تقرير أممي: جائحة كورونا تكشف حجم الفساد حول العالم
تقرير أممي: جائحة كورونا تكشف حجم الفساد حول العالم
يشكل الفساد تهديدا متزايدا لاستقرار المجتمعات وأمنها، ويغذي المظالم الاجتماعية والسياسية من خلال تعزيز عدم المساواة والظلم وتحوير القرارات الحكومية وحرمان الدولة من موارد حيوية، ما يقوض توفير الخدمات العامة الأساسية.
جاء ذلك في تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، حول الحلقة الدراسية للخبراء بشأن تعزيز وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خلال جهود مكافحة الفساد في سياق التعافي من جائحة فيروس كورونا، المقدم لمجلس حقوق الإنسان في دورته الـ58 التي تتواصل فعالياتها حتى 4 أبريل المقبل، واطلع "جسور بوست" على نسخة منه.
وقالت المفوضية في تقريرها، إن الفساد حوّل مؤسسات الدولة إلى آليات لتحقيق مكاسب خاصة، وعلاوة على ذلك، يقوض الفساد إلى حد بعيد قدرة الدول على الوفاء بالتزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وحمايتها، إذ يضيق الحيز المالي المتاح لها جراء تقليص الموارد المخصصة لإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهو منحى لوحظ كثيرا في فترة التصدي لجائحة كوفيد-19 والتعافي منها.
وبحسب التقرير، فإن الفساد ليس جريمة بلا ضحايا، فكل شرائح المجتمع تتأثر به، بما في ذلك الأفراد والمجتمعات المحلية والأعمال التجارية والمؤسسات العامة، وتتأثر به على نحو أكبر الفئات المهمشة والضعيفة، بمن في ذلك الأشخاص ذوو الإعاقة والمهاجرون والأطفال والشباب وكبار السن والشعوب الأصلية والأقليات العرقية، الأمر الذي يزيد تعميق أوجه عدم المساواة وعرقلة التنمية الشاملة.
وفي الآونة الأخيرة، ألزم ميثاق المستقبل الدول بتعزيز الجهود الجارية لمنع ومكافحة التدفقات المالية غير المشروعة والفساد وغسل الأموال والتهرب الضريبي، فضلا عن القضاء على الملاذات واستعادة الأصول المتأتية من هذه الأنشطة غير المشروعة.
وأضافت المفوضية أنها كثفت على مدى السنوات السابقة أنشطتها الرامية إلى زيادة الوعي بالأثر السلبي للفساد على حقوق الإنسان، وقدمت الدعم التقني وبناء القدرات والدعم التشريعي إلى مبادرات بشأن مكافحة الفساد، وعززت تعاونها مع الدول الأعضاء والهيئات الوطنية لمكافحة الفساد والمجتمع المدني ومختلف أصحاب المصلحة الآخرين من أجل المساعدة في مكافحة الفساد من خلال نهج يركز على حقوق الإنسان والضحايا.
وأوضح التقرير أن ثمة صلة حاسمة بين جهود مكافحة الفساد وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهو ما كشفته جائحة كوفيد-19 من مواطن ضعف في أنظمة ومؤسسات الرعاية الصحية، ما أوجد أرضية خصبة لازدهار الفساد.
ولاحظت هيئة مراقبة مكافحة الفساد في أوروبا، أن تفشي جائحة كوفيد-19 زاد من مخاطر الفساد في القطاعين العام والخاص على حد سواء، لا سيما على صعيد المشتريات العامة والبحث والتطوير في مجال المنتجات، والإغاثة في حالات الطوارئ.
وشكّلت الجائحة وفقا للتقرير، فرصة سانحة لظهور شركات فاسدة، وحيثما تقع جائحة أو أزمات أخرى، تبرز الحاجة إلى توخي المزيد من اليقظة إزاء احتمال تصاعد الفساد بسبب عدم الاستقرار.
ونوّه التقرير ببعض الأمثلة، ومنها تزايد حالات المساءلة في كولومبيا بسبب مشاركة المواطنين وعملهم.. فخلال جائحة كوفيد-19، أدى ذلك إلى مزيد من الشفافية والرقابة على المشتريات العامة والنفقات العامة، وشكّل الانخراط في العملية ومشاركة المجتمع المدني وسيلة أتاحت للمجتمع المدني تعزيز آليات الشفافية القائمة أو المزمع إنشاؤها.
وأبرز التقرير التفاوت بين قدرات الدول في التصدي للفساد عبر الحدود وما يرتبط به من تدفقات مالية غير مشروعة، وطلب الخبراء والمشاركون من المفوضية وغيرها من المنظمات العاملة في هذا الصدد أن تواصل تقديم المساعدة لأغراض بناء القدرات والمساعدة التقنية إلى الدول الأعضاء، لا سيما تلك التي تحتاج إليها، لتعزيز قدراتها في التصدي للفساد.