إندونيسيا تسجل أول انخفاض سنوي في أسعار المستهلك منذ 24 عامًا
إندونيسيا تسجل أول انخفاض سنوي في أسعار المستهلك منذ 24 عامًا
سجلت إندونيسيا، أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، أول انخفاض سنوي في أسعار المستهلك منذ أكثر من عقدين، مدفوعة بتراجع أسعار الكهرباء وبعض السلع الغذائية الأساسية.
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية، أن هذا التطور قد يفتح الباب أمام البنك المركزي الإندونيسي لتخفيف سياسته النقدية عبر خفض أسعار الفائدة، شريطة استقرار سعر صرف الروبية.
وبحسب بيانات مكتب الإحصاء الإندونيسي الصادرة الاثنين الماضي، تراجعت أسعار المستهلك بنسبة 0.09% خلال فبراير 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو أول انخفاض سنوي منذ مارس 2000.
وكانت التوقعات تشير إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 0.04%، وفقًا لمسح أجرته وكالة "بلومبرج"، ما يعكس تراجعًا أكبر من المتوقع في التضخم.
أسباب التراجع
يعود الانخفاض في أسعار المستهلك إلى عدة عوامل، أبرزها تراجع المؤشر الفرعي لأسعار السكن والمياه والمرافق والوقود المنزلي بنسبة 12% سنويًا، نتيجة قرار حكومي بخفض أسعار الكهرباء لبعض الفئات حتى نهاية الشهر الماضي.
وشهدت أسعار بعض السلع الغذائية الأساسية مثل الأرز والطماطم والفلفل الأحمر انخفاضًا ملحوظًا، ما أسهم في تراجع الأسعار للشهر الثاني على التوالي.
وبفعل هذا التراجع، انخفض معدل التضخم السنوي إلى ما دون النطاق المستهدف لبنك إندونيسيا المركزي، والذي يتراوح بين 1.5% و3.5% خلال العام الحالي، ما يعزز التوقعات بأن السلطات النقدية قد تتجه نحو تخفيف السياسات النقدية لدعم الاقتصاد.
استمرار التضخم الأساسي
على الرغم من الانخفاض العام في الأسعار، استمر التضخم الأساسي -الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة نظرًا لتقلباتها الحادة- في الارتفاع؛ مسجلًا 2.48% بسبب ارتفاع أسعار بعض السلع مثل الجواهر الذهبية وزيت الطهي.
ويشير ذلك إلى أن بعض القطاعات ما تزال تشهد ضغوطًا تضخمية رغم التراجع العام للأسعار.
وفي سوق الصرف، ارتفعت الروبية الإندونيسية لأول مرة منذ خمسة أيام، مدعومة بتحسن الثقة الإقليمية وبدء تطبيق قواعد معدلة تُلزم مصدري الموارد الطبيعية بإبقاء حصيلة النقد الأجنبي داخل البلاد لمدة عام.
ومع ذلك، تظل الروبية من بين أسوأ العملات أداءً في آسيا، حيث فقدت 2.32% من قيمتها منذ بداية العام الحالي، ما يثير تساؤلات حول استقرارها في الفترة المقبلة.
تداعيات اقتصادية محتملة
تاريخيًا، لعبت معدلات التضخم دورًا رئيسيًا في توجيه السياسات الاقتصادية في إندونيسيا، ففي الأزمة المالية الآسيوية عام 1997، شهدت البلاد ارتفاعًا حادًا في التضخم نتيجة انهيار العملة المحلية، ما تسبب في اضطرابات اقتصادية وسياسية.
أما في عام 2000، عندما سجلت البلاد آخر انخفاض سنوي في الأسعار، كانت إندونيسيا تتعافى من تبعات تلك الأزمة، ما دفع الحكومة إلى تبني سياسات إصلاحية صارمة لدعم الاستقرار الاقتصادي.
واليوم، مع تسجيل أول انخفاض سنوي في الأسعار منذ ذلك الحين، يواجه صناع القرار معضلة بين دعم الاقتصاد عبر تخفيف السياسة النقدية، وبين ضمان استقرار العملة وتجنب هروب رؤوس الأموال.
وقد يكون استقرار الروبية العامل الحاسم في تحديد ما إذا كان البنك المركزي سيقدم على خفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة.
مستقبل الاقتصاد الإندونيسي
رغم التراجع في التضخم، تبقى التحديات الاقتصادية قائمة، ولا سيما في ظل تقلبات العملة وضعف الطلب المحلي على بعض السلع.
ومع استمرار الحكومة في مراقبة الأسواق من كثب، قد نشهد مزيدًا من الإجراءات لدعم الاستهلاك وتحفيز النمو الاقتصادي خلال الفترة المقبلة.