الشاحنات بالقرب منها، غير مكترثة بمصيرها.

وانحسر انتشار العربات التي تجرها الخيول، والمعروفة محليًا باسم "ديلمان"، بعد عقود من انتشارها خلال الحقبة الاستعمارية الهولندية، إلا أن بضع مئات منها لا تزال قيد الاستخدام، خصوصًا في الجولات السياحية.

رغم المظهر التقليدي الجذاب للعربات ذات الألوان الزاهية والأجراس المتناغمة، فإن معاناة الخيول التي تجرها لا يمكن تجاهلها.

دخل متدنٍ ومعاناة يومية

عبّر سوتومو، وهو سائق عربة يبلغ من العمر 52 عامًا، عن معاناته اليومية في ظل الدخل المحدود، وقال في حديث لوكالة فرانس برس: "الحمد لله، على الأقل هنا الخيول محمية من حرارة الشمس والمطر".

وأوضح أن رحلته التي تمتد 4.5 كيلومتر حول معلم "موناس" الشهير لا تحقق له سوى 50 ألف روبية (نحو 3 دولارات) مرتين أو ثلاث مرات يوميًا.

واعتمد سوتومو في تغطية نفقات معيشته على دعم ابنه الذي يعمل في إحدى الشركات، لكنه أكد أن تدني الدخل أثر سلبًا على قدرة العائلة على تأمين الغذاء الكافي للحصان.

وأشار إلى أن العديد من أصحاب الخيول يواجهون الصعوبات ذاتها، مما يترك الخيول في حالة من الهزال والإهمال.

إهمال صحي وبيئة قاسية

رصدت منظمة "شبكة جاكرتا لمساعدة الحيوانات" (JAAN) تدهور أوضاع الخيول، مؤكدة أن نحو 200 حصان لا يزال في الخدمة في نحو 20 إسطبلًا. 

وأوضحت كارين فرانكن، المؤسسة المشاركة للمنظمة، أن أوضاع الخيول سيئة للغاية، لافتة إلى أن أحد الإسطبلات يضم 15 حصانًا محاطًا بالقمامة والحطام البلاستيكي، بجوار نهر ملوث تنبعث منه روائح كريهة.

وأضافت فرانكن أن بعض سائقي العربات ما زالوا يلجؤون إلى ممارسات قاسية، مثل ثقب عضلات الخيول بعصي الخيزران وتمرير حبل داخلها، معتقدين أنها تساعد في "تنظيف الدم"، وهي ممارسة تعكس غياب الرعاية البيطرية السليمة.

قوانين غير مطبقة

رغم وجود قانون وطني لحماية الحيوانات، فإن الضوابط الرقابية تظل محدودة، ما يتيح استمرار الإهمال وسوء المعاملة.

وأكدت مديرة وكالة الأغذية والبحرية والزراعة في جاكرتا، سوهاريني إلياواتي، التزام السلطات المحلية برعاية الحيوانات، لكنها أشارت إلى نقص الموارد اللازمة لتوفير الخدمات الطبية البيطرية المجانية.

وأوضحت إلياواتي أن الدعم الخارجي ضروري لضمان رعاية الخيول بشكل أفضل، لكنها شددت في الوقت ذاته على أن أصحاب الخيول يتحملون مسؤولية الامتثال لقواعد حماية الحيوان.

محاولات للإصلاح ورفض للتغيير

سعت منظمة JAAN إلى تقديم رعاية بيطرية مجانية للخيول، مقابل تدريب سائقي "الديلمان" على تحسين معاملتهم لها، إلا أن العديد منهم رفضوا ذلك، مبررين موقفهم بالتقاليد أو بالمشكلات المالية، وأكدت فرانكن أن هؤلاء بالكاد يستطيعون إعالة أنفسهم وأسرهم، مما يجعل الاعتناء بالخيول أمرًا صعبًا.

وفي المقابل، أبدى بعض السائقين الشباب استعدادهم للانتقال إلى مهن أخرى مثل قيادة دراجات الأجرة، بينما تمسك الأكبر سنًا بمهنة قيادة عربات "الديلمان"، باعتبارها المصدر الوحيد لدخلهم.

وقال نوفان يوغي بريهاتوكو، أحد السائقين، إنه يحقق ما يصل إلى 150 ألف روبية (نحو 9 دولارات) يوميًا، مؤكدًا أنه يحب الحيوانات ولا يرى سببًا للتخلي عن هذه المهنة.

يتواصل الجدل حول مصير هذه العربات التقليدية في ظل الدعوات المتزايدة لإنهائها، وبينما يستمر أصحابها في استغلالها لكسب قوت يومهم، تظل الخيول تعاني في بيئة غير إنسانية، وسط غياب واضح للحلول المستدامة التي تضمن حقوق الحيوان وتحمي في الوقت ذاته مصدر رزق سائقي العربات.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية